يبدو أن أوروبا استغرقت في اهتمامها بالمتطرفين في بلادنا أكثر من اهتمامها بالمتطرفين في عواصمها. ويبدو كذلك أن صعود اليمين المتطرف هناك لم يكن مفاجأة كما تروج بعض الدوائر الغربية بقدر ما كان نتاج تراخٍ أو تكاسل من جانب الأحزاب الأخرى. وإذا كان من حق أوروبا تجاه شعوبها على الأقل أن تهتم بظواهر ومظاهر التطرف الوارد من الشرق الأوسط أو من أفغانستان وباكستان، فإنه من الواجب على الدوائر العربية الاهتمام كذلك بمظاهر وظواهر الصعود المتناهي لليمين المتطرف الذي تطال تأثيراته السلبية كافة المهاجرين والمقيمين بل والسياح العرب والمسلمين. وإذا كانت تأثيرات متطرفينا الحقيقية منها وغير الحقيقية لا تحتاج إلى بيان باعتبارها عناوين ثابتة في كل العواصم الأوروبية فإن تأثيرات متطرفيهم تجاوزت الحديث عن منع الحجاب والنقاب في المدارس والشوارع والمصانع؛ إلى منع العرب والمسلمين أنفسهم في بعض الأحيان. كنت قد التقيت زعيم حزب اليمين الفرنسي المتطرف "الجبهة الوطنية" جان لوبين الذي كان عنوانًا للتطرف الأوروبي وسألته حينها عن مدى جديته في طرد المهاجرين العرب والمسلمين، وما إذا كانت المسألة محض شعارات انتخابية من عدمه، وكانت الإجابة الثابتة والقاطعة هي أن "فرنسا للفرنسيين". في مثل هذا الموقف ومع مثل هذه الإجابة لا يمكن للمرء إلا أن يتفق معه في البداية على أنها بلادهم وهم أحرار فيها.. شريطة تطبيق قيم العدالة والتسامح والحرية التي يصدعوننا بها! مع ذلك ورغم ذلك، ظل الأمر في فرنسا لا يتجاوز إطار الصحف والمجلات اليمينية دون أن ينزل إلى الشوارع.. وظلت نسب فوز "لوبين" تتراوح ما بين 2 إلى 5%، قبل أن تصعد إلى أكثر من 20% عام 2002م. المدهش أن نسبة التصويت الكبيرة لليمين المتطرف في الانتخابات التي فاز بها الرئيس جاك شيراك أخذت في الانحسار شيئًا فشيئًا قبل أن تصعد من جديد؛ محققة هذا الفوز الكاسح الذي بات مصدرًا للقلق والخطر. والأكثر دهشة أن حمى التطرف انتشرت في دول القارة حتى شملت بلجيكا وألمانيا وسويسرا والنمسا. أما قمة الدهشة والمفارقة فتتمثل في أن الديمقراطية عندنا تزرع التطرف، فيما تدعمه وتأتي به هناك! صحيح أن متطرفيهم لا يحرقون ولا يهدمون ولا يذبحون ويرددون في كل خسارة وطنية "الله اكبر باسم الله"، لكنهم يذبحون كل القيم بكل ما تحمله العبارة من معانٍ. دقق معي في تصريح الزعيمة اليمينية المتطرفة "مارين" ابنة "لوبين" وهي تؤكد لقادة الأحزاب الصديقة وهي: حزب "من أجل الحرية الهولندي" وحزب "الرابطة الشمالية الإيطالي" وحزب "الحرية النمساوي" وحزب "اليمين البلجيكي".. أننا سنحاول أن نمنع بأصواتنا أي تحركات جديدة على حساب السكان.. لتعرف على الفور أن "مارين" أخطر من أبيها! تابع تصريحات النائبة الهولندية فيلدرز التي وصلت وقاحتها إلى حد إهانة الإسلام والقرآن لتعرف كيف أن لديهم متطرفين لا يقلّون عنفًا وخطورة عن "أبي إسلام". ملحوظة: أبو إسلام أحمد عبدالله، إعلامي مصري تهجّم على الإنجيل، ردًا على إهانة القرآن والإسلام، وما زال موجودًا حتى الآن في مصر هناك في الليمان. sherif.kandil@al-madina.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (41) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain
مشاركة :