على الطرف الشرقي للرقة السورية عبر بضعة مسلحين من مقاتلي المعارضة النهر سيرا على الأقدام وفي سيارة وهم يرسلون إحداثيات تحركاتهم للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة حتى لا تصيبهم نيران صديقة. تلك هي الطريقة الوحيدة للوصول إلى المشلب وهو أول حي دخلته القوات الكردية والعربية في بداية ما يصفها التحالف بمعركة طويلة وصعبة لاستعادة الرقة المعقل الرئيسي لتنظيم داعش في سوريا. وبدأت قوات سوريا الديمقراطية هجومها للسيطرة على الرقة هذا الأسبوع. وبينما كانت المدفعية وطائرات التحالف تقصف أهدافا في المدينة دخل مقاتلو قوات سوريا الديمقراطية في مجموعات صغيرة الحي خلال جولة لوسائل الإعلام. قال مقاتل يدعى خليل “الرفاق يتقدمون وقوات داعش تنهار أمامنا لكن هناك قناصة يعيقون تحركاتنا وأيضا يقصفون مواقعنا بقذائف المورتر”. وعلى مدى عدة أشهر ساعدت ضربات جوية وقوات خاصة من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة قوات سوريا الديمقراطية على تطويق الرقة التي سيطرت عليها داعش في 2014 واستخدمتها قاعدة للتخطيط لهجمات في الخارج. وفي بيان تلقته رويترز قال الكولونيل جوزيف سكروكا المتحدث باسم التحالف إن مقاومة المتشددين كانت “في حدها الأدنى” خارج المدينة وإنهم يتقهقرون “لحماية حصونهم داخل المدينة”. وغادر قليل من المدنيين مزارع قرب الرقة أمس الأربعاء وهم يلوحون بأعلام بيضاء لدى توجههم نحو قوات سوريا الديمقراطية في المشلب على طريق تناثرت عليه أجزاء من سيارات انفجرت. وعلى مداخل المدينة يقف جسر منهار شاهدا على الضربات الجوية التي تركت داعش دون سبيل للخروج سوى بالقوارب لعبور نهر الفرات. وتصاعدت أعمدة الدخان قرب الموقع. وعبر مقاتلون من قوات سوريا الديمقراطية النهر إلى الحي عبر ممرات بدائية. وقالت قائدة ميدانية تدعى كلارا إن القتال مستمر في بعض أجزاء الحي. وأضافت أن مسلحي داعش اعتمدوا على الألغام والسيارات الملغومة والانتحاريين في الدفاع عن الحي في الأيام الماضية. وقال مقاتلون إنهم يتقدمون في مجموعات صغيرة مؤلفة من خمسة أفراد أو أقل وينتظرون في بنايات تعرضت للقصف أو في خنادق صنعتها ضربات جوية لتأمين الطريق لتقدم القوات. وفي كل تحرك يرسل قائد المجموعة إحداثيات مواقعهم ومواقع العدو لطيارين من التحالف. وبعيدا عن خطوط المواجهة يحمل مقاتلون يرتدون ملابس مموهة شحنات من الأسلحة من شاحنات. وقالت قائدة ميدانية من قوات سوريا الديمقراطية إن التحالف زودهم مؤخرا بالأسلحة ومن بينها قذائف مورتر. وقالت أنكيزا محمود وهي قائدة إحدى وحدات قوات سوريا الديمقراطية وهي واحدة من مقاتلات عديدات يشاركن في الهجوم “تلك الأسلحة وصلت لنا حديثا لأننا أرسلنا مقاتلينا إلى التدريب لدى قوات التحالف”. وارتدى عدد من المقاتلين الذين يحمّلون الأسلحة شارات وحدات حماية الشعب الكردية السورية وهي أقوى مكون في تحالف قوات سوريا الديمقراطية. وتسبب دورها في حملة الرقة في توتر العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا حليفتها في حلف شمال الأطلسي التي تخشى من هيمنة متنامية للأكراد على حدودها. وقالت الولايات المتحدة الأسبوع الماضي إنها بدأت تزويد وحدات حماية الشعب بالأسلحة من أجل هجوم الرقة مما زاد من غضب أنقرة التي تعتبرهم امتدادا لحزب العمال الكردستاني المحظور الذي حمل السلاح على مدى ثلاثة عقود على الأراضي التركية. لكن وحدات حماية الشعب ظلت هي الشريك الرئيسي للولايات المتحدة في حربها ضد داعش في شمال سوريا. وقال مقاتلون إن شحنة أسلحة وصلت إلى الأطراف الشرقية لمدينة الرقة أمس الأربعاء وإن مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية الذين تلقوا تدريبا مؤخرا سيتجهون قريبا لخطوط القتال الأمامية.
مشاركة :