يطل العمل الأبرز للكوميديا الفلسطينية «وطن على وتر» خلال رمضان على قناة «رؤية» الأردنية، أي من خارج حدود الشاشات الفلسطينية (رسمية وحزبية وخاصة)، وذلك بعدما أنتجت خارج الجغرافيا الفلسطينية المحتلة أيضاً. هذه الدراما الأكثر حضوراً عند المتلقي الفلسطيني في ذلك، ليست استثناء هذا العام، اذ غادرت كوميديا عماد فراجين التي توصف بـ «الخشنة» الشاشة الفلسطينية الرسمية عام 2011 عندما أمر النائب العام الفلسطيني بوقف المسلسل بسبب ما وصفه «تكرار إساءاته وأخطائه وهفواته وركاكة مضمونه، وتحقيره للمقامات وإساءة في النص والتعبير». وما كان من قناة «رؤية» بعد ثلاث سنوات على هذه الحادثة أن احتضنت التجربة حتى اللحظة، وهي القناة التي تهتم كثيراً بالكوميديا الشبابية وتقدم برنامجاً كوميدياً يومياً خلال شهر رمضان يحمل اسم «ساعة كوميديا» ويضم بين فقراته تجربة كوميديا فلسطينية أخرى آتية من غزة تحمل اسم «بس يا زلمة» من تقديم محمود زعيتر. هذا الرحيل عن الشاشات الفلسطينية، وهي كثيرة بالمناسبة، يجعل من هذه الظاهـرة أمـراً لافـتـاً ويـستـحـق التفكير، وقد يقرأ من ضـوء كم التـضيـيـقات على حرية الرأي والتعبير، فلا يمكن أن تنتعش الكوميديا من دونــها، فهي السلاح الفعال لنقد الشخـوص والحوادث وتناولها بطريقة ساخرة لاسعة، وهــو في مــا يبدو أمر تضيق حدوده ولا تـتــسع في حدود قطاع غزة والضفة الغربية. فقرة «وطن على وتر» هذا العام تقع في حدود الـ10 دقائق، وتقدم على شكل لوحة كوميدية يومية احتلت حتى اللحظة اهتمام قطاع عريض من المشاهدين الفلسطينيين بدلالة أرقام المشاهدات التي يظهرها موقع «يوتيوب». لا يخطئ المراقب التطور الحاصل على أداء الممثلين وتحديداً الفنانة منال عوض والفنان محمد الطيطي، إضافة إلى التحسن في إخراج الحلقات والرؤية الفنية التي تقدم من خلالها. وعلى رغم أن هناك تطوراً حاصلاً في كتابة النصوص من تأليف عماد فراجين، لكنها ما زالت المأزق الأكبر الذي يعاني منه هذا المسلسل. فالمؤلف وهو الممثل البطل يجد الفكرة الكوميدية والمدخل الخاص بالمعالجة الساخرة، لكن ذلك لا يستمر على مدى الحلقة كلها، ليتم التعويض عن حالة «الضعف التأليفي» بالارتجال أو بالكوميديا الخشنة التي تمتـلئ بالسباب والصراخ. على صعيد آخر، يبدو أن الأثر الإيجابي لخروج هذا المسلسل من فلسطين إلى الأردن بائن، ولكن تبدو الحلقات وفي جزء كبير منها بعيدة كثيراً عن مناقشة الشأن الفلسطيني الداخلي وهو الممتلئ بالمفارقات ومصادر الضحك حتى البكاء. فباستثناء حلقة «لاجئين» التي ينتقد ويسخر المسلسل من تصريحات قيادي في حركة «حماس» يعد فيها الفلسطينيين بالعودة إلى فـلسطيـن المحتـلة بـعد سنـوات مـعـدودة لا أكثر. بقية الحلقات مثل «بنات وأغاني» و «بطلنا نجمع» و «مسلسلات» و «سوشل ميديا»... الخ قاربت موضوعات اجتماعية عامة لا تختص بالشأن الفلسطيني وإن كانت قادرة على إضحاك جمهور هذا الشأن. سننتظر الحلقات المقبلة أملاً برؤية ما يكسر جو التضييق والصمت، وسنأمل أن يتطور تعامل فريق هذا المسلسل مع تأليف النصوص، ربما «ورشة كتابة سيناريو» تكون جانباً من الحل.
مشاركة :