لا يعجبنا أن نعترف بأنّ شهر رمضان، الذي هو في الأساس شهر عبادة وعمل، هو أيضاُ الشهر الذي تزداد فيه أوزاننا ونصاب بالكثير من الأمراض المرتبطة بالتخمة والكسل والسهر. ورمضان هو أيضاُ الشهر الذي تتفنن فيه المطاعم بتقديم المأكولات ذات السعرات الحرارية العالية من نشويات وسكريات ودهون، ولا يقل عن ذلك سوءاً ما يتم إعداده في البيوت من أطعمة غير صحية على الإطلاق وإن كان لذيذاً جداً للأسف ومغرية، ولا يملك حتى خبراء التغذية الذين ينصحون الغير بعدم تناولها، باقتراف خطيئة التهامها دون تردد وبخاصة على مائدة الإفطار الرمضانية التي يتم البدء بإعدادها وتجهيزها منذ ساعات الصباح الأولى! وأظن أنّ أكثرنا قد تعوّد على ذلك حتى أصبح هذا السلوك مقبولاً، إن لم نقل عادياً، فنحن غالباً ما نمارس الحيل النفسية مع أنفسنا لتبرير هذا السلوك، بأن نزعم أن هذا الإفراط الضار هو سلوك مؤقت ينتهي بنهاية الشهر الكريم. يضاف إلى هذا كله ما نفعله بأنفسنا حين نشتري الأطعمة الجاهزة من بعض المطاعم الشعبية التي تصنع المأكولات الرمضانية والعصيرات والأطعمة المختلفة، وبعضها أكشاك صغيرة أو حتى باعة متجولون؛ فهذه الأطعمة لا توجد أي ضمانات صحية تتعلق بنظافتها أو بسلامة مكوّناتها، أو بخلو من يقومون بإعدادها من الأمراض المعدية. نعرف أن البلديات والأمانات تضم إدارات لصحة البيئة، وأن مراقبيها يقومون بحملات رقابية على هذه الأماكن للتأكد من التزامها بالمعايير المطلوبة، وعندما يكتشف المراقبون مخالفات يقدمون إنذارات للمحلات المخالفة كي تصحح أوضاعها، وتفرض عليها غرامات بسبب مخالفاتها. نعم هذه الإدارات تمارس عملها الرقابي، ولكن يبدو أن «الشق أكبر من الرقعة»، كما يقال، فهذه المطاعم والمحلات المتهالكة مستمرة في أنشطتها، ويكفي أن يلقي الإنسان نظرة على ملابس العاملين فيها وعلى مظهرهم الرث، والطريقة التي يتم بها عرض الأطعمة قبل وبعد تجهيزها، وما يحوم عليها من حشرات، ليدرك أنها قنابل مرضية موقوتة، وربما ما خفي داخل المطابخ كان أعظم! لا أريد أن أصد نفس الصائم الذي يقرأ هذا المقال ويستعد لتناول إفطارٍ شهي أو سحورٍ يساعده على مواجهة يوم حافل، لكن خطر الأطعمة الرمضانية التي نشتريها من بعض المطاعم هو خطر حقيقي، تضاف إليه المخاطر الاختيارية التي نُقْدِم عليها برغبة وبتلذذ، عندما نتخم بطوننا بما يفوق قدرتنا على الهضم وبما يفيض عن حاجتنا الفعلية. وكل رمضان وأنتم بخير.
مشاركة :