كريستينا العراقية وسط عائلتها بعد سنوات من أسر الجهاديين

  • 6/11/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

تنظيم الدولة الإسلامية. وتجسد معاناة هذه العائلة التي تكاد لا تصدق "المعجزة" التي حصلت معها، مأساة آلاف العائلات المسيحية في محافظة نينوى والتي خيرها تنظيم الدولة الإسلامية في صيف العام 2014، بين اعتناق الإسلام أو دفع الجزية، المغادرة أو الموت. فكان خيار الغالبية العظمى الرحيل، ولاذ 120 ألفا منهم بالفرار. في مخيم أشتي في مدينة اربيل المخصص للنازحين المسيحيين من محافظة نينوى، تخيم اجواء الفرح السبت على كرفان من غرفتين تقيم فيه عائلة كريستينا عزو عبادة. يضيق بالمهنئين الذين يطلقون بالسريانية تعبير "بريخا" اي مبروك. وتطلق بعض النسوة الزغاريد فرحاً بعودة "صغيرة البيت" الجمعة بعد فراق استمر ثلاث سنوات. وتقول والدة كريستينا عايدة (46 عاما) بتأثر شديد بدون ان تتمكن من حبس دموعها "ان ارى ابنتي يعني هذه معجزة" موضحة "صدمت لانها كبرت وتغيرت. لم اعرفها". وكانت عائلة كريستينا في عداد مئات العائلات التي غادرت في اغسطس/آب 2014 بلدة قرقوش التي تعد احدى اهم البلدات المسيحية في العراق. وتروي والدتها أن تنظيم الدولة الإسلامية أخذ ابنتها من حضنها في 20 اغسطس/آب 2014، فيما كانت داخل حافلة اجبرهم عناصره على الصعود اليها بعد طردهم من منازلهم لاخراجهم من البلدة. بعد مرور أكثر من خمسة أشهر على خطفها، علمت العائلة عبر أحد معارفها في مدينة الموصل أن ابنتهم تقيم مع أسرة من 12 فرداً في حي التنك في غرب المدينة. وفي العامين الاخيرين كانت تحصل على معلومات متقطعة عنها من دون ان يتسنى لها يوما التواصل معها او الاطمئنان اليها خصوصا بعدما بدأت القوات العراقية هجوماً واسعا لاستعادة المدينة وتمكنت من السيطرة على الجزء الاكبر منها. "أخذوها من حضني" ودفعت المعارك العائلة التي "تبنت" كريستينا على حد تعبير والدتها الى النزوح مؤخراً. وتلقى شقيقها البكر الياس (25 عاما) مساء الخميس اتصالاً يطلب منه التوجه الى عنوان محدد في مدينة الموصل لتسلم شقيقته. وفي الموعد المحدد، التقت العائلتان وعادت كريستينا الى حضن والديها واخوتها الذين يكررون شكرهم للعائلة التي رعتها خلال السنوات الثلاث الماضية. وبحسب عايدة، بدات العائلة الموصلية الاهتمام بكريستينا بعدما عثرت عليها وحيدة تبكي قرب مسجد. وتقول الوالدة بانفعال "لو كان لديهم (تنظيم الدولة لاسلامية) دين لما اخذوا الطفلة من حضني"، متسائلة بغصة "ماذا يريدون ان يفعلوا بنا؟ بيتنا فجروه وابنتنا أخذوها واموالنا راحت". بنظرات حائرة تراقب كريستينا التي علقت صليباً خشبياً حول عنقها، الضيوف المتوافدين. تبتسم لهم أحياناً وتحتفظ بنظراتها الجدية أحيانا أخرى من دون ان ترد على محدثيها. تلهو بدمية تعزف الموسيقى على الكمان قبل ان تبدأ تمشيط شعرها بلا توقف. دقائق ثم تضع الدمية جانباً. وتتوجه الى كيس مملوء بالهدايا من اثواب واحذية جديدة حملتها الى المنزل احدى المنظمات الخيرية. تبدأ بسحب الاغراض، واحداً تلو الاخر، ثم تعيدها بالطريقة ذاتها. وفي الكرفان الذي يصطف إلى جانب 1200 عربة اخرى تؤوي خمسة آلاف نازح مسيحي من محافظة نينوى، يعجز شقيقا كريستينا وشقيقتاها والأقارب عن وصف شعورهم بعودتها إليهم. ويقول والدها الستيني الضرير خضر "نشكر الله الذي انقذها من ايدي داعش" مضيفاً بكلمات متقطعة "كنت اصلي لها يومياً المسبحة" والى جانبه وضعت صور قديسين الى جانب اسم كريستينا المكتوب على الجدار. "العودة الى الحقيقة" لكن اكثر ما يؤلم عايدة ان ابنتها لم تتمكن من التعرف اليهم. وتقول "لم تتذكر شيئاً، اعتادت على العائلة التي كانت معها لكن سنحاول ان نعودها علينا لتعرف انني امها الحقيقية وهذا والدها الحقيقي واخوانها"، مضيفة "هذه هي الحقيقة ويجب أن تعود الى الحقيقة". وتناشد الوالدة المنظمات المعنية بالطفولة زيارة العائلة لمساعدتها على نقل الطفلة الى عالمها الجديد. وتقول "اتمنى لو تزورنا أي منظمة وتعاين وضعها. فهي بالأمس كانت مع عائلة بعدما خطفها داعش واليوم اصبحت معنا". وتمثل قرقوش مسقط راس عائلة كريستينا تحديا للسلطات العراقية، كما هو الحال بالنسبة الى غالبية المدن والمناطق التي تمت استعادتها من الجهاديين، لعدم توفر الاموال اللازمة لاعادة الخدمات والبنى التحتية للبلدة. ويقول السكان انهم محاصرون وسط صراع سياسي بين اقليم كردستان والحكومة المركزية، في وقت لا تزال قرقوش اشبه ببلدة اشباح، خالية الا من بعض المقاتلين واصحاب المحال الذين اعادوا فتح ابوابهم. ويؤكد الياس (25 عاما) شقيق كريستينا ويعمل في احد افران اربيل "لم يبق لنا مستقبل في العراق بصراحة، قدمنا قبل ستة اشهر طلبا للسفر الى فرنسا ولم يردنا جواب بعد. هنا الكرفان صغير والمعيشة صعبة".

مشاركة :