بعد ثورة 25 يناير في مصر، وبعد أن انحصر سباق الرئاسة بين المرشحين محمد مرسي وأحمد شفيق، وقبل ظهور نتائج المرحلة الأولى، غردت على حسابي في تويتر بتاريخ 02 يونيو 2012م، التغريدة التالية: «الإخوان خطر.. شفيق مقدور عليه كلها نزلة لميدان التحرير ويتنحى.. لكن لو نزلوا ضد الإخوان سيتحولون لمجاهدين ضد الثورة وقتلاهم هم الشهداء..». وقتها، عاتبني كثير من الأصدقاء والزملاء المصريين وغيرهم ممن كنت ولازلت أشم فيهم نفسا إخوانيا وإن قالوا: «إحنا مش إخوان لكننا مع الشرعية»، واتهموني بأنني «أطبل لفلول نظام مبارك»، وأنني لم أقرأ المشهد المصري جيدا، وكنت أقول لهم: «أنا أعرف كيف يفكر الإخوان، وقد كنت جزءا من هذا التأسلم السياسي في مرحلة مبكرة من حياتي وعافاني الله منه، وأعرف إلى أي مدى سيذهبون». وبعد ثورة 30/ 6، وعزل مرسي في 3/7، تحقق ما كتبته في تغريدتي السابقة، وكتبت هنا في هذه الزاوية عدة مقالات عن الإخوان، منها مقال بتاريخ 26 ديسمبر 2013م، بعنوان: «مصر.. التي لن يفجرها الإخوان»، جاء فيه: «.. الإخوان المسلمون سيستمرون لفترة من الزمن يحاولون إثارة الفوضى وإضعاف هيبة الدولة بعد إزاحتهم عن عرش مصر، من خلال عمليات القتل والتفجير وإحراق المحال والأماكن العامة، وهذا متوقع بالتأكيد، وليس بالمستغرب عليهم، فهذا ديدن كل أو معظم تيارات الإسلام السياسي عندما تخسر معركة أو حتى جولة في معركة، تتحول القيم والمثل التي كانوا يدعونها إلى رصاصات وأحزمة ناسفة تحصد الخير والشر، وتقتل المتهم والبريء، ولا تفرق بين أتباع الأديان، ولا يهمها من يموت، طفلا كان أو امرأة أو شيخا طاعنا في السن؛ لأنها عمياء لا ترى ودربت جيدا على أن لا ترى»، إلى أن قلت: «.. وأقول لهم أيضا، مصر أكبر من كل هذا، وأوعى من أن تذهب ضحية أي مؤامرة مهما كانت قوة المتآمرين حولها أو عددهم، هذه مصر، بلد كبير وقوي، وبمجرد الاستفتاء على الدستور وإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية، سينتهي كل هذا، وستعود الأمور إلى نصابها الصحيح بعد بعض من الوقت الذي سيبقى فيه أنصار جماعة الإخوان المسلمون ينازعون في الرمق الأخير قبل نهايتهم بالكامل، وتحولهم إلى مجرد جزء معتم في سجلات التاريخ لن يقرأه أحد». وها هم المصريون يحققون تلك الرؤية، وسيبدأ المشير عبدالفتاح السيسي صفحة جديدة مع المصريين غدا، وسيحكم قبضته على الأمن «الملف الأبرز أمامه»، وسيقضي على ما تبقى من فلول الإخوان، وسيضعهم في ذلك الجزء المعتم من سجلات التاريخ، ولن يقرأهم أحد. *** ومن مصر إلى سوريا، وفي تاريخ 15 فبراير 2014 م، كتبت مقالا في هذه الزاوية أيضا، بعنوان: «فاتورة سورية .. كلمة السر !!»، جاء فيه: «.. بشار الأسد لن يرحل، ولن أتفاجأ إذا ما أعلن عن فوزه في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وأنه شكل حكومة ربما تضم وزراء من الائتلاف السوري المعارض ومن معارضة الداخل، يعملون جميعهم تحت قيادة الأسد»، إلى أن قلت: «.. باختصار: سورية كعكة قرر الجميع اقتسامها كل حسب شهيته واتساع كرشه، وأوشكت على الاستواء لبدء التقسيم، وإذا انتصف العام تذكروا كلامي هذا جيدا (وشكلين ما بحكي)». ووقتها، انتقدني بعض الإخوة والأصدقاء السوريين وغيرهم، وقالوا لي: «هذه مبالغة مفصولة عن الواقع»، وها قد انتصف العام، وتحقق النصف الأول من توقعاتي حتى الآن، جرت الانتخابات في سورية وفاز بشار الأسد بنسبة 88%، في أسخف مسرحية سياسية هزلية في التاريخ، وبقي النصف الثاني المتعلق بتشكيل الحكومة والأيام حبلى بالكثير من المفاجآت. لقد تعلمت أن قراءة التاريخ والحاضر بتجرد، هي الأقدر على التنبؤ بالمستقبل، وكنت على يقين بأن الزملاء والأصدقاء المصريين والسوريين، كانوا يقرأون المشهد في البلدين بقلوبهم وبأيدلوجيا تحكمها العاطفة، وأنا أوقن تماما أن السياسة تقرأ بالعقل لا بالقلب، وحتى عندما يقرؤها العقل، فإن «الصدفة» و«التوفيق» وحدهما قد يضعان قطار التحليل على السكة الصحيحة، فلا يمكن التنبؤ بما يمكن أن يتمخض عن لعبة السياسة وألعاب السياسيين، وكما قلت لكم: «الأيام حبلى بالمفاجآت»، وكل ما يحدث منذ أكثر من 3 سنوات ليس إلا إرهاصات لمشوار طويل من العبث السياسي، وترقبوا معي ما سيخرج من ليبيا قبل نهاية العام.
مشاركة :