في لقاء صحفي قبل سنوات عن رمضان وذكرياته، أشرت إلى أن والدي يرحمه الله منعنا من الذهاب إلى الحرم بعد اليوم الثالث من الشهر، ودعانا للصلاة معه في المنزل وقال: أنتم في مكة أتيحت لكم الفرصة لزيارة الحرم طوال العام أما أوقات الذروة ولا سيما في رمضان والحج فالأفضل ترك الحرم للآخرين ممن تستوجب ظروفهم (وقد تكون مرة في العمر) المجيء بقصد الاعتمار أو الحج. ويقول: ولعلمكم فمن يذهب إلى الحرم منكم وفي هذه الأوقات فإنه يأثم لأنه لم يراعِ حقوق الآخرين فاعترض بعض الزملاء في جامعة أم القرى على هذا الرأي. وفي الطائرة التي أقلّتنا من واشنطن إلى جدة قبل بضعة أيام وفي صحيفة المدينة يلفت سماحة المفتي نظر الناس ممن يكررون العمرة في رمضان ويقول أخشى أن يلحق بهم إثم، ويدعو لتجنب هذا المسلك، وأنا وغيري سعداء جداً بتحذير المفتي لأنه ينسجم تماماً مع التشريع القائم دوماً على العقل، وفي هذا السياق فقد كنت أستمع في مدينة سان دياجو بكاليفورنيا إلى حديث ممتع لمعالي الأستاذ الدكتور/ عبدالستار سيرت – وكان وزيراً للشؤون الإسلامية ووزيراً للعدل حتى نهاية الحكم الملكي في أفغانستان، وفي سياق طلب الحكومة السعودية بضرورة تنظيم وترتيب القدوم للحرم في مرحلة توسعة صحن المطاف حالياً أو تأجيل القدوم إن أمكن ذلك.. الخ، أقول كان حديثه شيقاً وممتعاً ويدلل على سعة أفقه يقول: إن تنفيذ الحكم والتشريع في أركان الإسلام يتوقف غالباً على عنصر الزمان فقط. فالصلاة فرض موقوت، والزكاة ركن سنوي، والصوم شهر في العام، إلا الحج فإنه ركن يقوم على عنصري الزمان والمكان يتجسد الزمان في الآية (الحج أشهر معلومات )"شوال، ذي القعدة، ذي الحجة" والمكان مواقيت الإحرام، أرض الحرم، المسجد الحرام، الكعبة الشريفة، عرفات، مزدلفة، منى. ويلفت معالي الدكتور سيرت النظر إلى أن من إعجاز التشريع يلاحظ أن كلاً من عناصر التشريع والزمان والمكان يواكب بعضه بعضاً، ويجعل أداء الركن سهلاً ميسوراً ولله الحمد، ويستشهد بذلك قائلاً: كلما ضاق الزمان وسع المكان، وعندما ضاق المكان وسع الزمان، وإذا ضاق الزمان والمكان معاً توسع التشريع والحكم، ففي ركن عرفات: الزمان محدود والمكان واسع، وهذه حقيقة. وفي ركن الطواف: المكان محدود والزمان واسع حيث يمكن تأجيل الطواف والسعي حتى نهاية ذي الحجة. ويشير إلى ما يحدث عندما يضيق الزمان والمكان كما هو الحال في مزدلفة إلا أن التشريع يتوسع وآراء المذاهب الفقهية تسهل أداء النسك ويقول هذا من فضل الله ورحمته على عباده.. إن علينا أن نتعلم من هذا الإعجاز في التشريع وتطبيقه على العديد من أمور حياتنا .. (وما جعل الله عليكم في الدين من حرج ) والحمد لله على ذلك. Qadis@hotmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (4) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain
مشاركة :