صعّدت باريس أمس لهجتها تجاه الولايات المتحدة، بعدما صرح وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أن الخلاف بين مصرف «بي أن بي باريبا» الفرنسي والإدارة الأميركية، يمكن أن يؤدي إلى نتائج «سلبية» على صعيد اتفاق التبادل الحر الأوروبي - الأميركي. وأقحم فابيوس بتصريحه هذا إلى إذاعة «آر تي أل»، الاتحاد الأوروبي في هذا الخلاف الناتج من اتهام القضاء الأميركي المصرف الفرنسي بالقيام بعمليات مصرفية في دول خاضعة للحظر، منها السودان وإيران، ما يعرضه لغرامة بقيمة 10 بلايين دولار ومنعه موقتاً من التداول بالدولار. وكان هذا الخلاف طُرح خلال المحادثات بين الرئيسين الفرنسي فرانسوا هولاند والأميركي باراك أوباما، الذي يشارك في الذكرى السبعين لإنزال قوات الحلفاء على شواطئ النورماندي، لكن من دون جدوى. وخذل أوباما الرئيس الفرنسي في هذا الشأن، إذ أعلن على هامش قمة الدول الصناعية السبع الكبرى في بروكسيل قبيل وصوله إلى فرنسا، أن «الرئيس الأميركي لا يتدخل تقليداً في الشؤون القضائية»، وأن وزارة العدل الأميركية «مستقلة». وأكد بوضوح عدم عزمه على التجاوب مع مساعي السلطات الفرنسية للتخفيف من وطأة العقوبة المحتمل أن يتعرض لها المصرف الفرنسي، الذي يُعد المجموعة المصرفية الفرنسية الأولى، والثانية على المستوى الأوروبي. ويُتوقع أن تضعف هذه العقوبة المصرف الفرنسي في حال أقرارها، ما يؤثر سلباً على الاقتصاد الفرنسي الذي يواجه أساساً انكماشاً، ما يفسر دخول السلطات الفرنسية على خط هذا الخلاف، الذي يشمل الفترة الممتدة من عام 2007 إلى 2009، وما حمل هولاند وفابيوس وغيرهما من المسؤولين الفرنسيين على وصف العقوبة الأميركية المحتملة بأنها «غير متناسبة وغير منطقية». وفي ضوء عدم تجاوب أوباما مع نظيره الفرنسي في مسعاه، لجأ فابيوس إلى تصعيد كلامي يشير إلى أن قضية «بي أن بي» ستتحول إلى عملية شد حبال بين البلدين، موضحاً إلى إذاعة «آر تي أل»، أن المعادلة الأوروبية - الأطلسية «لا يمكن قيامها سوى على أساس المعاملة بالمثل». وقال: «إذا تبين في حالة أحد المصارف الأوروبية أن التعامل أحادي فهو لا يعني المعاملة بالمثل، ويمكن أن يؤدي إلى آثار سلبية». وأشار إلى أن هولاند أكد له بوضوح خلال عشائه مع أوباما أن «القضية مهمة جداً لفرنسا وللاتحاد الأوروبي»، وستضع العقوبة الأميركية في حال أُقرت المصرف الفرنسي في موقع صعب جداً، «ما يؤدي إلى انعكاسات سلبية جداً على فرنسا وأوروبا». وكان وزير المال الفرنسي ميشال سابان لفت إلى أن فرنسا «سترد بحزم لحماية مصالحها الأساسية»، في حال لم يجر التعامل مع المصرف الفرنسي «بطريقة عادلة». ولم يتضح بعد ما إذا كانت دول الاتحاد الأوروبي على موجة فرنسا ذاتها حيال هذه القضية، التي تُضاف إلى موضوع تباين آخر فرنسي - أميركي، يتعلق بمطالبة واشنطن باريس بعدم تسليم روسيا حاملتي الطائرات من نوع «ميسترال» بسبب دورها في الأزمة الأوكرانية. الاقتصاد العالمي
مشاركة :