وثيقة حماس.. خطوة ضرورية ولكنها ليست كافية!

  • 6/6/2017
  • 00:00
  • 20
  • 0
  • 0
news-picture

أخيرا قررت حماس أن تخرج من تكلسها وجمودها السياسي وشعرت أنه لا مجال للبقاء إلا بالتفاعل ومواكبة المتغيرات وإلا أصبحت خارج التاريخ. حماس فرع من فروع جماعة الإخوان المسلمين التحقت بالدفاع عن فلسطين سلميا وعسكريا في منتصف الثمانينيات في حين أن الفصائل الأخرى بدأت حراكها الوطني منذ الستينيات. حماس أصدرت وثيقة جديدة لها وأثارت فيها نقطة مهمة وهي إعلانها رسميا بقبول إقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة على خطوط 4 يونيو/ حزيران 1967، مع عودة اللاجئين وعاصمتها القدس. عندما تعلن حماس عدم ارتباطها بحركة الإخوان المسلمين، وعدم الإتيان على ذكر أي رابط تنظيمي ما بينهما وأنها مجرد حركة تحرر ومقاومة وطنية وإسلامية، فهذا يعني أنها انسلخت من هاجس الأدلجة وربطت بين الوطني والإسلامي وأفسحت الأولوية للوطني وهذا الجديد في الأمر. البعض اعتبرها خطوة متأخرة تجاوزها الواقع السياسي والبعض الآخر اعتبرها مقاربة متحفظة مع الموقف السياسي الفلسطيني السائد. حركة فتح مثلا اعتبرت هذا الموقف هو الذي خرجت به الفصائل الفلسطينية منذ ثلاثين عاما، حينما أقرت بقبولها بدولة فلسطينية على حدود 67. تجدر الإشارة هنا أن نشاط حماس عند نشأتها كان مقتصرا على الدعـوة في حين أن الفصائل الأخرى كانت في خضم العمل المسلح. حماس قامت بخطوة للأمام لكنها معنية اليوم، أكثر من أي وقت مضى، بإعادة التفكير في طبيعة علاقاتها ببعض القوى الإقليمية وتصويب مسارها السياسي بقبول المبادرة العربية والبقاء في الحضن العربي.. ومع ذلك نتساءل هنا: لماذا كان إعلان الوثيقة من الدوحة وليس من غزة مثلا؟ وعندما يقول مشعل إنها خضعت لتدقيق مراجع قانونية هل يعني ذلك أن معايير طبقت بشأنها لتحظى باعتماد وموافقة دول ومراجع كبرى؟ أسئلة مشروعة تبحث عن إجابات. يبدو أن حماس تحتاج أن تفسر للجميع هذه الصحوة المتأخرة واكتشافها فجأة لمسلكية لم تكن ناجعة في حين أن أطرافاً أخرى سبقوها في الكفاح المسلح، أدركوا مبكرا أن القضية ليست بحثا عن أضواء أو تراكم خسائر للشعب الفلسطيني بل تحكمها عوامل عدة ليس المواجهة المسلحة منها. الوثيقة الجديدة أبرزت تمييز حماس بين اليهودية كديانة وبين المشروع الصهيوني، وهذه نقطة مثيرة للاهتمام بدليل أنها أكدت أن صراعها مع المشروع الصهيوني المحتل لا مع اليهود بسبب ديانتهم. في مسألة مقاومة الاحتلال تبين تطور جديد حيث كانت تردد أن لا حل للقضية إلا بالجهاد، في حين الوثيقة أشارت قبول الحركة بمقاومة الاحتلال بكافة الوسائل والأساليب. نلمس هنا تراجعا لافتا وقراءة جديدة للوضع الإقليمي والدولي ومحاولة استباقية لمواكبة السياسة الدولية الجديدة في المنطقة. والحقيقة أنه لكي يكون لحركة حماس قبول دولي وإيمان بدورها، عليها أن تتبنى المبادرة العربية وترفض العنف وتعيد علاقاتها مع مصر باتفاق شامل فضلا عن تعزيز الوحدة الفلسطينية. التحول في الفكر السياسي أمر إيجابي وهو ما فعلته حماس إزاء تعاطيها بالوثيقة، لكن بالمقابل يبدو أن هناك انتكاسة تنتظر حماس فيما إذا عادت لحلفائها السابقين. بطبيعة الحال ستطرأ تغيرات على مواقف وتوجهات الحركة مع القيادة الجديدة. واضح أن من أولويات مهمات ولاية إسماعيل هنية أنه عازم على إعادة مسار العلاقات الطبيعية مع إيران. وهذه انتكاسة حقيقية فعلا. لاحظنا أن الانتخابات الداخلية للحركة أسفرت عن تصعيد بعض الأشخاص المحسوبين على الجناح العسكري داخلها مثل اختيار السنوار قائدا للجناح العسكري والذي سيدفع باتجاه عودة الهرولة مجددا صوب حلف إيران، باعتبارها الداعم الرئيسي لكتائب عز الدين القسام. هذه الكتائب سيتم ترويضها وتدجينها بما يساهم في تحقيق أهداف نظام ولاية الفقيه. واضح أن حماس أنتجت مواقف متقلّبة مرتبكة، وتعاني من التدخلات الخارجية بدليل ما يقوله الزهار على سبيل المثال من أن "طهران وحدها من تتولى دعم الحركات الفلسطينية، فيما باقي العالم الإسلامي الذي يشكل ثلث سكان العالم لا يقدم شيئا". قد لا نستغرب من مزايدات الزهار المعروف بولائه لنظام الملالي وله أن يهذي بما يشاء ولكن ليس من حقه أن يغمط حق الدول العربية التي دعمت القضية. حماس قامت بخطوة للأمام لكنها معنية اليوم أكثر من أي وقت مضى، بإعادة التفكير في طبيعة علاقاتها ببعض القوى الإقليمية وتصويب مسارها السياسي بقبول المبادرة العربية والبقاء في الحضن العربي وضرورة ممارسة واعية تغلب المصالح العليا للشعب الفلسطيني.

مشاركة :