السوبيا.. المشروب المفضل لدى المجتمع المكي

  • 6/12/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

بالرغم من مرور أكثر من نصف قرن على ظهور مشروب السوبيا على موائد الإفطار في شهر رمضان في منطقة مكة المكرمة والمدينة المنورة بل الحجاز ككل، غير أن الجميع من صانع ومتذوق لا يعرفون سر ولع الصائمين والانتظار لساعات أمام المحلات المتخصصة في بيعها حيث إنه لا يحلو الإفطار عند أغلب الصائمين في المجتمع المكي خاصة ومنطقة الحجاز عامة إلا بوجود مشروب «السوبيا» على موائد إفطارهم حيث تحتل المرتبة الأولى بين مشروبات شهر رمضان المبارك، مما يجعل السوبيا تستعيد نجوميتها مع دخول شهر رمضان في كل عام كما هو حاصل في هذه الأيام بعد أن كادت تفقدها على مدار العام وجعل محلات بيع السوبيا تلقى رواجاً كبيراً وزحاماً شديداً في أيام شهر رمضان المبارك، حيث يحرص الكثير من أهالي جدة ومكة المكرمة على تواجد مشروب «السوبيا» على مائدة الإفطار.. وفي اليوم شديد الحرارة تجد المئات من المواطنين والمقيمين أمام محلات إعداد السوبيا ينتظرون الانتهاء من صلاة الظهر ليبدأ الزحام حول المحل الذي لا يتعدى عرض واجهته المترين ويعمل به من 20 إلى 40 عاملاً ما بين بائع ومجهز ويبقى مشهد «الخشة» تلك الزاوية في أول طريق قربان بالمدينة المنورة، من بعد صلاة الظهر وحتى قبيل الإفطار شاهداً على مشروب السوبيا الذي فرض نفسه على المائدة الرمضانية وأصبح أحد مفردات تراث أهالي المدينة النبوية. «اليمامة» رصدت في إحدى جولاتها بشوارع العاصمة المقدسة عدداً من محلات بيع السوبيا لمعرفة سبب الطوابير المتواجدة وخاصة في اللحظات الأخيرة قبيل موعد الإفطار ،حيث ذكر بعض المواطنين من داخل الطوابير المتواجدة أمام أحد أماكن بيع مشروب السوبيا الشهير أن مشروب السوبيا يعد من أهم المشروبات الروحانية الضرورية لدى الجميع في شهر رمضان المبارك وذلك لما تتمتع به من قيمة غذائية تعوض الصائم ما يحتاجه من طاقة لازمة، بالإضافة إلى أنه أحد أشهر العادات لدى الأسر المكية الضرورية وهو المشروب الرئيسي لهم في شهر رمضان المبارك مبينين إلى أنهم يعشقون مشروب السوبيا منذ أيام الصبا وكذلك أفراد العائلة ويحرصون على شرائها كل يوم طيلة شهر رمضان الكريم دون كلل أو ملل ولا يخشون زحام الطوابير بحيث يتجهون إلى الشراء بعد صلاة الظهر مباشرة ويضعونها في الثلاجة لكي تتناول باردة وطازجة مع الإفطار وعلى موائد الأسر ككل، محمود فلاته أحد بائعي السوبيا الشهيرة في منطقة مكة المكرمة تحدث «لليمامة» فقال: إن أول من بدأ بفكرة تصنيع مشروب السوبيا هو «سعيد الخضري» - رحمه الله - قبل حوالي 70 عاماً مشيراً إلى أنها خبرات متوارثة عن الأجداد ويضيف فلاته بقوله: بدأ الخضري مشوار هذا المشروب من منزله في أحد الأحياء القريبة من المسجد الحرام وكانت تساعده أسرته في الإعداد والتصنيع ويقوم ببيعها على عيال حارته فقط لعدم الإمكانيات وقلة المنتوج وعدم وجود حافظات لمشروب السوبيا حتى يتمكن الزبون بالتنقل بها من أقصى مكة إلى أدناها كما هو الحال اليوم، ومع مرور الوقت وكثرة الزبائن قام بفتح محل وزادت الإنتاجية من مشروب السوبيا الذي ظل حاضراً بقوة ولا يخلو أي بيت حجازي منه على مائدة الإفطار في شهر رمضان المبارك، ويضيف فلاته قائلاً :« إن لهذا المشروب صنفين «أبيض وأحمر»ويضاف اللون الأحمر عن طريق الزبيب والكوجرات مضيفاً أن أحد المشروبين موجود طوال العام ولكن يتم الإقبال عليه بكثرة خلال شهر رمضان الكريم وهذا ما يجعلنا نزيد من إنتاجنا اليومي. ويبدأ العمل في التصنيع