أبوظبي: سلام أبوشهاباستضاف مجلس صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بقصر البطين في أبوظبي، مساء أمس، المحاضرة التي ألقتها الدكتورة ميشيل بوربا خبيرة تربوية عالمية بعنوان «لماذا أصبح تدريس التربية الأخلاقية ضرورياً اليوم أكثر من أي وقت مضى».وشهد المحاضرة سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان نائب رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، وسمو الشيخ نهيان بن زايد آل نهيان رئيس مجلس أمناء مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية، وسمو الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان، والشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير الثقافة وتنمية المعرفة، وعدد من الشيوخ والوزراء وكبار المسؤولين، وأعضاء السلك الدبلوماسي في الدولة.أكد سمو الشيخ هزاع بن زايد أن مادة التربية الأخلاقية أضحت ضرورة من ضرورات العصر.وقال سموه عبر حسابه على تويتر: «شهدنا محاضرة التربية الأخلاقية بمجلس محمد بن زايد وسعدنا بلقاء القائمين على مادة التربية الأخلاقية التي أضحت ضرورة من ضرورات العصر».فيما أعربت المحاضرة عن سعادتها واعتزازها بإلقاء محاضرة في مجلس محمد بن زايد خلال شهر رمضان، مشيدة باهتمام دولة الإمارات بتدريس التربية الأخلاقية في المدارس لأهميتها ودورها في تنشئة أجيال تمتاز بشخصيات قوية وزيادة مستوى التعاطف لديها والمسؤولية، ما يسهم في خلق جيل من الشباب قادر على المشاركة الإيجابية والفاعلة وصولاً إلى نتائج أفضل.وأوضحت حول البرنامج الإماراتي لتدريس التربية الأخلاقية في المدارس، والذي بدأ في مدرسة خديجة في أبوظبي، أن برنامج التربية الأخلاقية في مدارس أبوظبي يتضمن عناصر عديدة ومهمة، وعرضت للحضور صوراً لطالبات خلال تدريس هذا البرنامج.وقالت إنها بدأت حياتها العملية مُدَرِّسة وتدرجت إلى أن أصبحت خبيرة واستشارية، مشيرة إلى أن التربية الأخلاقية تركز على تنشئة أطفال لديهم قلوب وعقول تفكر بشكل إيجابي.وأكدت أن شخصية الإنسان هي محصلة للفضائل التي يتحلى بها، والتربية الأخلاقية هي تدريس هذه الفضائل بهدف تنشئة أناس طيبين، وقد بات هذا النوع من التربية ضرورياً اليوم أكثر من أي وقت مضى، فثمة اتجاهات مقلقة تدل على وجود ما يعرف باسم «أزمة الشخصية لدى الشباب العالمي»، تتمثل بتراجع التفكير الأخلاقي وانخفاض التعاطف والمسؤولية المدنية، وتزايد الغش والمادية والفظاظة والنرجسية وجرائم الكراهية والتعصب والتنمر عبر الإنترنت.وقالت: هناك اعتقاد خاطئ بأن الأخلاق مرتبطة بالجينات، ولكن عالِم النفس الاجتماعي صموئيل أولينر أجرى مقابلات مع 1500 شخص ساهموا في إنقاذ الآلاف في أوروبا إبان الاحتلال النازي معرضين أنفسهم لأخطار كبيرة، فاكتشف أن السبب الذي دفع هؤلاء لإبداء مثل هذا الاهتمام العميق بحياة الآخرين هو طريقة تنشئتهم، حيث أراد لهم آباؤهم أن يكونوا أطفالاً طيبين ومثالاً يحتذى، وحرصوا على تربيتهم على الاهتمام بالآخرين، مشيرة إلى أن الأخلاق العالية لا تولد مع الإنسان بل يربى عليها، وهذا يعني أن بإمكاننا تنشئة أطفالنا على الفضيلة، ولكن ينبغي أن نركز جهودنا على بناء شخصياتهم وألا نستخدم سوى الاستراتيجيات القائمة على العلم. وأضافت: علينا أن نسأل أنفسنا ما نوع الأشخاص الذين نريد أن يكون عليه أطفالنا، وهذا يساعدنا كثيراً في حسن تربيتهم، مشيرة إلى أنها قضت ثلاثة عقود في إجراء المقابلات مع عشرات الباحثين ومراقبة مئات الفصول الدراسية للتعرف إلى النموذج الأخلاقي الأمثل لأطفال المدارس.