قالت رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي اليوم (الجمعة) إنها ستشكل حكومة جديدة تقود بريطانيا في المحادثات مع الاتحاد الأوروبي لضمان التوصل إلى اتفاق ناجح للخروج من التكتل (بريكزيت). وقالت ماي أمام مقر إقامتها الرسمي في داوننغ ستريت إنها ستعتمد في البرلمان على تأييد «أصدقائها» من «الحزب الديموقراطي الوحدوي» في إرلندا الشمالية بعد أن أخفق حزب «المحافظين» الذي تتزعمه في الفوز بغالبية. وتابعت «سنواصل العمل مع أصدقائنا وحلفائنا في الحزب الديموقراطي الوحدوي على وجه الخصوص». ومضت قائلة «يتمتع حزبانا بعلاقات قوية منذ سنوات وهو ما يجعلني أثق في أننا سنتمكن من العمل معاً من أجل صالح المملكة المتحدة ككل». في المقابل، هنأ رئيس «المجلس الأوروبي» دونالد توسك ماي على إعادة توليها رئاسة وزراء بريطانيا وحضّها على البدء في أقرب وقت ممكن في محادثات الخروج من الاتحاد الأوروبي. وقال توسك الذي يرأس قمم قادة الاتحاد الأوروبي «مسؤوليتنا المشتركة ومهمتنا الملحة الآن إجراء مفاوضات انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي بأفضل روح ممكنة والتوصل إلى النتيجة الأقل ضرراً لمواطنينا وشركاتنا وبلادنا بعد آذار (مارس) 2019». وأضاف أن «الإطار الزمني الذي تضعه المادة 50 للمعاهدة لا يترك لنا وقتاً لنضيعه» في إشارة إلى مهلة تنقضي في آذار 2019 عندما لا تصبح بريطانيا عضواً في الاتحاد سواء توصلت إلى اتفاق أم لا. وفشلت ماي في الفوز بغالبية برلمانية اليوم، في انتخابات مبكرة دعت إليها لتعزيز موقفها في محادثات الخروج من الاتحاد الأوروبي. ولم يخرج فائز واضح من الانتخابات التي جرت أمس، وأشارت ماي إلى أنها «ستواصل النضال»، بينما دعا منافسها زعيم حزب «العمال» جيريمي كوربين إلى استقالتها. وفاجأت رئيسة الوزراء الجميع حين أعلنت قبل سبعة أسابيع إجراء انتخابات مبكرة، على رغم أنها لم تكن مقررة قبل العام 2020. ووصف سياسيون القرار خطأ فادح، وتهكموا من أدائها خلال الحملة الانتخابية. وذكرت «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي) أن رئيسة الوزراء لا تعتزم الاستقالة. وبعد إعلان نتائج 643 مقعداً من مقاعد البرلمان البالغ عددها 650 مقعداً، حصل «المحافظون» على 315 مقعداً، ولم يتمكنوا من الاستحواذ على العدد المطلوب لتحقيق غالبية برلمانية، وهو 326 مقعداً. وحصل حزب «العمال» على 261 مقعداً. وقالت ماي بعدما فازت بمقعدها البرلماني: «في هذا الوقت، أكثر ما يحتاجه هذا البلد هو فترة من الاستقرار». وأضافت: «إذا كان... حزب المحافظين فاز بأكبر عدد من المقاعد وعلى الأرجح بأكبر عدد من الأصوات، فسيكون لزاماً علينا أن نضمن تحقيق تلك الفترة من الاستقرار وهذا هو ما سنفعله بالضبط». وكانت النائب المحافظة أنا سوبري أول عضو في حزب «المحافظين» ينتقد ماي علناً، إذ طالبتها بأن «تفكر في موقفها» وقالت: «خضنا للأسف حملة مريعة تماماً». بدوره، قال زعيم حزب «العمال» بعدما فاز بمقعده إن محاولة ماي الفوز بتفويض أكبر أتت بأثر عكسي. وأضاف: «التفويض الذي خرجت به هو فقد مقاعد للمحافظين وفقد أصوات وفقد دعم وفقد ثقة». وتابع: «أظن أن هذا يكفي لترحل وتفسح الطريق لحكومة تمثل حقاً كل الناس في هذا البلد». وذكر ناطق باسم مكتب رئيسة الوزراء أنها ستطلب تفويضاً اليوم من الملكة إليزابيث الثانية بتشكيل حكومة جديدة للبلاد. ومن المقرر بدء المحادثات المعقدة للغاية المتعلقة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في غضون 10 أيام فقط. ومن منظور الاتحاد، فإن مجريات الأمور قد تعني تأخر البدء في محادثات الانسحاب من التكتل وزيادة احتمال فشل المفاوضات. وقال مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون الموازنة غونتر أوتينغر في تصريحات لـ «الإذاعة الألمانية»: «نحتاج حكومة يمكنها العمل... ومع وجود شريك تفاوضي ضعيف يكمن خطر أن تأتي المفاوضات بنتائج سيئة للجانبين». ومن جهته، قال نائب وزير الخارجية الألماني مايكل روث، العضو في «الائتلاف الديمقراطي الاشتراكي» بزعامة المستشارة أنغيلا مركل، لتلفزيون «زد دي اف»: «بغض النظر عن سؤال من سيشكل الحكومة في بريطانيا الوقت يمر... أمامنا أقل من عامين للتفاوض على الخروج... ومن ثم علينا ألا نضيع أي وقت الآن». وقال رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب لإذاعة «أوروبا 1» إن محادثات خروج بريطانيا من الاتحاد ستكون طويلة ومعقدة، لكن نتيجة الانتخابات العامة البريطانية لا تضع اختيار بريطانيا الانسحاب من الاتحاد محل تساؤل. بدوره، قال رئيس الوزراء التشيخي بوسلاف سوبوتكا إن على بريطانيا تشكيل حكومة جديدة سريعاً بعد ضياع أشهر بالفعل من محادثات الانسحاب من الاتحاد الأوروبي. وأضاف للتلفزيون التشيخي: «أتطلع فحسب ألا يستغرق الأمر وقتاً أطول من اللازم (لتشكيل حكومة)».
مشاركة :