توصلت دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعة بنسلفانيا الأميركية، إلى أن هناك عدة وسائل "عبثية" يمكن اتباعها لإقناع شخص تتجادل معه حول موضوع ما بوجهة نظرك منها إضافة بعض المعلومات "عديمة الفائدة" على أن تكون صحيحة بالضرورة إلى نقاشك. الدراسة التي نشرت في دورية ذكرت أيضاً بعض "الاستراتيجيات" الأخرى التي يمكن أن تعتمد من قبل الكثيرين، مثل إضافة معلومات من أحد المجالات الدراسية المميزة، ليظن الناس أن ذلك يجعل التفسير أكثر مصداقية. فضلاً عن ذلك، يميل الناس لتصديق التفسيرات الأطول، كما أننا نرغب في شرح يفسر أو يعطي سبباً لما يحدث حتى لو كان هذا التفسير لا يساعدنا كثيراً على فهم ظاهرة ما. وفقاً لما أشار إليه مقدمو الورقة البحثية فقد أظهرت بحوث سابقة أنه وعلى سبيل المثال، إذا كنا نبحث عن تفسير لمشكلة سيكولوجية، فإننا نرغب في تفسيرات "غير منطقية" لكنها مستندة على علم الأعصاب لأن مصطلحاته أعقد! وهو ما سمي "تأثير الإغواء المخادع". موقع أفرد تقريراً لمحاولة فهم مثل هذه الدراسة وغيرها حاور فيه الصحفي السابق في Tech Insider حول نفس الموضوع فقال "إن كنا نحاول أن نفسر السبب الذي جعل شخصاً ما يفعل شيئاً ما، يمكننا الاعتماد على الثرثرة التي تعتمد على معلومات مستندة إلى علم الأعصاب؛ كي نبدو مُقنعين". صاغ فريق UPenn نظرية تشير إلى أن الناس قد يفضلون عموماً الجدال الذي يجعلهم يرجعون إلى علوم أكثر جوهرية، حتى وإن لم تُسهم تلك المراجع في إضافة شيء إلى التفسير. إذ يطلقون على ذلك النوع من الجدال "التفسير المختزل" (وذلك من خلال اختزال علم واحد في أجزاء أكثر جوهرية). وأنشأ الباحثون تسلسلاً هرمياً للعلوم؛ بهدف اختبار تلك النظرية، يبدأ من العلوم الأقل جوهرية صعوداً إلى أكثرها جوهرية، إذ يحتوي التسلسل على علم الاجتماع، وعلم النفس، وعلم الأعصاب، والأحياء، والكيمياء، والفيزياء. وقد استعانوا في تلك الدراسة بطلاب جامعيين وأشخاص من موقع "أمازون ميكانيكال تيرك" لسوق الأعمال، وقدّموا إليهم استطلاعاً للرأي مصمماً لمعرفة ما إذا كانت المعلومات المُخْتَزَلة عديمة النفع تجعلهم يعتبرون أن التفسير بدا "أفضل". وفي كل حالة، عرض الباحثون أربعة تفسيرات ممكنة للمبدأ العلمي، وهي: تفسير صالح، وتفسير تَضَمَّن معلومات مُخْتَزَلة إضافية، وتفسير غير صالح، وتفسير غير صالح تَضَمَّن معلومات مُخْتَزَلة. تشير القاعدة العامة إلى نجاح فرضيتهم، فالأشخاص يعتقدون أن التفسيرات التي تمتلك معلومات غير مجدية وتحتوي على تفاصيل متعلقة بالعلوم "الجوهرية" تبدو في العادة أفضل. بيد أن ثمَّة بعض الاستثناءات المثيرة والحقائق الإضافية التي طرأت من وراء الدراسة.تتمثل تلك الحقائق والاستثناءات في التالي: - إضافة معلومات مُخْتَزَلة عديمة الجدوى شكَّل الاختلاف الأكبر عندما لجأ الباحثون لعلم الأعصاب كي يفسروا علم النفس. - كان علم النفس أقل العلوم التي وَثَق فيها المشاركون، كما أنهم -في الاستثناء الوحيد للقاعدة العامة- لم يعتقدوا أن استخدام التفسيرات النفسية في علم الاجتماع جعلها أكثر موثوقية (رغم أن تلك النتائج الخاصة لم تكن ضخمة على الصعيد الإحصائي). - اعتبر المشاركون في الدراسة أن علم الأعصاب في الواقع أكثر دقة واحتراماً من العلوم الأخرى التي اعتبرها الباحثون علوماً جوهرية (وهي الأحياء، والكيمياء، والفيزياء). وربما يفسر هذا التأثير الكبير الذي أحدثته تفسيرات علم الأعصاب عندما أُضيفت إلى تفسيرات علم النفس. - أما المشاركون من منصة "ميكانيكال تيرك"، فقد اعتقدوا أن التفسيرات ذات المعلومات المُخْتَزَلة كانت أفضل مما اعتقده الطلاب الجامعيون. إذ إن تلك المعلومات شكّلت فارقاً هائلاً بالنسبة لهم، لكنها لم تشكل نفس الفارق بالنسبة للطلاب الجامعيين. يُتوقع أن تقيِّم المجموعات المختلفة من الأشخاص أي المعلومات تُقدَّم إليهم بطرق مختلفة، ولا يمكن لأي من المجموعتين اللتين اشتركتا في الدراسة أن توفر تمثيلاً صحيحاً للطريقة التي يُقيِّم بها جميع الأفراد الآخرين المعلومات التي يتلقونها. - كان الأشخاص ذوو الاستجابة الأفضل للتفسيرات المنطقية ذوي قدرة أفضل أيضاً على تقييم مدى صحة التفسيرات (إذ إن تصديقهم للمعلومات المُخْتَزَلة كان أقل). يعتقد الباحثون أن هذا قد يعني أن الفلاسفة الذين درسوا المنطق أقل تأثراً بهذا الانحياز المعرفي. - كان الناس الذين يعرفون أكثر عن العلوم أفضل في التفريق بين التفسيرات الصالحة والتفسيرات غير الصالحة. لذا، في المرة القادمة التي تقرأ فيها تفسيراً لشيء ما، عليك أولاً التحري ما إذا كان الكاتب يضيف معلومات غير مجدية لكي يؤيد جداله؛ كي يجعلك أكثر ميلاً نحو لتصديقها بسبب كل الأسباب الخاطئة. وإذا أردت أن تقنع شخصاً ما بشيء ما، يمكنك تحرّي ما إذا كانت إضافة بعض الخلفيات المعتمدة على التفاصيل العلمية تساعد في استمالة من يجادلونك وجعل الجدال في صالحك أم لا. االإقناع حسب مقال نشر على موقع "" يشبه فن القتال الياباني المعروف باسم «جوجوتسو» Jujutsu والذي يعتمد على خداع الخصم واستغلال قوته واندفاعه ضده بدلا من مواجهته مباشرة بالقوة، والذي كان يستخدمه محاربو الساموراي في مواجهة الخصوم والأعداء المدججين بالأسلحة والدروع، والمقصود هنا هو استخدام اندفاع الشخص المستهدف ودوافعه النفسية الآلية الكامنة ضده بحيث يبدو أن القرار الذي اتخذه كان نابعا من داخله وبإرادته الحرة، وبالتالى حينما يشعر بالندم فيما بعد لا يستطيع أن يلوم إلّا نفسه.
مشاركة :