دعا الدكتور عبد الرحمن الزامل، رئيس مجلس الغرف السعودية، إلى إيجاد خطوات عملية لتنفيذ الاتفاقية التجارية والصناعية الموقعة أخيراً بين السعودية والمغرب، واعتبر أن تكرار إعلان أرقام التجارة البينية "إضاعة للوقت" دون توفير إجراءات عملية لتنفيذ الاتفاقيات المشتركة. جاء هذا في كلمة رئيس مجلس الغرف خلال "ملتقى المملكتين" (السعودية والمغرب)، الذي عقد في معرض مكتب الصرف بمدينة الدار البيضاء المغربية أخيراً. وقال الزامل: إنه لا يود أن يضيع وقته بتكرار الأرقام التجارية البينية، أو حتى مستوى الاستثمار المتبادل، لافتاً إلى أن الحل لن يأتي "بمجرد توقيع مذكرة تفاهم بين الوزراء، ثم توضع بالملفات كما تعوّدنا منذ أن أنشئت اللجان السعودية العربية عموماً منذ 30 سنة وأكثر". وطالب بالتركيز على إيجاد خطوات علمية لتحقيق ما تدعو له الاتفاقية المشتركة الجديدة، والتي من أهدافها أن تعالج الصعوبات التي تعرض سير العلاقات التجارية الصناعية، وتطوير التبادل التجاري وتنميته وزيادة حجم الصادرات بين البلدين وتقديم الحلول اللازمة في هذا الشأن. وأضاف، أنه من أجل زيادة التجارة البينية لا بد من زيادة الاستثمار المحلي والإنتاجية في كلا البلدين، خصوصاً في المغرب. وتابع: "هذه الزيادة بحاجة ماسة للتمويلات الميسرة وهي متوفرة للمستثمرين المحليين في المغرب، وهي عبارة عن قروض ميسرة ليس المقصود بها أن تكون بلا فائدة بنكية كما هو معمول به في السعودية أحياناً، وإنما قروض مقدمة من صناديق تنموية سواء صناعية أو غيرها، هدفها الأول التنمية وليس الأرباح. ودعا الزامل المغرب إلى الاقتداء بما عملت به السعودية من خلق استثمارات حكومية في القطاع الصناعي من خلال الصندوق الصناعي وصندوق الاستثمارات العامة والتي تعدت 800 مليار ريال خلال السنوات الماضية. وذكر، أن القطاع الخاص السعودي والمؤسسات المالية ضخا مبالغ مماثلة أدت لتوفر احتياطات ثروة حقيقية في القطاع الصناعي تبلغ 1.5 تريليون ريال "وهي المحرك الرئيس للتنمية وفائدتها واضحة وضوح الشمس مقارنة بالمبالغ الموجودة في الخارج والبالغة نحو 2.5 تريليون ريال تستدعى عند الحاجة للتنمية". وأضاف: "إذا أخذنا القطاع الصناعي كمثال فقد بدأ الصندوق الصناعي برأسمال 125 مليون دولار فقط، والآن رأسماله 10 مليارات دولار، موّل 6400 مصنع، وطوّر أغلبها من صغار المستثمرين وأنتجت بدورها مبيعات تعدت 100 مليار دولار سنوياً، ساعدت في تقليل الاستيراد البالغ 180 مليار دولار، وصادرات غير نفطية بمبلغ 60 مليار دولار سنوياً، بزيادة سنوية 15 في المائة وفرص عمل في القطاع الصناع بواقع 300 ألف وظيفة". وناشد حكومتي البلدين بإنشاء مشاريع صناعية مشتركة وتدعيم التكامل الصناعي وآليات تحفيز الصناعات التصديرية وتحديد القطاعات التي توفر فرصاً استثمارية في كلا البلدين، وتشجيع القطاع الخاص للاستثمار فيها. وقال: "اقترح على حكومة المغرب استنساخ التجربة السنغافورية في صناعات البتروكيماويات وخدماتها من لوجستيات وغيرها، والتي أصبحت سنغافورة مركزاً رئيسياً لتجارة وصناعة البتركيماويات في العالم، بالرغم من أنها لا يوجد لديها أي ميزة خاصة، ما عدا موقعها الجغرافي في الشرق الأقصى". من جهته، قال الدكتور توفيق الربيعة وزير التجارة والصناعة السعودي في كلمة افتتاح الملتقى: إن اتفاقية المملكتين تسعى إلى تشجيع التعاون في مجال الابتكار ودعم مراكز البحوث وتبادل التجارب والخبرات في الصناعات المستقبلية وتقنيات النانو، وفتح قنوات لتسويق وترويج المنتجات الوطنية عبر المعارض التجارية المتخصصة. وأضاف، أن الاتفاقية تؤسس لإنشاء مشاريع صناعية تدعم التكامل الصناعي المشترك وتحفز آليات الصناعات التصديرية وتحديداً في تلك القطاعات التي توفر فرصاً استثمارية في كلا البلدين، كما تسعى الاتفاقية أيضاً إلى تطوير المناطق الصناعية وربط قواعد المعلومات الصناعية المتاحة لدى الجانبين، إضافة إلى نقل التقنية لزيادة القدرة التنافسية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة وتبادل الخبرات في المجال نفسه. من جهته قال محمد الحمادي رئيس الجانب السعودي في مجلس الأعمال السعودي - المغربي: إن التوقعات والتقديرات لتصاعد مقدار التبادل التجاري بين المملكتين إلى سبعة مليارات دولار خلال عام 2014م عن 3.2 مليار دولار في 2011م. وأضاف، أن الفلاحة بوجهيها التقليدي والمتخصص هي الركن الأول لتحقيق أمن غذائي مرضٍ لكلتا المملكتين، وأن ما يمر به البلدان والعالم من أزمات في الغذاء والماء "يجعلنا أمام تحدِّيات كبيرة من أجل بناء شراكات إستراتيجية بين المملكتين تعمل على إخراج الميز النسبية والتنافسية للمنتجات الزراعية". وقال لـ"الاقتصادية" علي اليامي عضو مجلس الأعمال المشترك السعودي المغربي: إن ملتقى المملكتين ينبغي أن يتم من خلاله وضع البنية الأساسية للبلدين لكي تمضيا قدماً نحو التطوير وتحقيق العوائد من الاستثمارات البينية المشتركة. وأضاف، أن المناخ السياسي المتوافق بين البلدين أعطى راحة كبيرة لرجال أعمال سعوديين للاستثمار في المغرب، حيث لا يوجد في المغرب أي عوائق وأمور بيروقراطية في إنشاء وإقامة المشاريع على أراضيها. وطالب المؤسسات السعودية أن تعامل المستثمرين من رجال الأعمال المغاربة بالمثل، خصوصاً الهيئة العامة للاستثمار بألا تضع أمامهم العراقيل في فتح مشاريعهم على الأراضي السعودية. وأشار إلى وجود إشكاليات كبيرة متراكمة لدى الهيئة لكنها بدأت تتقلص حالياً في ظل وجود الإدارة الجديدة، وأضاف: "هيئة الاستثمار عموماً هي ليست للمستثمر الأجنبي بقدر وجودها لحاجة المستثمر السعودي في الداخل والخارج، ولكن بحسب اجتماعنا في المجلس مع رئيس الهيئة فإنه يرحب بمقابلة ولقاء رجال الأعمال المغاربة ومساعدتهم على حل مشاكلهم، وفي كل الأحوال فإن الهيئة لديها عوائق وبدأت بعملية التصحيح لأوضاعها".
مشاركة :