ممنوع التصوير - فهد عامر الأحمدي

  • 6/7/2014
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يوم الأربعاء الماضي اتصل بي ابني حسام ليخبرني أن الشرطة سحبته من قاعة الامتحان لوجود دعوى عليه.. كان اتصالاً من النوع الذي لا يتمناه أي أب فذهبت لقسم الشرطة فسمعت عجباً.. فقبل أيام التقط حسام صورة لسيارة صغيرة تدعى (سمارت) فنزل صاحبها طالباً منه بعصبية حذفها أو تكسير الجوال على رأسه.. لم ينفذ حسام طلبه ومضى في طريقه معتقداً أن كل شيء انتهى.. ولكن الرجل أخذ رقم سيارته وقدم شكوى ضده.. الشرطة من جهتها - تركت كل مشاكل البلد- وبدأت تبحث عمن التقط صورة السمارت حتى وجدته في قاعة الاختبارات.. حين سمعت القصة من حسام ظننت أن هناك خفايا لم يخبرني بها ولكن اتضح لي أن هذا ما حدث فعلاً.. حتى صاحب الدعوى سألته إن كان معه محارمه حين التقط صورة للسيارة فقال بثقة: لم يكن معي أحد ولكنها سيارتي ولا أرغب أن يصورها أحد(وكي تدرك لماذا لا يرغب بذلك يجب أن تراها بنفسك في جوجل)... قلت: أنا شخصياً أقدم لك اعتذاري، وإن كانت المسألة مسألة صورة (فأعطني ياحسام جوالك).. وأخذت الجوال وبدأت أبحث معه في مئات الصور- الخاصة بسيارات رياضية وفاخرة- حتى عثرنا على سيارته الكريمة (التي يدعوها الإيطاليون لقمة الجائع بسبب حجمها الصغير) فقلت بصوت مرتفع "بسم الله ماشاء الله" فمحوتها أمامه وطلبت منه التنازل عن الدعوى - وفي نفس الوقت حذرت حسام بصوت مسموع من تصوير أي سيارة بهذا الجمال!! هذه القصة تثبت كيف يمكن للدعاوى الغريبة أن تظهر دون سابق إنذار.. كيف يمكنها أن تشغل أجهزة الشرطة والبحث والقضاء بسبب حساسية (وأحياناً نفسيات) أصحابها.. ومع هذا أعتبر نفسي محظوظاً لأن الحكاية أعلاه لو حدثت في أمريكا لربما تطور الأمر الى رفع قضية بالملايين بدعوى الضرر النفسي والإهانة الناجمة من تصوير سيارة تشبه لقمة القاضي. والحقيقة هي أن الحساسية من التصوير تتفاوت بحسب ثقافات وشعوب العالم.. ففي حين لا توجد أي موانع أو تحفظات في أوربا واليابان وأمريكا(بحيث يمكنك التقاط صور لمن تشاء في أي وقت تشاء) تلاحظ نوعاً من الامتعاض والتحفظ في كوريا والبرازيل وماليزيا وتايوان (بل ويعتقد كبار السن في الصين أن التقاط صورة لهم يستقطع جزءاً من أرواحهم).. ومع هذا تعد هذه الدول متسامحة جداً مقارنة بالسعودية وباكستان واليمن وأفغانستان وكوريا الشمالية (حيث مجرد حمل الكاميرا قرب المواقع المهمة أو المنشآت الخاصة يجلب لصاحبها التهمة ومصادرة الكاميرا). أنا شخصياً لطالما تضايقت من منع زوار المسجد النبوي من التقاط صورهم الشخصية داخل أو خارج الحرم- مع اعترافي بأن انتشار الهواتف الذكية قد أتاح لهم تجاوز هذه العقبة. فزيارة المسجدين النبوي والمكي بمثابة حلم يفكر فيه الزائر منذ سنين وبالتالي يحرص قبل مغادرته أن يأخذ صوراً تذكارية لنفسه وعائلته.. غير أنه يفاجأ غالباً بمن يصادر كاميرته أو ينزع منها الشريحة أو الفيلم بحجة أن الصور ممنوعة رسمياً أو محرمة شرعاً (رغم أن كاميرات التصوير تدخل الحرم في المناسبات الرسمية، وكاميرات التلفزيون لا تتوقف عن نقل شعائر الصلوات).. ولأن الزائر يتصرف ببراءة - وقد لا يفهم أصلاً اللغة العربية- تنتهي عملية المصادرة والهجوم المرعب عليه بأخذ فكرة سيئة عن السعودية وأهلها(في حين لايعلم المسكين أننا من أكثر الشعوب التقاطاً للصور ودخولاً على أنستجرام وفلكر)!!. الصراحة هي أننا لم نتوقف يوماً عن التصوير بسبب عدم شرعيته أو قانونيته.. كل مافي الأمر أننا نتلون بحسب الموقف تحت لوحة "ممنوع التصوير". ‏

مشاركة :