وفي رمضان (غرابيب سود)..

  • 6/8/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

أعزائي القراء شهركم مبارك، في كل عام تجتهد القنوات الفضائية لتقديم برامجها ومسلسلاتها في شهر رمضان المبارك، فيها ما هو جيد ومفيد، وعلى النقيض فيها الغث الذي لا فائدة منه سوى ضياع وقت المشاهد، وإفساد ذائقته، وبين هذا وذاك لا تسلم القنوات الفضائية من انتقاد برامجها أو مسلسلاتها التي تقوم على النقد الاجتماعي والسياسي والديني التي يحرص القائمون على تلك القنوات أن تكون برامجهم قائمة على توعية وتثقيف المجتمع العربي والإسلامي. في هذا العام تناولتْ وسائل التواصل الاجتماعي مسلسل (غرابيب سود) وهو أحد الأعمال الدرامية التي أثارتْ جدلاً واسعاً بين طبقات المثقفين وأفراد المجتمع، والمتابعين لحلقاته الأولى, فمنهم من يتهم المسلسل بالطائفية ومنهم من يراه حربًا على الإسلام، لأنه يشوّه الدين بصورة مستفزة، ومنهم من يدافع عن المسلسل باعتباره يقوم بتوعية المجتمع من الفكر الداعشي الإرهابي ويقدم رسالة واضحة بعدم الانسياق وراء الشعارات البراقة التي ترتكب الجرائم الإنسانية تحت مظلة الدين، وهو منهم براء. أرى أن فكرة المسلسل جيدة لكن صياغتها الدرامية تبدو ركيكة، والسيناريو يحتاج إلى إعادة نظر, لسد الثغرات التي قد يدخل منها أعداء الإسلام، وأعتقد أن كاتب أية أعمال درامية يتناول الفكر الإرهابي يجب أن يكون على دراية كاملة بالمسائل الفقهية القديمة والمعاصرة وفهمها فهمًا دقيقًا عند معالجة القضايا الفقهية الشائكة في الموروث الإسلامي، التي يستغلها دعاة الفكر المتطرف في أعمالهم الإرهابية كما يفعل تنظيم داعش, حتى لا يصدم المشاهد في قواعد فقهية يعتبرها من الثوابت المسلم بها، أو مسائل شرعية يرى أنه لا يجوز الاقتراب منها أو المساس بشرعيتها. وهنا لابد من توعية المجتمع بخطر تلك الممارسات الخاطئة التي تعتمد على التفسيرات القديمة للموروث الفقهي، دون فهم الخطاب الفقهي المعاصر، حتى لا يكون المجتمع ضحية لفهمٍ خاطئٍ، كما فعل به الخطاب الديني الصحوي المتشدد في بداية القرن الحالي، الذي ضيّع القيمَ الحياتية الكبرى وغيّبَ المقاصدَ العظيمة للدّين الإسلامي، واختزلها في فروع ضيقة، وقيّد الحلال بفكرٍ أحاديٍ إقصائي، واستخدم مصطلحات التكفير والتفسيق، وتحويل الإسلام إلى صراعاتٍ مذهبية وحزبية، ما أدّى إلى العنف والتطرف. وبالتأكيد إذا أردنا احتواء المجتمع فلا بدّ من توعيته التوعية الصحيحة والعودة إلى الخطاب الإسلامي الأصيل المعتدل المتسامح، الذي سيعود بالمجتمع إلى مقاصد الإسلام السامية والنبيلة وسينمّي في المجتمع الفهم العميق للثوابت التي لا تتغير، وسيستفيد من التجارب الحياتية والمفاهيم المتراكمة للانتقال به من مفهوم الآفاق الضيقة إلى مفاهيم وآفاق إنسانية أكثر رحابة ومدنية وتحضرا ومواكبة للحياة العصرية، وكل عام وأنتم بخير.

مشاركة :