كشف في تل أبيب، أمس، عن تزويد يهودي أميركي خبير في شؤون الذرة، إسرائيل، بأجهزة تنصت بالغة الدقة، تعمل بالطاقة النووية، قامت بزرعها في عمق الأراضي السورية والمصرية، قبيل يونيو (حزيران) 1967، ساعدت في حسم تفوقها.وتمكنت المخابرات الإسرائيلية العسكرية من استخدام هذه الأجهزة للتنصت على المحادثات الهاتفية الأرضية واللاسلكية للقادة السياسيين والعسكريين، على صعيد محادثاتهم المحلية والدولية، فجمعت معلومات قيمة عن الاستعدادات الحربية العربية ووجود القوات وتحركاتها ومدى جدية التهديدات بالحرب.وأصبح بالإمكان كشف هذه المعلومات، بعدما توفى البروفسور زلمان شبيرو، عالم الذرة الأميركي عن عمر يناهز السادسة والتسعين، الاثنين الماضي، في الولايات المتحدة. وشبيرو، يهودي انحدر من عائلة نجت من المحرقة النازية. وقد أصبح من كبار العلماء والمخترعين في مجال الفيزياء. ثم صار من كبار رجال الأعمال في تجارة الأجهزة الدقيقة العاملة بالطاقة النووية، عبر شركة «نوميك»، (Nomec)، للأجهزة النووية. وقد تحدث عن تجربته في سلسلة مقابلات صحافية مع صحيفة «تريبيون رفيو»، الصادرة في مدينة بيتسبورغ في ولاية بنسلفانيا الأميركية، والتي اشترط عليها النشر بعد وفاته.ويقول شبيرو إنه قبل سنة من حرب 1967، زود إسرائيل بأجهزة تنصت بالغة الحساسية تعمل بالطاقة النووية، وتتميز البطاريات التي تشعلها بالقدرة على العمل لسنوات طويلة. وقد زرعت إسرائيل هذه الأجهزة في أراضي دول عربية عدة، وبعضها ما زال يعمل حتى اليوم. وأحد هذه الأجهزة، مما ضبطته المخابرات المصرية بعد الحرب، معروض اليوم في متحف حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973، في القاهرة. وتبين أن من غرسه في الأراضي المصرية، هو الجنرال عاموس يدلين، عندما كان في قيادة «وحدة رئيس الأركان»، إحدى الوحدات القتالية المختارة في الجيش الإسرائيلي.وفي التعقيب على هذا النشر، أكد رافي إيتان، أحد كبار قادة «الموساد»، (جهاز المخابرات الإسرائيلية الخارجية) أن «هذه الأجهزة وبما قدمته من معلومات سرية وحساسة، مهدت الطريق إلى الانتصار العسكري في الحرب». فيما قال الباحث رونين برغمان، إنه قبل 10 سنوات، استمع إلى هذه القصة أيضا، من الجنرال مئير عميت، الذي كان رئيسا لجهاز «الموساد» خلال الحرب، لكن الرقابة العسكرية منعته من نشرها. ويعود سبب النشر بالأساس، إلى جوانب أخرى في تاريخ شبيرو، حيث اختفت فجأة كمية كبيرة من المواد المخصبة من مخازن شركته ووصلت إلى إسرائيل. ومع أنه نفى أن تكون له علاقة بالموضوع، ولهذا لم تتم محاكمته، لكن المخابرات الأميركية لم تبرئه. أما بطارية أجهزة الالتقاط والتسجيل والتنصت، فقد تم تصديرها بمعرفة السلطات الأميركية في سنة 1967، أي بعد 11 سنة من إنتاجها في مصنع في أوهايو. وقد تم استخدامها، في البداية، لمحطات الرصد الجوي في المناطق البعيدة، مثل إنتركتيكا وللمركبات الفضائية أيضا. وحسب المصادر الأميركية، فإن المركبة «فياغر1» و«فياغر2»، اللتين أطلقتا إلى الفضاء قبل 40 عاما، لا تزالان تعملان بواسطة هذه البطاريات. وفيما بعد، تم إنتاج أجهزة صغيرة أكثر، استخدمت في رصد دقات قلب الإنسان، ومن ثم لأجهزة التنصت والتجسس. وقد علمت إسرائيل بهذه القدرات، فاتصل رئيس الموساد عميت بشبيرو، والتقاه، وطلب منه إنتاج أجهزة مميزة للتنصت، بحيث يصبح بالإمكان معرفة ما يقال بوضوح وبلا تشويش. وفي سنة 1968 قام رافي إيتان بزيارة تقدير لمكاتب الشركة.
مشاركة :