مع اقتراب إطلاق قوات سوريا الديمقراطية المعركة النهائية لطرد تنظيم «داعش» من معقله الأبرز في سوريا، يحلم فارّون من الرقة في شمالي البلاد إلى أحد المخيمات، بالاحتفال بعيد الفطر في مدينتهم.ويستضيف مخيم عين عيسى الواقع على بعد 50 كيلومترا شمال الرقة، يوميا وفود الفارين من مدينة الرقة مع تقدم قوات سوريا الديمقراطية في اتجاهها. ويعاني النازحون من أوضاع معيشية صعبة زادت حدتها نتيجة ارتفاع درجة الحرارة وبدء الصوم في شهر رمضان. ويفترش البعض منهم الأرض ويمضي ليالي صعبة في العراء. وتقول سلوى أحمد (33 عاما) «وصلت إلى هنا منذ 20 يوما، وما زلت أنام على الأرض. أصيب أطفالي بالإسهال بسبب النوم على الأرض». وتضيف «المخيم نار، وحين ينتهي النهار تشعر وكأنك مت»، في إشارة إلى ارتفاع الحرارة التي تصل إلى 40 درجة مئوية. وتتحسر سلوى على أيام رمضان التي كانت تقضيها في منزلها بين أهلها وجيرانها، وعلى الوجبات المتنوعة التي كانت تطبخها للإفطار. وتروي سلوى التي لفت رأسها بوشاح أسود «الفرق كبير بين رمضان المخيم والأيام السابقة». وتتذكر سلوى «في المنزل كنا نصنع مئة نوع من الطعام، أما هنا فنطبخ أكلة واحدة فقط، وأحياناً لا نطبخ حتى وننتظر الوجبة الصغيرة التي يقدمونها في المخيم». وتضيف «نتمنى أن نعود إلى الرقة ونحتفل بالعيد في بيتنا فيفرح الأطفال به، لأن الفرحة ماتت في قلوب البشر».ويبدو التعب واضحا على وجوه سكان المخيم في هذه المنطقة الصحراوية، ويجلس البعض في خيم بيضاء عليها شعار مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ويفترش آخرون الأرض بانتظار الحصول على خيمة. ويلعب الأطفال من حولهم أو يساعدون أهلهم في نقل الأغراض أو تعبئة المياه. وتقرأ امرأة القرآن في إحدى الخيم. وفي خيمة أخرى تقوم مجموعة من النساء بتقشير وتقطيع البطاطس، والى جانبهنّ أكياس من الخبز. ويستظل إبراهيم محمد سعيد، الرجل الأربعيني، بظل جدار مركز طبي. ويقول الرجل ذو اللحية السوداء الخفيفة والعيون العسلية، «الظروف كانت صعبة جدا في الرقة، لكني وصلت إلى هنا منذ ستة أيام وما زلنا ننام على الأرض، لم نتسلم حتى فرشاً». ويضيف «لم نتسلم أي شيء حتى الآن». ويقول إن زوجته أنجبت في المخيم، وتحتاج إلى تغذية صحية، بينما تعتمد على البندورة والخيار، بحسب قوله. واختار إبراهيم عدم الصوم بسبب الوضع السيئ، مشيرا إلى أن عائلته المؤلفة من 14 فرداً تتلقى خلال رمضان ربطتين من الخبز وصنفا واحدا من الطعام.في المخيم، أمهات يضعن الأقمشة المبللة على رؤوس أطفالهنّ لتخفيف وطأة الحرارة المرتفعة، وامرأة تغسل ابنها مستعينة بالصابون ودلو من المياه وضعته جانبا قرب خيمتها.وفي مكان قريب، يقف رجال في طابور طويل ينتظرون انتهاء التدقيق الأمني الذي يتيح لهم الدخول إلى المخيم. ويبكي رمضان البكو (38 عاما) وهو يتذكر العيد في مدينته الرقة. ويقول «أجواء العيد في الرقة حلم لأي شخص بعيد عنها»، مضيفا «في أي ساعة تتحرر فيها الرقة حتى لو بعد منتصف الليل إن شاء الله سأعود إليها. من لا يحب أن يعود إلى منزله؟ أن يفرح ابنه بملابس العيد، أو أن يزور صديقه في العيد؟». ويتساءل الرجل الأسمر ويرتدي عباءة رمادية «هل يعقل أن يكتب الله لي العمر لأحتفل بعيد الفطر في الرقة؟»، قبل أن يضيف «هذا حلم كل شخص». (أ ف ب)
مشاركة :