الصمت خيار آمن للصحف اللبنانية في الأزمة الخليجية القطرية بقلم: شادي علاء الدين

  • 6/7/2017
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

التناول الصحافي للأزمة الخليجية القطرية تطرح أسئلة كبيرة حول واقع الإعلام في لبنان الذي لم يعد قادرا على إنتاج المواقف والتحليلات والأفكار.العرب شادي علاء الدين [نُشر في 2017/06/07، العدد: 10656، ص(18)]سياسة التهدئة في الصحف تخرجها من المشهد حرصت الصحف اللبنانية على اعتماد سياسة النأي بالنفس، حول موضوع الخلافات الخليجية مع قطر، مضيعة على نفسها فرصة إثبات فعاليتها وجدواها، وقدرتها على تقديم مقاربة موضوعية وجدية دون الوقوع في فخ الإملاءات السياسية. ولم تجد الصحافة التي أسالت أنهارا من الحبر في عرض الخلافات الداخلية والصراعات حول قانون الانتخاب نفسه قادرة على الخروج بآراء وتحليلات ومواقف للموضوع، وتركت الساحة فارغة للصحافة التي تدور في فلك حزب الله لكتابة تحليلات تدرج الأزمة في إطار معركة تخوضها السعودية لفرض نظام جديد على منطقة الخليج تكون لها فيه اليد الطولى. وتطرح كيفية التناول الصحافي لهذه الأزمة أسئلة كبيرة حول واقع الإعلام اللبناني المكتوب الذي لم يعد قادرا على إنتاج المواقف، والتحليلات والأفكار، بل بات يكتفي بدور مراقب التطورات الصامت، بدل أن يكون صانعا لها وشريكا فيها ومؤثرا في مساراتها. ووصل الأمر ببعض المراقبين إلى اعتبار أن الصمت المريب الذي اتخذه الإعلام اللبناني عموما نهجا لمقاربة الأزمة يعلن عن ظهور زمان “الدروشة” الصحافية إذا صح التعبير. وتابع اللبنانيون تطورات الأزمة الخليجية القطرية من خلال وسائل الإعلام غير اللبنانية، وكانت محطة العربية كما تظهر التعليقات والتغريدات المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي هي المرجع الأبرز، حيث أعيد استعمال وتوظيف المادة الإعلامية التي نشرتها حول هذا الموضوع آلاف المرات. وبرز اهتمام خاص بالصحافة الخليجية وبالمواقع الإخبارية الخليجية، وكانت وسائل الإعلام اللبنانية عموما تعتمد على نقل الأخبار التي غالبا ما يكون المشاهد اللبناني قد اطلع عليها من المصادر الأساسية.نبيل بومنصف: الواقع الإعلامي في لبنان هو مرآة لانقساماته السياسية ويعتبر أمرا مفهوما لجوء وسائل الإعلام المحسوبة على قطر مثل موقع المدن الإلكتروني الذي يتخذ من لبنان مقرا رئيسيا له وصحيفة العربي الجديد إلى الصمت، انسجاما مع التوجه القطري الرامي إلى التهدئة ومحاولة البحث عن إيجاد مخارج للأزمة، لكن صمت جريدتي المستقبل والنهار بشكل خاص أثار الاستهجان والغرابة لدى المتابعين. وإذا كانت أزمة التمويل السياسي قد فرضت على الصحف إجراءات مالية صارمة والتخلي عن عدد كبير من الموظفين، إلا أن ذلك لا يعني التخلي التام عن دورها، لأن ذلك سيعني أن مبررات وجودها ستسقط، كما أن لا أحد سيرغب في الاستثمار في صحافة لا تقول شيئا. ويرفض نائب رئيس تحرير جريدة النهار نبيل بومنصف الاتهامات بالصمت حيال موضوع الأزمة الخليجية القطرية، ويؤكد أن جريدة النهار حرصت على مواكبة الحدث “انطلاقا من رؤية تنظر إليه بصفته حدثا جسيما وغير مسبوق وأنها قد نشرت مجموعة من الأخبار والتحليلات الخاصة حوله”. ويقرأ بومنصف تعامل الصحف الأخرى مع الأزمة معتبرا أنه “قد يكون خاضعا للعديد من الاعتبارات، أو متأثرا بشكل كبير بالواقع السياسي اللبناني المرتبط بصلات عميقة مع الوضع الخليجي عموما”. ولفت إلى أن الواقع الإعلامي في لبنان “هو مرآة لانقساماته السياسية التي تتوزع فيها الولاءات بين قطر، والسعودية وإيران”. ويفرق بومنصف، بين تغطية الحدث وبين اتخاذ موقف واضح منه قائلا “التعاطي مع الأمرين مختلف فنحن في النهار لا نجد أنفسنا معنيين باتخاذ موقف، وخصوصا أننا نطالب الجميع بعدم التدخل في شؤوننا، كما أننا نؤمن أن الخليج سيتجه إلى ترتيب شؤونه، ونحن نرتبط بعلاقات مع كل دول الخليج، من هنا لا نعتقد أن هناك أي ضرورة لاتخاذ موقف في هذا الموضوع”. ويعتبر أن واجب الصحافة اللبنانية كان يفرض عليها التعاطي مع هذه الأزمة بشكل آخر”لأن تداعياتها تصيب لبنان يشكل كبير فهناك 50 ألف لبناني في قطر وحوالي 350 ألف لبناني في الخليج”. وينبه إلى ما يعكسه هذا الواقع من دلالات على تردي الوضع العام في لبنان، مشددا على أن لبنان لو كان في وضعه الطبيعي “لكان دور الوساطة في هذه الأزمة قد أنيط به، ولكان الإعلام اللبناني قادرا على إنتاج مواقف متميزة حول هذا الشأن”. ودعا من ناحية أخرى إلى عدم لوم الإعلام اللبناني كثيرا على طريقة تعاطيه مع الأزمة الخليجية القطرية “لأن اللبنانيين يعانون من لامبالاة العالم بالشأن اللبناني، إضافة إلى ما فرضه احتدام الصراعات الداخلية من ميل عام إلى الانزواء”.

مشاركة :