شهد عام 1346 صناعة أول كسوة للكعبة في مكة المكرمة بعد أن ظلت ترسل من مصر عبر قرون عديدة، حتى توقف إرسالها نهائيا من مصر سنة 1381. وفي عام 1345 أمر الملك عبدالعزيز آل سعود «طيب الله ثراه» بعمل كسوة للكعبة المشرفة من الجوخ الأسود الفاخر مبطنة بالقلع القوي على وجه السرعة، ولم يأت اليوم الموعود لكسوة الكعبة المشرفة، وهو يوم النحر العاشر من ذي الحجة من عام 1345، إلا وألبست الكعبة المعظمة تلك الكسوة التي عملت في بضعة أيام. وفي مستهل شهر محرم 1346، أصدر الملك عبدالعزيز، أوامره بإنشاء دار خاصة بصناعة الكسوة، بمحلة أجياد أمام دار وزارة المالية العمومية بمكة المكرمة، تمت عمارتها في نحو ستة الأشهر الأولى من عام 1346، فكانت هذه الدار أول مؤسسة خصصت لحياكة كسوة الكعبة المشرفة بالحجاز منذ كسيت الكعبة في العصر الجاهلي إلى العصر الحالي. مصنع كسوة الكعبة على أحدث طراز (اليوم) وأثناء سير العمل في بناء الدار كانت الحكومة السعودية تقوم من جانب آخر، ببذل الجهود لتوفير الإمكانيات اللازمة للبدء في وضع الكسوة والتي تتألف من المواد الخام اللازمة لمصنع الكسوة من حرير ومواد الصباغة، ومن الأنوال التي ينسج عليها القماش اللازم لصنع الكسوة، والفنيين اللازمين للعمل في شتى المراحل. وعلى الرغم من أن هذه العناصر الأساسية التي يجب توافرها لمصنع الكسوة، لم يكن أي منها متوافرا لدى المملكة حين ذلك، بذلت الحكومة السعودية جهودا كبيرة في سبيل توفيرها في الوقت المناسب وتحقق لها ذلك وتم بناء المصنع الجديد من طابق واحد في ستة أشهر. وفي أول رجب من نفس العام 1346، وصل من الهند إلى مكة المكرمة 12 نولا يدويا، وأصناف الحرير المطلوبة ومواد الصباغة اللازمة بذلك والعمال والفنيون اللازمون وكان عددهم 60 عاملا، 40 منهم «معلمون» يجيدون فن التطريز على الأقمشة، و20 من العمال المساعدين، وعند حضورهم إلى مكة المكرمة نصبت الأنوال ووزعت الأعمال وسار العمل على قدم وساق في صنع الكسوة وتطريزها، حتى تمكنوا من إنجازها في نهاية شهر ذي القعدة عام 1346، وكسيت الكعبة المشرفة في ذلك العام بهذه الكسوة التي تعتبر أول كسوة للكعبة تصنع في مكة المكرمة. وظلت دار الكسوة بأجياد تقوم بصناعة الكسوة الشريفة منذ تشغيلها في عام 1346، واستمرت في صناعتها حتى عام 1358. ثم أغلقت الدار، وعادت مصر بعد الاتفاق مع الحكومة السعودية إلى فتح أبواب صناعة الكسوة بالقاهرة سنة 1358، وأخذت ترسل الكسوة إلى مكة المكرمة سنويا حتى عام 1381 وتوقفت مصر عن إرسال الكسوة الشريفة منذ ذلك التاريخ وقامت الدولة السعودية بإعادة فتح وتشغيل مبنى تابع لوزارة المالية بحي جرول، أمام وزارة الحج والأوقاف سابقا، والذي أسندت إليه إدارة المصنع، ولم يكن لديها وقت لبناء مصنع حديث، وظل المصنع يقوم بصنع الكسوة الشريفة إلى عام 1397، ونقل العمل في الكسوة إلى المصنع الجديد، الذي تم بناؤه في أم الجود بمكة المكرمة، وما زالت الكسوة الشريفة تصنع به إلى يومنا هذا. كوادر سعودية فنية متخصصة في صناعة الكسوة
مشاركة :