على الرغم من أنني أقابل طبيبتي النفسية منذ خمس سنوات تقريباً، فما زلت لا أعرف كيف أبدأ الجلسة. مكتبها يبعث في نفسي شعوراً بالتوتر لا يمكن تفسيره. كل قلم على مكتبها، كل ورقة صغيرة، كل كتاب سميك، كل إيماءة بيدها، كل نظرة، كل شيء في مكانه الصحيح - مثل تلك الأغنية لراديوهيد التي تصيبني أيضاً بالتوتر. لا بد أنني مصابة بنقيض الوسواس القهري، فأنا أكثر راحة عندما يعم المكان الفوضى، ولا عجب في ذلك، فأمواج الفوضى تغمرني منذ ولادتي. أنتظر أن تسألني كيف حالي، وكعادتي أثناء انتظاري، أغرق في عينيها الواسعتين وسع الكواكب وأستريح عند شفتيها النحيفتين جداً. أحب جمالها، فإنه يهدئني. لا أصدق انحيازي لمن هم أكثر جمالاً وشعوري بالراحة معهم، فأنا لست إعلاناً لمنتجات دوف. أسأل نفسي هل الانجذاب للجمال فطرة أم نتيجة للصور النمطية الجاهزة عن الجمال التي كرسها العالم؟ آمل أن تتكلم قريباً، فحبل الأفكار الذي يقيدني الآن غير ضروري ومثير للقلق. تحدثي، أرجوك! "كيف حالك مؤخراً؟" تسألني هذا السؤال في بداية كل جلسة ولكني ما زلت أبحث عن إجابة. أمن المفترض أن أقول لها إنني بخير، لأنني ليس لدي أي سبب حقاً لاكون لست بخير؟ أنا أحصل على الطعام، أنتشي، وأمارس الجنس. ليس لدي ما يمكن أن أطلبه أكثر من ذلك. أم أيجب علي أن أقول إنني في الأوقات التي لا أكرس فيها كل جهودي لأشعر بالسعادة المفرطة، يهاجمني الاكتئاب الشديد ويوجهني الشعور بالغضب تجاه الجميع؟أقوال جاهزة شاركغرد"أقول لها إنني بخير، لأنني ليس لدي أي سبب حقاً لاكون لست بخير؟ أنا أحصل على الطعام، أنتشي، وأمارس الجنس" شاركغرد"لا يمكن إصلاحي، بغض النظر عن عدد الأطباء ذوي الوجوه الجميلة الذين يسألونني: كيف حالك؟" أنا لا أريد أن أبدو كثيرة الشكوى كالأطفال، فأنا أعلم أن حال الكثير من الناس أسوأ من حالي. أتعتبر مجرد شكوى إن تخللت جلسة العلاج؟ أنا أدرك الآن أنني أخذت وقتاً طويلاً للإجابة وتكلفة هذه الدقائق المادية عالية. قررت أن أختار أخيراً الإجابة المطمئنة ومفادها إنني أفضل. تسأل هل ما زلت آكل بنهم. أومئ برأسي. تسأل هل ما زلت أدفع نفسي للتقيؤ. أومئ برأسي مجدداً. تسأل هل ما زلت أصيب نفسي بجروح. أهز رأسي نافيةً وتخط هي شيئاً في دفترها. تسألني إن كان أدائي جيداً في دراستي وفي العمل والمنزل. أومئ برأسي. ولكنها تدرك أنني أكذب. تكتب في دفترها مرة أخرى. تسألني "ما الذي تحسن إذا؟"، وأجيبها "أنا هنا، ألست كذلك؟" لم أقتل نفسي أو شخصاً آخر بعد، وبالنسبة لي، هذا يعد تحسناً. وأخيراً أضيف أنني أشعر بتحسن داخلي. تدوّن شيئاً آخر. أريد أن أقرأ ملاحظاتها عني بشدة. هل سيرة حياتي كلها بها؟ هل دونت آراءها الشخصية عني؟ هل تستخدم كلمة "نهامية" أو "منحلة" أو "مدمنة"؟ هل تهتم بي حقاً؟ هل تحبني أكثر أم أقل لو تحدثت أكثر؟ لماذا أهتم إذا كانت طبيبتي تحبني؟ لماذا أريد أن أكون دائماً محبوبة بالرغم من ارتدائي قناعاً يصرخ "أنا لا أهتم برأيك"؟ لماذا تستحوذ علي إعجابات إنستاجرام وريتويتات تغريداتي والمجاملات الرقمية؟ بعد هذا الحوار الأشبه بحوارات رواية "نادي القتال" من الممكن أن تتوقع مني أن أعود إلى منزلي لأترك جميع وسائل التواصل الاجتماعي وأركز على حياتي الحقيقية، ولكنك ستكون مخطئاً! أذهب إلى المنزل وأنشر أفضل صورة سيلفي لي. لا يمكن إصلاحي، بغض النظر عن عدد الأطباء ذوي الوجوه الجميلة الذين يسألونني: كيف حالك؟ يوميات فتاة متحررة من جيل اليوم (1): وعود ووعوديوميات فتاة متحررة من جيل اليوم (2): مباريات الجوع هذه التدوينة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي رصيف22. غزلان راضي غزلان راضي، 21 سنة، صحافية مغربية حرة و طالبة اللغة الانجليزية بالجامعة. كاتبة و شاعرة. مرت من Free Arabs, Huffington Post Maghreb, و Telquel. ناشطة الى متمردة. كلمات مفتاحية مدونة التعليقات
مشاركة :