عاشت مصر مخاضا ثوريا صعبا تعرضت فيه كل كيانات الدولة إلى الاهتزاز والاحتضار اقتصاديا وأمنيا وسياسيا وإعلاميا. شارفت مصر على الانهيار بينما انشغلت النخب في أمور خلافية غير مثمرة، وانتشر التخوين وتبرع الناس بتقديم البلاغات عن المتنافسين السياسيين والإعلاميين. اليوم يعود بصيص الأمل من جديد بوجود حكومة منتخبة تحاول أن تجد لمصر طريقا غير طريق الضياع. ولكن لاتزال هناك أصوات تنادي باستمرار حالة الفوضى وتحتج بشرعية أبطلها الناخب. ولكي نكون منصفين فلا بد من عرض الأرقام لتوضيح الصورة العامة للحالة الراهنة. خلال جولة الإعادة التي حدثت بين مرسي وشفيق بلغ مجموع المنتخبين 26420763 ناخبا بنسبة مشاركة بلغت 51.85%. حصل مرسي منها على 13230113 صوتا. وهنا لابد من الإشارة إلى أن هناك أعدادا كبيرة صوتت لمرسي كرهاً بشفيق، وحتى لو غضضنا النظر عن هذه الحقيقة وتفحصنا أرقام الانتخابات الأخيرة بين عبدالفتاح السيسي وحمدين صباحي التي تميزت بعدم وجود منافس من العيار الثقيل وغياب الأحزاب عن الحملات الانتخابية، ومقاطعة حركة 6 أبريل للانتخابات ما أوحى بأن الإقبال على الانتخابات سيكون ضعيفا لشعور الناخبين بأن النتيجة محسومة مقدما بناء على الشعبية العارمة للمشير. ومع ذلك فقد بلغ عدد المشاركين 25260190 ناخبا بنسبة مشاركة بلغت 47.45%. حصل منها عبدالفتاح السيسي على 23780104 صوتا. وهذا بلا شك يعني أن المشير عبدالفتاح السيسي هو الرئيس الشرعي لمصر. هذه حقيقة ولابد من التعامل مع الحقائق على الأرض بغض النظر عن رغبات الطوائف السياسية. المرحلة القادمة تحتاج من المصريين إلى احتواء بعضهم البعض والكف عن التخوين والعمل على بناء مصر المستقبل. مصر التي يحلم بها كل مصري وكل عربي. مصر التي ينتظر منها أن تنافس كوريا واليابان، ما يعني أنها بحاجة إلى تبني سياسات جديدة في التعليم والاقتصاد والسياسة وحتى في معرفة المصريين لأنفسهم ونقاط قوتهم وضعفهم. إن الواقع السياسي المصري الآن يسمح بالتعددية السياسية الجادة ولهذا ليس لأي طرف مصري سياسي العذر في عدم الانخراط في هذا الاتجاه. الوضع يتيح وجود معارضة سياسية جادة كما يحدث في الغرب وهذا سيشجع الغرب على تقديم المعونات وضخ الاستثمارات. كما أن مصر بحاجة لدعم الأشقاء العرب وبالذات الخليجيين الذين يرون في استمرار مصر قوية متماسكة ضمانا لبقائهم وعمقا استراتيجيا لايمكن الاستغناء عنه. يضاف إلى ذلك أن مصر تملك إمكانات هائلة لتصبح أغنى دول المنطقة على الإطلاق. نبارك لمصر ونتمنى لها التقدم والازدهار.
مشاركة :