وأكدت الدكتورة ميشيل بوربا أن عام القراءة في الإمارات من المبادرات المهمة والرائعة لأهمية القراءة ودورها في ترسيخ ونجاح تدريس التربية الأخلاقية. التربية الأخلاقية الفعالة أوضحت الدكتورة ميشيل بوربا أن التربية الأخلاقية الفعالة تتألف من 3 مكونات هي المعرفة الأخلاقية، والشعور الأخلاقي، والعمل الأخلاقي، وأن تحقيق هذه المعادلة كفيل بحل «أزمة الشخصية لدى الشباب العالمي»، وتنشئة مواطنين أخلاقيين يراعون الآخرين ويسعون إلى تحسين العالم.وأكدت أهمية التحدث بما يكفي مع أطفالنا عن الشخصيات الملهمة والتي نريد أن يكونوا مثلها، وعن الأمور التي يحبونها وعن الرياضة، وماذا يريدون أن يكونوا في المستقبل لمساعدة الأطفال على تحديد هويتهم الثقافية.وقالت الدكتورة ميشيل بوربا إن المعرفة الأخلاقية هي المكون الإدراكي في التربية الأخلاقية، وهي تتطلب منا عملاً جاداً، فمع زيادة الثروات والامتيازات، يتراجع التعاطف والهوية الأخلاقية ما يجعل الأطفال يعتمدون على الأشياء بدلاً من البشر، و«أزمة الشخصية لدى الشباب العالمي» هي أكثر انتشاراً في المجتمعات الغنية، وإن عودتنا إلى التركيز على الفضيلة مرهونة بسؤال واحد: أي نوع من الناس نريد أن يصبح أطفالنا؟ والإجابة عن هذا السؤال تمثل خريطة طريق التربية الأخلاقية التي ستساعد أطفالنا على تطوير الجانب المعرفي من الأخلاق، ومن ثم تبني هذه المعتقدات.وأضافت: انخفض التعاطف والشعور الأخلاقي، وهو المكــون الثاني في التربية الأخلاقية، بنسبة 40% بين المراهقين في غضون الســنوات الثلاثين الماضية، وفي الوقت نفسه ارتــفعت النـرجـــسية بنسبة 58%، وأن التركيز على الذات وحسب يحول بين الطفل وبــين التعاطف مع الآخرين، ومن واجبنا الأخلاقي تجاه أطفالنا أن نعلمهم الاهــتمام بالآخرين، وأن نجعــلهم يفكــــرون مـــن منطــلق الـ «نحن» وليس الـ«أنا».وقالت: البداية تكون من محو الأمية العاطفية، حتى يتمكن الأطفال من قراءة العواطف ومواءمة المشاعر، وأن استعراض نماذج بطولية مثل غاندي أو ملالا يوسف أمام الأطفال يبث فيهم الإلهام ويشجعهم على تقليدهم.وأكدت أن العمل الأخلاقي هو المكون السلوكي في التربية الأخلاقية وهو الغاية المنشودة، فنحن لا نريد لأطفالنا فهم الفضيلة فحسب بل العمل بها أيضاً.وقالت: هناك 5 أمور يجب توافرها في الأطفال والطلبة في الصفوف والمنازل وهي العلاقات الجيدة، والإحساس بالوضع القائم، والممارسة الحقيقية، والمشاعر، والعمل الأخلاقي، وأظهرت الدراسات أن هذه الأمور يمكن تعلمها من التعاطف، كما يجب أن نعامل الآخرين بكرامة والتركيز على المهارات الحياتية. المحاضرة في سطور الدكتورة ميشيل بوربا حاصلة على شهادة الدكتوراه في علم النفس التربوي والإرشاد من جامعة سان فرانسيسكو، وعلى شهادة الماجستير في إعاقات التعليم، والبكالوريوس من جامعة سانتا كلارا في ولاية كاليفورنيا الأمريكية، كما أنها حاصلة على اعتماد التدريس من جامعة سان جوزيه الأمريكية، وهي خبيرة تثقيف آباء وأطفال وعلاج ظاهرة التنمر، حظيت بالاعتراف بفضل استراتيجياتها المستندة إلى الحلول لتعزيز تعاطف الأطفال وذكائهم العاطفي وشخصياتهم والحد من القسوة تجاه بعضهم بعضاً، مستشارة مجموعة الموارد في مركز تربية الشخصية والمشاركة المدنية التابع لوزارة التربية الأمريكية، وأصبح مقترحها حول «إنهاء العنف والتنمر في المدارس» جزءاً من قانون كاليفورنيا في سنة 2002، وتقدم إرشادات مستندة إلى الأبحاث، ومستقاة من عملها مع أكثر من مليون تربوي ورب أسرة في جميع أنحاء العالم، وألفت 24 كتاباً تمت ترجمتها إلى 14 لغة.
مشاركة :