قال خبراء إن إيران قد ترى أن الخلاف غير المسبوق بين قطر من ناحية والسعودية والإمارات والبحرين من ناحية أخرى قد يوفر لها العديد من الفرص، ولكنها في الوقت ذاته قلقة من ازدياد الاضطرابات في الجوار المضطرب أساساً. وقال فؤاد إيزادي أستاذ الشؤون الدولية في جامعة طهران "هذا خطأ آخر يرتكبه السعوديون، فهم لا يعرفون كيف يديرون سياستهم الخارجية ويتقاتلون مع معظم الدول المجاورة لهم". وأضاف "على الأقل ما حدث يمنح إيران فرصة لتثبت أنها دولة ناضجة ومسؤولة في المنطقة.. كما يمنحنا الفرصة لزيادة علاقاتنا مع قطر لأنها الآن تحتاج إلى إيران من أجل الطيران وإمدادات الغذاء". وبعد أن قطعت السعودية والعديد من الدول الحليفة لها علاقاتها مع قطر الإثنين -إذ قطعت طرق مواصلاتها البحرية والبرية والجوية- سارعت إيران إلى تقديم عروض توريد الطعام والسماح لقطر باستخدام مجالها الجوي. وغيرت الخطوط الجوية القطرية طريقها الجوي بعد حظرها في بعض دول الخليج، باتجاه إيران. شاهد الطريق الجوي الجديد للخطوط الجوية القطرية واتهم السعوديون قطر بدعم جماعات متطرفة تسعى إلى "زعزعة استقرار المنطقة"، وهو ما نفته الدوحة. إلا أن محللين قالوا إن الهدف الحقيقي هو إيران. وأشار فرهاد رضائي الباحث في "مركز الدراسات الإيرانية" في تركيا إلى أن "السعوديين يسعون إلى تشكيل جبهة موحدة ضد إيران ويحتاجون إلى القضاء على أية معارضة داخل التحالف الخليجي". وأضاف أن القطريين يُعاقَبون لأنهم لا يشاركون السعودية "هاجسها الإيراني". وقال "هناك كثيرون في الحلف الخليجي لا يشاركون السعودية هذا الهاجس، ولكن ليس لدى أي منهم قدرة على مقاومة الضغط السعودي"، مشيراً إلى ثروة الدوحة من مخزونات الغاز الهائلة وعلاقاتها العسكرية القوية مع واشنطن. - لا رضى في طهران - يأتي الخلاف بعد أقل من شهر من زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى السعودية ودعوته إلى تشكيل جبهة موحدة لعزل إيران، ولذلك فإن الانهيار المفاجئ للتحالف الخليجي يجب أن يلقى ترحيباً في طهران. ولم تكن قطر وحدها التي أعربت عن شكوكها وحتى معارضتها المباشرة لحملة السعودية المستمرة ضد إيران، بل شاركتها في ذلك دول إسلامية من بينها عُمان والكويت وماليزيا. ولكن ذلك لا يعني أن إيران ترحب بالخلاف الأخير بين خصومها، بحسب ما يرى عدنان طبطبائي رئيس مركز "كاربو" الألماني. وقال "لا أعتقد أن مشاعر الرضا تسود في طهران بشأن هذا الخلاف". وأضاف "بالطبع إيران مسرورة لإظهار هشاشة مجلس التعاون الخليجي، ولكن ذلك لا يؤدي سوى إلى جعل المنطقة المجاورة أكثر اضطراباً وهذا لا يخدم مصالح أحد". وأكد أن هذا الخلاف مأساوي بشكل خاص لأن قطر وإيران أظهرتا أنه من الممكن إقامة شراكة اقتصادية بناءة رغم الخلافات الحادة في مجالات أخرى. فهما تدعمان طرفين متضادين في النزاع السوري حيث إن إيران وفرت القوات البرية لنظام بشار الأسد بينما دعمت قطر المعارضة السورية. وقال طبطبائي "كان يجب عدم النظر إلى ذلك على أنه مشكلة بل على أنه دليل لدول أخرى عن كيفية تحويل التعاون الاقتصادي إلى علاقة أمن مشترك". - منافسة إقليمية - بتشجيع من الإدارة الأميركية الجديدة الشديدة العداء لإيران، فإن السعودية مصممة على مواجهة وضع إيران القوي في المنطقة. وقال رضائي "لسوء حظ السعوديين فقد اعتبرت قطر طهران جزءاً من الحل للنزاعات في المنطقة.. وتعلم بأن النزاع العسكري يمكن أن يهدد علاقاتها الاقتصادية مع إيران". وفيما يسود الترقب لقرارات قطر في ضوء الأزمة الحالية، فإن المحللين الإيرانيين وجدوا في الموقف السعودي الحالي مادة جيدة لدعم الصورة الشريرة للمملكة. وقال إيزادي إن "الحكومة السعودية لا تريد فقط أن تحكم بلادها بديكتاتورية، بل تريد أن تسود الديكتاتورية المنطقة بأكملها". وأضاف "إنهم لا يقبلون أي معارضة حتى لو كانت من الحكومات السنية المجاورة".
مشاركة :