تسبب «شح» مياه زمزم في أسواق المنطقة الشرقية، في نشوء «سوق سوداء». فيما شهدت الأسعار ارتفاعاً «غير مسبوق»، إذ بلغ سعر عبوة الماء البالغ وزنها 10 لترات نحو 30 ريالاً. بعد أن كانت تباع قبل أشهر بـ 16 ريالاً، بزيادة وصلت إلى 100 في المئة. فيما اختفت من الأسواق العبوات الصغيرة التي كانت تباع بريال واحد. وأرجع باعة الوضع الحالي إلى جماعات تحتكر البيع داخل العاصمة المقدسة، وبخاصة في الأشهر الأخيرة. وتباع مياه زمزم عادة في المحال المتخصصة في بيع التمور أو العطور ودهن العود، فيما لا توجد محال متخصصة لبيعها. وتشتري هذه المحال المياه من موزعين يجلبونها من مكة المكرمة، الذين بدورهم يشترونها من تجار هناك، يحصلون على المياه من مؤسسة تابعة للحرم المكي. كما أن شركات الحج والعمرة في الدمام التي تنفذ رحلات مستمرة إلى الديار المقدسة، تبيع المياه وبأسعار «أقل» نظراً إلى كونها من دون كلفة، إذ لا تتكبد هذه الشركات كلفة الشحن والنقل أسوة في الآخرين. وكشفت جولة «الحياة» الميدانية في أسواق التمور وبيع العطور ودهن العود، أن السوق بأكملها خالية من ماء زمزم، باستثناء عدد قليل من المحال التي تقوم ببيعه وبأسعار مختلفة. فيما أسرّ أحد الباعة أنه بإمكانه البيع بسعر أقل «شريطة شراء عدد لا يتجاوز 10 عبوات، على أن يتم التسليم خلف المحل» لأنه – على حد قوله – يقوم بهذه المهمة «خدمة خاصة للزبائن الخاصين، وليس المشتري العادي». واشتكى أصحاب المحال من ندرة وصول مياه زمزم إلى حاضرة الدمام منذ نحو أشهر، وأن هذا الأمر كان متوقعاً، وبخاصة بعد توارد أخبار عن وجود جماعات قامت برفع السعر داخل مكة المكرمة، بقصد محاصرة الشحنات التي تخرج إلى خارجها وبيعها هناك بسعر مرتفع، لافتين إلى «مجموعة من التجار قاموا بطرح كميات محدودة، بعد خلو السوق من مياه زمزم بأسعار مضاعفة ومرهقة، لمن يرغب في شراء زمزم من أجل البركة». فيما شكت بقية المحال من «الشح»، مؤكدين أن ماء زمزم «محل طلب زوار المملكة، ومن دول الخليج تحديداً»، لافتين إلى الإقبال الدائم عليه من السعوديين والمقيمين من سكان المنطقة الشرقية، بخاصة أن هناك من يشرب هذا النوع من الماء بشكل يومي، نظراً لما فيه من خير وبركة يعتقدها المسلمون». بينما ذكر بائع آخر أنه «بالإمكان البيع وفق هوى المُحتكر لسوق بيع الماء، ولكن هذا الأمر سيعود علينا بالكثير من الخسائر، لأننا سنضطر كأصحاب محال إلى رفع السعر أيضاً بعد الشحن على المستهلك، وسندخل في دائرة اتهام من جهة المشتري، الذي يستغرب هذا الغلاء في ماء مبارك وهبة من الله، من دون الخوض في التفاصيل لمعرفة أسباب هذا السعر أو ذاك». بدوره، توقع محمد الغامدي الذي يدير إحدى شركات الحج والعمرة، واعتاد بشكل دائم على جلب مياه زمزم، «تلاشي الشح قريباً وستعود المياه كما كانت في السابق»، مؤكداً أن سبب هذا الاحتكار «عائد إلى وجود محتكرين من الجهتين، سواءً داخل مكة المكرمة أم في الدمام»، كاشفاً أن المحال التي تبيع في الوقت الحاضر «في الأغلب هي تمثل حالة احتكار، لأنها علمت منذ أشهر بحدوث هذا الأمر، وتتلاعب الآن في الأسعار من دون أن تكون هناك محاسبة لها». فيما أبلغت مصادر «الحياة» أن هناك أسباباً أخرى لارتفاع الأسعار، بينها أن الجهة التي تتولى توزيع وبيع المياه التابعة للحرم، خفضت الكميات المباعة لكل مواطن من 10 عبوات إلى عبوتين فقط. ما أحدث «نقصاً» في الكميات المعروضة في الأسواق. ماء زمزم
مشاركة :