السعودية وقطر وسياسة اللون الواحد

  • 6/7/2017
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

عندما حدثت الإشكالية الدبلوماسية بين دول الخليج وقطر في عام 2014 والتي أدت لسحب سفراء عدد من دول الخليج من الدوحة، كان الجميع يستغرب التحرك الذي لم يكن حتى حينه أمرا يمكن تصور حدوثه في ساحة خليجية اعتادت على أن لا تظهر خلالها على السطح، بل تعالج تحت مظلة جامعة كانت دائما المجلس الذي تحل من خلاله إشكاليات السياسة والمواقف المختلف حولها. اليوم وقد أعلنت السعودية والبحرين والإمارات ومصر والعديد من الدول العربية والإسلامية مواقف مشابهة في قطع العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة، فإن النظر لقطر من منظور المواقف على الأرض لا الكلام في المؤتمرات هو السبيل لفهم الأسباب التي دعت السعودية ومن معها لاتخاذ هذا الموقف الحازم، والذي يعد الأشد وقعا عبر تاريخ العلاقات الخليجية والعربية. قطر ومنذ الانقلاب الذي أتى بالشيخ حمد بن خليفة للحكم عام 1995 وتثبيت حكمه من خلال إطلاق قناة الجزيرة كانت دائما لها مواقف مناكفة للسعودية على وجه التحديد، فاستضافة من يسمون معارضون سعوديون على شاشات قناة الجزيرة لم يكن من منطلق حرية التعبير في دولة يتشابه محتواها الإعلامي المحلي لحد التطابق، بل لأن المنتج الذي يبيع سياسيا هو معاداة الجارة الكبرى ولفت النظر كمن يقول (نحن هنا). عندما فشل اتفاق مكة بين الفلسطينيين (أو ربما أفشل) الذي رعاه الملك عبدالله رحمه الله سارعت الدوحة لاقتناص الفرصه في محاولة لكسب انتصار سياسي على السعودية، لا بالضرورة في محاولة إيجاد حل بين حماس وفتح، وفي كل مرة حاولت السعودية العمل من منطلق دورها السياسي والإقليمي والدولي، كانت الدوحة تعمل على إفشال تلك الجهود بالإغراء بالمال حينا وبتقديم وعود وساطة في حين آخر، حتى أصبحت سياسة الدوحة في أعين السياسيين حول العالم مرادفه للابتزاز السياسي بالمال، كما حدث في شبهات اختيارها لاستضافة كأس العالم، ومرادفة لتمكنها من السيطرة على خباثة الجماعات الحزبية التي تدعمها، وكانت سببا في أزمات طاحنة في دول عربية عديدة. مشكلة السياسة القطرية أنها تعمل معتقدة أنها الوحيدة الذكية والمتمكنة من لعبة السياسة، فالتراجع الذي مرت به دول رئيسة في المنطقة بسبب أولويات داخلية جعلت الدوحة تتصور أنها قادرة على سد الفراغ الذي أحدثه ذلك الغياب، متناسية بأن المال والإعلام وسيلتان لا تفتقر إليهما السعودية مثلا، إلا أن الأمر الذي لا يمكن للدوحة أن تحصل عليه هو الأهمية والمساحة الجغرافية، إضافة للموقع الإستراتيجي إلى جانب السيرة التاريخية لدولة لها القدرة على تحريك العالم، وما احتضان المملكة مؤخرا لمؤتمرات الرياض إلا دليل على حقيقة لا زالت الدوحة تكابر بخصوصها ولا تود الاعتراف بها. الموقف السعودي الأخير هو نتيجة حتمية لسياسة التلون القطرية مع القضايا المفصلية للمنطقة والعمل على تمكين الأعداء شمالا وجنوبا، فإيران أثبتت للجميع أنها عدو لا يمكن الوثوق به، وجماعات الإسلام السياسي التي تدعمها الدوحة هي التي أنجبت لنا القاعدة وطالبان وداعش، والحزم الذي أظهرته السعودية في قطع العلاقات مع قطر ليس إلا بداية لسياسة اللون الواحد، فإن كانت قطر تفضل الاصطفاف مع إيران واعتبار نفسها جزءا من قطيعها فهذا شأنها، أما السعودية ومن معها فقرارها واضح، فلن تجاور وتهادن من يغلّب مصالح الأعداء على أبناء العمومة، ولن ترضى بساسة أنصاف الحلول والدبلوماسية المتلونة.

مشاركة :