مرَّة أخرى ننصح حكام قطر بالعودة إلى التاريخ وقراءته بتمعن لاستخلاص العبر. ومن دروس التاريخ نقدم لحكام قطر نموذجين، أحدهما الصين، والآخر في سوريا، وكلاهما لم يُنسَ من ذاكرة البشر في هذا العصر، إذ لا يزال البشر يتذكرون نهاية ما أسموه بالصين بحكم «عصابة الأربعة» بعد رحيل ماوتسي تونغ أمين الحزب الشيوعي الصيني الحاكم في الصين، وبعده هيمن على الحكم أربعة شخصيات قادتهم أرملته التي أغلقت الصين على شعبها وفرضت ما أسمته بالثورة الثقافية التي كادت تدمر الصين وتعيد شعبها إلى عصر الرق، إلا أن غُمَّة الصين أُزيحتْ بعد القضاء على حكم عصابة الأربعة في الصين، لتنطلق البلاد بعدها وتدخل في سباق التفوق مع الولايات المتحدة، بعد أن تجاوزت الدول المتقدمة الأخرى. نموذج آخر نقدمه لجماعة الأربعة الحاكمة في قطر، وهو غير بعيد زماناً ومكاناً، فرئيس النظام السوري بشار الأسد الذي انتفض عليه الشعب السوري، حاول وقف الانتفاضة الشعبية بالتحالف مع أعداء السوريين والذين لا يتبعون إليه بأي صلة، فهناك اختلاف في المذهب والملة، وبدلاً من أن يستجيب لمطالب السوريين ويحسن أوضاعهم ويرفع الظلم الطائفي عنهم، استعان بملالي إيران وأذرعتهم الإرهابية، حتى حراسه الشخصيين استبدلهم بحراس الثورة الإيرانية، فأصبحت سوريا مستباحة من كل الجيوش المعروفة والمليشيات والجماعات الإرهابية، واكتفى بشار الأسد بالمكوث داخل قصره محاصراً من أعدائه من أبناء شعبه، ومن الذين جلبهم لحمايته من الشعب، وتحوَّل قرار سورية إلى الغرباء، فالذي يبُتُّ في القضايا المهمة هم ملالي إيران وعملاؤهم من مليشيات حزب الله والمليشيات الطائفية القادمة من العراق، وأصبح يحيط ببشار الأسد مجموعة من الإيرانيين والروس، ومن خلال صفة مستشارين يسيِّرون الأوضاع في سوريا إن كانت عسكرية أو أمنية أو سياسية. الآن جماعة الأربعة الحاكمة في قطر تقود دولة قطر وشعبها المسالم الطيب إلى وضع مأساوي قد يصل إلى ما وصلت إليه سوريا في ظل تخبط بشار الأسد ولجوئه إلى الغرباء لحماية حكمه، مثلما تفعل جماعة الأربعة في قطر، إذ تداولت وسائط الاتصال الاجتماعي لمغردين قطريين من أن الحرس الأميري القطري استعان بعدد من عناصر حرس الثورة الإيرانية والذين بختصون بحراسة القصر الأميري، وحراس ما يسمونه بالأمير الوالد حمد بن خليفة، والأمير الحالي تميم بن حمد، وثالث الأربعة عندما يقيم في الدوحة حمد بن جاسم، والفصيلة التي تؤمن الحراسة لرأس جماعة الأربعة حمد بن خليفة هي نفسها التي تؤمن الحماية لزوجته التي تشكل الضلع الرابع من جماعة الأربعة. صورة مشابهة لحكم عصابة الأربعة في الصين، ومشابهة أيضاً لما حصل في سوريا عندما استعان بشار الأسد بحرس الثورة الإيرانية لحراسته خوفاً من أبناء سوريا. القرار الآخر الذي أدهش أهل قطر وكلَّ من يتابع أزمة الأربعة من أهل الخليج العربي، وهو إعلان تركيا إرسال قوات تركية إلى قطر، ويتساءل القطريون قبل غيرهم مَنْ الذي يهدد قطر حتى تطلب قوات تركية لحمايتها، فالذي يعرفه أهل الخليج العربي أن حكومة جماعة الأربعة تدعم الإرهاب ودولاً ومليشيات، وتقدم لهم الأموال والسلاح، وأن العديد من دول الخليج والدول العربية الأخرى تشكو طغيان وتسلط حكومة الأربعة القطرية، والذي يدعم الأذرع الإرهابية لا يحتاج إلى قوات لتحميه، فما الذي جعل جماعة الأربعة تفكر بطلب قوات تركية، وهل وجود حراس إيرانيين لحماية رؤوس الحكم القطري والذين يقودون الفتنة وإدخال قوات تركية يخدمان ما يردده حكام قطر عن استقلال قرارها السياسي. القطريون يتابعون تقاطر القوات الأجنبية في بلادهم، فبعد الأمريكيين في قاعدة العديد حلَّ الإيرانيون حراساً للأمير ووالده ووالدته، وتبعهم الأتراك للانتشار في البلاد التي تسير على منوال ما حصل في سوريا التي استباحها الجميع.
مشاركة :