المواطنون لم تعد لديهم رفاهية التقاعس في رمضان بقلم: هشام النجار

  • 6/6/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

الأحوال الاقتصادية الصعبة وغلاء المعيشة يدفعان تلقائيا إلى مضاعفة العمل وإبقائه نوعا ما على وتيرة واحدة خلال رمضان للوفاء بالتزامات الأسرة. العرب هشام النجار [نُشر في 2017/06/06، العدد: 10655، ص(12)]العمل يستمر في رمضان رغم اتفاق العديد من الخبراء على تراجع إنتاجية العاملين في مختلف القطاعات خلال شهر رمضان وأن القضية متعلقة بالسلوكيات الشخصية والتطبيقات البعيدة عن جوهر العبادة، فإن دعاة وعلماء الدين يؤكدون أن الإسلام يحث على العمل وزيادة الإنتاج في رمضان، كون العمل والعبادة معا هما اللذان يظهران وجهي تفاعل الدين مع الحياة، بينما تخل بهذا المفهوم مظاهر سلبية كاستغلال البعض هذا الشهر للتهرب من التزاماته بالسهر في المقاهي والعكوف على دراما الفضائيات ما يؤثر سلبا على الإنتاجية. مختصون وجدوا في التدخل لضبط الوقت وتنظيمه حلا للتوفيق بين العمل ومتطلباته ومقتضيات الشهر من عبادة وتزاور أسري، وذلك عبر تقليص ساعات العمل في المؤسسات العامة والخاصة، مع تفعيل دور الإعلام والمؤسسة الدينية لتوجيه الأفراد للتوفيق بين العبادة والعمل والالتزامات الاجتماعية. هناك اعتقاد خاطئ بأن التراخي خلال شهر رمضان نابع من قناعة عامة بأن طبيعته تقتضي ذلك، وأن تراجع الإنتاجية ليس تكاسلا من العاملين بقدر ما هو سلوك عام يتجه إلى تغليب الغالبية المسلمة الاهتمام بالأنشطة الدينية خلاله، كما أن التراجع في أنشطة الأعمال طفيف وهو مرتبط في غالبيته بعدم الإقبال خلال رمضان على إنجاز المعاملات اليومية مقارنة بباقي الشهور.رفاهية التذرع بشهر رمضان للتقاعس عن العمل لم تعد موجودة في الوقت الراهن، لأن الأحوال الاقتصادية الصعبة وغلاء المعيشة يدفعان تلقائيا إلى مضاعفة العمل البعض لفت النظر إلى أن رفاهية التذرع بشهر رمضان للتقاعس عن العمل لم تعد موجودة لأن الأحوال الاقتصادية الصعبة وغلاء المعيشة يدفعان تلقائيا إلى مضاعفة العمل وإبقائه نوعا ما على وتيرة واحدة خلال رمضان للوفاء بالتزامات الأسرة. وفي السياق ذاته رفض البعض من خبراء الاقتصاد الربط بين رمضان وتراجع الإنتاجية بصفة عامة مع التسليم بأن نسبتها تقل خلال الشهر لكن ليس بهذا القدر المبالغ فيه، وإلا لكانت اقتصاديات الدول الإسلامية والعربية تأثرت بشكل كبير، وطالبوا بضرورة تغيير النظرة النمطية للشهر، سواء على مستوى تعاطي الأفراد أو الدول في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية على المستويين. خالد عمران أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية قال لـ”العرب” إنه من غير المنطقي أن يفرض الإسلام أمرا يعوق حركة الحياة والإنتاج ويعزل أتباعه عن الواقع، وشدد على أن الصوم عبادة متصلة بالحياة وبالعلاقات الإنسانية، ما يتطلب دوام العمل للوفاء بتلك الالتزامات المستدامة، علاوة على كونها عبادة متصلة بعلاقة الإنسان بربه. وأكد عمران أن العمل أفضل صور العبادة وقد أنكر الرسول على منقطع للعبادة دون عمل، كما أن فلسفة الصوم مرتبطة بقيم العطاء والصبر وبذل الجهد، وهي في مجملها ذات اتصال بمقاصد يترجمها واقع الحياة شأنها شأن مقاصد العبادات الأخرى، وهو ما يتناقض مع تصورات الكثيرين ممن يشيعون التكاسل والتراخي بدعوى التعبّد في رمضان. وكانت دعوة الزعيم التونسي الراحل الحبيب بورقيبة المتعلقة بالإفطار في رمضان في سياق الحرص على زيادة الإنتاجية ومرتبطة بمشروعه النهضوي، ولا ينبغي أن يتم توظيف تصوره خطأ في تلك الجزئية للتقليل من شأنه، فما حققه لتونس من إنجازات نهضوية لا يمكن إنكارها. بورقيبة اعتبر من يتحجج بالصيام لتبرير تقاعسه في العمل كمن لا صيام له، فالعمل عبادة وهو أساس تقدم الأمم، وتأسيسا على ذلك فالرجل لم يغادر الطرح الجوهري للدين بشأن الصيام وشهر رمضان كون الخلل آتيا من التفسيرات البشرية وتطبيقات الكثير من المسلمين البعيدة عما قصده الإسلام وأيده بورقيبة، وهو أن الصيام لا يبرر الكسل والتراخي عن العمل وتقليل الإنتاج. الغريب أنه خلال رمضان تتراجع إنتاجية العاملين بالمؤسسات الحكومية والشركات التي توفر مناخا مريحا للعمل، بينما لا تتأثر إنتاجية العمال والحرفيين في الورش والمصانع وعمال البناء والفلاحين كثيرا، حتى أولئك الذين يؤدون أعمالهم في ظروف صعبة ودرجات حرارة عالية، بل ينقل البعض منهم مزاولة عمله إلى ساعات الليل خلال رمضان، بما يدل على أن القضية متعلقة بالممارسات والقناعات الشخصية وأساليب تعاطي الأفراد مع المفاهيم الدينية وترتيبات تفعيلها حياتيا. ومعروف أن التقدم التكنولوجي الحالي قلل من الاعتماد على الجهد البدني، والصيام في ظل التسهيلات التي أتاحتها التقنية الحديثة لم يعد مرهقا كما كان من قبل، كما أن المسلمين في الماضي رغم المشاق لم يتعللوا بالصيام للقعود عن العمل.

مشاركة :