من المتوقع أن يشاهد المسافرون، اليوم، على متن طائرة الخطوط الفرنسية في رحلتها من مدينة ليون (جنوب البلاد) إلى موسكو، بين الركاب، عشرات الجنود الذين يرتدون زي الحرس الإمبراطوري. وهو لباس رسمي يعود إلى عصر نابليون بونابرت. وينتمي هؤلاء الركاب إلى قوة للحرس الإمبراطوري تتخذ من بلدة مونتيرو، جنوب باريس، مقراً لها. وهم يسافرون إلى العاصمة الروسية تلبية لدعوة رسمية للمشاركة في المهرجان التاريخي الكبير «أزمان وعصور».وحرص الجنود على السفر وهم بالبزة العسكرية؛ لأن برنامج الدعوة يشير إلى أن فريقاً من التلفزيون الروسي سيكون في انتظارهم عند درج الطائرة، بالإضافة إلى سفير فرنسا في موسكو. ويبلغ عدد المساهمين الفرنسيين في المهرجان 110 أشخاص، من مجموع 5 آلاف مُشارك في فعالياته الاستعراضية المستوحاة من معارك العصور الماضية. ولن يقتصر التمثيل الفرنسي على قوة رمزية من حرس الإمبراطور نابليون، بل يشمل مجندين متنكرين بثياب الحرب العالمية الأولى، أو عصر الملك لويس الثامن عشر وحكاية الفرسان الثلاثة، أو ممثلين يؤدون مشاهد من الثورة الفرنسية على الإقطاع والملكية.يذكر أن صداقة كانت ربطت بين نابليون وقيصر روسيا ألكسندر الأول، بعد لقائهما في مؤتمر أرفورت بألمانيا، عام 1808، حيث اتفقا على تحالف بين دولتيهما. لكن التوتر تسلل إلى العلاقات بين باريس وموسكو بسبب تعامل القيصر مع بريطانيا تجارياً، فعزم كل من حليفي الأمس على غزو الآخر، وكان نابليون سباقاً حيث جهز حملة على روسيا، عام 1812، وتقدم نحو موسكو، بينما كان الروس يستدرجونه ويستخدمون سياسة الأرض المحروقة التي لم تنج من نيرانها العاصمة موسكو. وبعد شهر من ذلك، وأمام رفض حاكم المدينة الاستسلام، اضطر نابليون للانسحاب والعودة إلى فرنسا، لا سيما أن أنباء بلغته بوجود اضطرابات قد تفقده عرشه. والخلاصة: أن لا صداقة تدوم في السياسة بين الشعوب، ولا عداء يستمر أبد الدهر. والدليل طيران أحفاد جند نابليون لاستعراض زيهم التاريخي الجميل في مهرجان يستضيفه أحفاد خصوم الأمس، في موسكو، التي شهدت المعارك الطاحنة قبل قرنين من الزمان.
مشاركة :