قصة الشيخ «القهاوي»: «صوته من ذهب انصهر في بوتقة الليالي ومات قبل الأوان»

  • 6/6/2017
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

فى أحد اللقاءات التلفزيونية المُسجلة، قالوا للشيخ محمد رفعت فى أواخر أيامه: «أى واحد من القرَّاء تُحب سماعه؟»، ابتسم الشيخ رفعت، محاولاً رفع الاحراج عن كاهليه فقال: «لا داعى لهذا الاحراج، إنهم جميعًا مجيدون». وفى مرةً أخرى، سألهُ الكاتب الراحل، محمود السعدنى، حسبما ذكر في كتابه «ألحان السماء»، «من تُفضل بين القراء الذين انتقلوا إلى رحمة الله؟»، حينها اعتدل الشيخ رفعت، وهز رأسه يمينًا ويسارًا، كأنما تذكر الأيام البعيدة الجميلة. وأجاب: «كلهم كانوا مقتدرين على الأداء، ولكل منهم لون، فلا تستطيع أن تفضل واحدًا على الآخر، ولكن كان أجملهم صوت الشيخ محمد القهاوى، كان صوته من أجمل الأصوات وأرقها وأعذبها وأشدها حنينًا وحنانًا وضراعة». قال عنهُ الشيخ، محمد الصيفي: «إن كل الأصوات التى سمعتها وستسمعها من خشب، وصوته وحده كان من الذهب، لكنهُ انصهر فى بوتقة الليالي ومات قبل الأوان». كان الشيخ القهاوي يتمتع بشهرة ضئيلة، مقارنةً بالشيخ أحمد ندا، على محمود، لكنه كان فنانًا، يعشق الليل، لم يره أحد فى الشارع قبل الغروب، وربح كثيرًا وأنفق ما ربح على مجالس الأصدقاء، فكان صديقًا مقربًا لحافظ ابراهيم، الشيخ البشري، الدكتور محجوب ثابت. كان القرَّاء يرفضون الاشتراك معهُ في ليلة واحدة، كان الجمهور يرفض الاستماع لأحد بعده، ففى إحدى المرات، قامت معركة فى حي «السلخانة» في مأتم كان يقرأ به الشيخ، مات فيها أربعة، ونقلت عربات الاسعاف أكثر من 10 إلى المستشفيات. كان سبب المعركة هو الشيخ القهاوي، حيثُ سجل محضر البوليس أن المعركة نشبت لأن أحد الفريقين المتنازعين قال كلامًا اعتبرهُ الفريق الآخر ذمًا في الشيخ. مات الشيخ القهاوي، عن عُمر ناهز التاسعة والأربعين، ولم يترك خلفه اسطوانة واحدة، كان أداؤه غريبًا، يبدأ بطبقة عالية وبإلقاء سريع، ثم ينتهى إلى عذوبة وطبقة خافتة مع مدّ طويل عند خاتمة الآية، وفقًا لمنْ عاصروه.

مشاركة :