تتقدم قوات سوريا الديمقراطية في الرقة، معقل تنظيم "الدولة الإسلامية" في البلاد، بعد يومين من دخولها المدينة ضمن حملة لطرد مقاتلي التنظيم المتطرف منها. ويترافق هذا التقدم بمعارك عنيفة ضد الجهاديين الذين أخلوا بعض أحياء المدينة لإقامة الخنادق والدفاعات استعدادا لهذه الاشتباكات. تخوض قوات "سوريا الديمقراطية" الخميس، معارك عنيفة في محاولتها التقدم أكثر في مدينة الرقة، معقل تنظيم "الدولة الإسلامية" في البلاد، بعد يومين على دخولها إليها. وأعلنت قوات "سوريا الديمقراطية" صباح الثلاثاء بدء "المعركة الكبرى" لطرد الجهاديين من مدينة الرقة، وشنت هجوما واسعا عليها من الجهات الشمالية والشرقية والغربية، وذلك بعد سبعة أشهر على إطلاقها حملة "غضب الفرات" ضد الجهاديين في الرقة. ودخل مراسل فرانس برس الأربعاء مدينة الرقة برفقة قوات "سوريا الديمقراطية" وتحديدا إلى حي المشلب، أول الأحياء التي اقتحمتها تلك القوات الثلاثاء. وأفاد مراسل فرانس برس لدى دخوله الحي لوقت قصير عن معارك عنيفة يتخللها قصف لتنظيم "الدولة الإسلامية" بقذائف الهاون ضد القوات المتقدمة. وسيطرت قوات "سوريا الديمقراطية" على أجزاء من الحي، وفق المراسل، بعد تلقيها دعما كثيفا من طائرات التحالف الدولي بقيادة واشنطن التي تواصل استهداف مواقع الجهاديين. وتسلح عناصر قوات "سوريا الديمقراطية" بالسلاح الخفيف، بينها بنادق كلاشينكوف، وكانوا يقصفون بدورهم بالهاون مواقع الجهاديين. وعمد الجهاديون أيضا إلى إرسال طائرات مسيرة لإلقاء قنابل وإعاقة تقدم خصومهم. ولم تسمح قوات "سوريا الديمقراطية" للصحافيين بالعودة إلى المدينة الخميس بسبب المعارك العنيفة التي تدور فيها. وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان استمرار المعارك في حي المشلب، مشيرا إلى أن قوات "سوريا الديمقراطية" تسيطر حاليا على 70 في المئة منه وتبعد نحو 400 متر من حي الصناعة المجاور. ويرصد تنظيم "الدولة الإسلامية"، بحسب المرصد، حي المشلب "بشكل دقيق عبر قناصته، كما زرع الألغام فيه بشكل كثيف". خنادق وأنفاق وأفاد المرصد أيضا أن تنظيم "الدولة الإسلامية" كان قد "أفرغ حي المشلب من السكان" ليتيح أمام مقاتليه حفر خنادق وأنفاق داخله. وتدور اشتباكات عنيفة أيضا على الأطراف الغربية للمدينة، بحسب المرصد الذي أشار إلى أن "القوات الخاصة الأمريكية تشارك بشكل فعلي" في المعارك على جبهات عدة. ويدعم التحالف الدولي قوات "سوريا الديمقراطية" بالغارات الجوية أو التسليح أو المستشارين العسكريين على الأرض. ويوجد نحو 500 عسكري أمريكي، بينهم عناصر من القوات الخاصة الأمريكية، في شمال سوريا يشكلون دعما، لا سيما كمستشارين عسكريين، لمعركة الرقة. وبدأت قوات "سوريا الديمقراطية" في مطلع تشرين الثاني/نوفمبر حملة "غضب الفرات" لطرد تنظيم "الدولة الإسلامية" من الرقة. وتمكنت منذ ذلك الحين من السيطرة على مناطق واسعة في محافظة الرقة (شمال) وقطعت طرق الإمداد الرئيسية للجهاديين إلى المدينة من الجهات الشمالية والشرقية والغربية. وشاهد مراسل فرانس برس الأربعاء في منطقة صحراوية شرق الرقة عربات مصفحة تابعة للتحالف الدولي تحمل على متنها أسلحة ثقيلة، وتمت تغطيتها بأقمشة عسكرية. واتخذ قياديون وقياديات من قوات "سوريا الديمقراطية" من سطح أحد المنازل مقرا لهم لمراقبة سير العملية، مستعينين بألواح إلكترونية لتحديد مواقع الجهاديين على الخريطة. وكان يعيش في مدينة الرقة تحت حكم الجهاديين نحو 300 ألف مدني، بينهم 80 ألف نازح من مناطق سورية أخرى. إلا أن الآلاف فروا خلال الأشهر الأخيرة من المدينة ليبقى فيها 160 ألف شخص وفق تقديرات الأمم المتحدة. وقال ناشط في حملة "الرقة تذبح بصمت" التي تنشط سرا في المدينة منذ 2014 وتوثق انتهاكات وممارسات التنظيم، لفرانس برس إن الظروف الإنسانية صعبة جدا خاصة مع انقطاع المياه والكهرباء والقصف الجوي العنيف. وعبرت لجنة الإنقاذ الدولية في بيان أصدرته في بداية الأسبوع الحالي عن "قلق شديد على سلامة المدنيين في الرقة"، مشيرة إلى تراجع في أعداد الفارين منها، "ما قد يشير إلى أن تنظيم ’الدولة الإسلامية‘ ينوي استخدام (...) الذين لا يزالون عالقين في المدينة كدروع بشرية". ويثير تقدم قوات "سوريا الديمقراطية" في اتجاه الرقة قلق أنقرة التي كانت ترغب بالمشاركة في طرد تنظيم "الدولة الإسلامية" من المدينة، لكنها لم تحظ بضوء أخضر أمريكي. وتعتبر أنقرة وحدات حماية الشعب الكردية، العمود الفقري لقوات "سوريا الديمقراطية"، "مجموعات إرهابية". وطالما اعتبرت دمشق أيضا أن الرقة "أولوية" للجيش السوري، إلا أن الأخير لم يتدخل كثيرا في هذه الجبهة. وبشكل عام، يوجد انطباع بوجود تلاقي مصالح بين الأكراد والنظام السوري. وقال وزير الخارجية السوري وليد المعلم في أحد مؤتمراته الصحافية "نعتقد أن ما يقوم به المواطنون الأكراد في سوريا في محاربة ’داعش‘ (تنظيم ’الدولة الإسلامية‘) هو أمر مشروع". ودخل الجيش السوري على جبهة الرقة الثلاثاء عبر تخطي الحدود الإدارية للمحافظة من الجهة الغربية وتحقيق تقدم ضد الجهاديين بدعم جوي روسي، وفق المرصد السوري. وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) الخميس أن الطيران السوري قصف مواقع الجهاديين في ريف الرقة الغربي. إلا أن المرصد السوري أكد أن طائرات حربية روسية تشن غارات ضد مواقع الجهاديين لدعم تقدم قوات النظام. فرانس24/ أ ف ب نشرت في : 08/06/2017
مشاركة :