والإعداد مطلع كل فجر وينتهي العمل عند أذان المغرب وهذه المدة ما بين تصنيع وإعداد أما البيع فيبدأ بعد صلاة الظهر مباشرة طيلة شهر رمضان الكريم، مشيراً إلى إن أعداد البيع تتراوح ما بين 3 إلى 6 آلاف كيس من مشروب السوبيا في اليوم الواحد من النوعين الأحمر والأبيض». بدر المنصور يقول لليمامة: ما أن يدخل شهر رمضان حتى يبدأ الطلب على السوبيا والتي تعد في منطقة مكه خاصة والحجاز عامة من أهم وأشهر المشروبات التي تميز السفرة الرمضانية.. مشيراً إلى أنها من العادات التي تتمتع المنطقة الغربية بها وتملك طابعها الخاص في المذاق.. ويعد المشروب الأساسي الذي لا تخلو منه الموائد الرمضانية في أغلب البيوت الحجازية وتعد الأجواء التراثية في التحضير والتقديم سلسلة متناغمة من الإبداع والمذاق الشهي الغني بالفوائد الطبيعية. ويستطرد المنصور قائلاً : «قديماً كانت السوبيا توضع في الأزيار والقوارير وتباع بالمغراف وكانت بعض نساء مكة يتميزن في إعدادها وتحضيرها لذلك يطلق عليها المجتمع المكي بالسوبيا البيتية وتوارثنا هذه الصنعة عن الأجداد والآباء وما زلنا محافظين عليها». وعن سر إقبال الزبائن على السوبيا عن باقي العصيرات الأخرى أضاف المنصور قائلاً :«السوبيا مشروب عريق يتم تحضيره بخلطات سرية لا يعرفها غير أصحاب الصنعة، لأن طريقة الإعداد تمر بعدة مراحل ففي البداية نختار أجود أنواع الشعير ويتم تنظيفه من الشوائب ومن ثم يتم طحنه وعجنه ويظل لمدة أربع ساعات ثم يصفى ويضاف إليه حب الهيل والقرفة بعد طحنها وتخلط بمقادير متناسبة لإعطاء نكهة وطعم مميزين ممزوجة بالماء والسكر وقبل عرضها للبيع نضع الثلج لتقدم باردة وطازجة. أما خالد المعلا فتحدث لليمامة عن طريقة تحضير السوبيا مشيراً إلى أن هناك عدة نكهات وللزبون فرصة الاختيار ما بين العديد من الأصناف ويقول: ينحصر الخيار عادة ما بين الأبيض والأحمر، والأبيض لون الشعير والأحمر نكهة الفراولة وعن مكونات السوبيا يقول المعلا: «تتكون السوبيا من الشعير المديني، الذي يغربل ثم ينقّى ويطحن، ثم يعجن ويصفّى، ثم يترك للتخمير، لتضاف إليه القرفة والهيل، ولتعاد تصفيته من جديد، ثم يضاف إليه السكر بمقادير محسوبة بعناية». ويؤكد المعلا: اشتهرت مكة وجدة والمدينة بمشروب السوبيا وأشهر صناعها عائلة الخضري والعراقي في مكة والخشة في المدينة المنورة وهناك العديد من ربات البيوت يقمن بإعداد السوبيا ولا يحتاج البعض إلى شرائها من المحال التجارية مع وجود أشهر باعة السوبيا في مكة وهو الخضري ويضيف مع بداية شهر رمضان أحرص على جلب مكونات مشروب السوبيا وأقوم بإعدادها في منزلي وفي بعض الأحيان أرسل إلى أقاربي وجيراني. ولم تتوقف شهرة مشروب السوبيا في مكة وجدة دون غيرها بل وصلت شهرة المشروب إلى مختلف مدن المملكة وأخذ العديد من الوافدين وبعض الشباب من المواطنين بتعلم طريقة إعداد السوبيا وبيعها ويقول عبدالعزيز الثقفي (أحد سكان الطائف) «أحرص كل يوم على زيارة مكة المكرمة وشراء السوبيا من أشهر الباعة وأنطلق إلى الطائف حيث ينتظرني هناك العديد من الزبائن لأقوم ببيعها بضعف مبلغ شرائها. وأضاف: أحرص كل عام على توفير مبلغ مالي أو الاستدانة في بعض الأحيان وأتفق مع التجار في جدة ومكة لشراء السوبيا، مضيفاً: أنها تدر عليه دخلاً مجزياً.. وبين الثقفي أن العبوة الواحدة من السوبيا تباع في كيس بلاستيكي سعته لتر واحد، وبسعر أربعة إلى خمسة ريالات للعبوة، وتُباع السوبيا بلونين، الأبيض والأحمر، ويختلف الثاني عن الأول بالنكهة، واللون الأحمر المضاف إلى السوبيا البيضاء.

مشاركة :