لكل وظيفة وعمل في الحياة، دائماً ما توجد مشاكل وعقبات وعوائق تؤدي إلى مزيدٍ من الإزعاج والقلق، وتحديداً عندما يتعلق الأمر بتنفيذ مهمات مرتبطة بالعمل. عوائق تشتبك بتنفيذ المهمات على أرض الواقع وإنجازها بالشكل الأمثل، من المهم لنتجنبها أن تصل كل الأطراف إلى الفهم الحقيقي والإدراك الواعي لنتمكن جميعاً من التقليل والتخفيف منها للحد الأدنى، وإنجاز المهمات بطريقة فعالة وكفؤة. فكما أن للطبيب مهاراته التي اكتسبها من تراكم خبراته العلمية والعملية في مجال الطب والتعامل مع المرضى بشكل مستمر، وبمواقف وأحداث مختلفة والتي تتزايد تباعاً؛ حيث تؤدي في نهاية الأمر إلى تراكم مخزون كمي ومعرفي في مجال الطب أولاً، والتعامل مع المرضى ثانياً. ما ينطبق -حقيقةً- على الطبيب ينطبق كذلك على جميع المهن والوظائف، فلا أحد أخبر من النجار بالأخشاب وطبيعة الأخشاب وكيفية التعامل معها، ولا أحد أعلم من التربويين في تخصصاتهم وهكذا.. لنصل إلى المصمم الداخلي، فلا أحد أعلم وأخبر بالمساحات، والفضاءات الداخلية، ودراسة المكان، واستغلال المساحة بالشكل الأمثل، ومعرفة احتياجات الحيز المكاني، وكيفية تصميمه وترتيبه من أسقف، وأرضيات، وأثاث وإكسسوارات، إضافة إلى نوع الخامات والألوان وتدرجاتها أكثر من المصمم الداخلي، التي هي أساساً من صلب دراسته الأكاديمية وخبرته العملية. كمختصة في مجال التصميم الداخلي، تواجهني- كما تواجه غيري من زملاء المهنة- مشاكل متكررة وعقبات معتادة الحدوث، خاصة أن مجال التصميم الداخلي تحديداً لا توجد به ثوابت راسخة في التصميم؛ إذ إنه يعتمد وبشكل كبير على وجهات نظر، وآراء، وتقديرات تجمع بين استغلال الحيز المكاني بالشكل الأمثل، وتنفيذه على الواقع بطريقة فنية مبدعة. هنا تتدخل خبرة المصمم الداخلي وإبداعه الفني بتنفيذ المهمة بنجاح وتميز يدخل فيه عنصر الخامات المستخدمة وطرق تطويعها واستغلالها. العقبات والمشاكل التي تواجه المصممين الداخليين مشتركة ونتشاطرها جميعاً في هذا المجال بدءاً من عدم توفر مواد مناسبة، وصعوبة التعامل مع الحرفيين، تعارض وجهات النظر مع الزبون، وغيرها. حسناً، لنتوسع قليلاً في آخر نقطة، معظم الزبائن تتغير خياراتهم بالتصميم بشكل مستمر ما بين عدة تصميمات هندسية تبدأ بالطراز الكلاسيكي وتنتهي بالطراز الحديث وما بعد الحداثي، هنا يصطدم المصمم بصعوبة التوضيح للزبون على أهمية تحديد خياراته مسبقاً؛ لأن لكل طراز أسلوبه ومميزاته وطقسه الفني المختلف ولكل طراز مميزاته الجمالية التي تنعكس على الحيز المكاني وطريقة تنفيذه، بالإضافة لاستغلال المساحة طبقاً للهدف من استخدام المكان نفسه. مع كثرة الخيارات يتأرجح الزبون بين عدة مدارس فنية مختلفة ويزداد مقدار الحيرة والارتباك عند إدراج الألوان على التصميم. بالمجمل يميل عامة الناس إلى الأساليب والألوان التقليدية، والابتعداد قدر الإمكان عن الألوان غير النمطية فيميلون إلى استخدام الألوان كالأبيض ودرجات البيج المختلفة. والنفور عند طرح أفكار جديدة في شكل الأثاث أو عند استخدام خامات جديدة، مبتكرة، وغير مألوفة والتي يحتاجها المصمم لكسر روتين الأنماط التقليدية وتحقيق جوهر الهدف من أي تصميم وهو إضافة روح جديدة وإطلالة جذابة مميزة. إحدى أهم المشاكل التي نواجهها كمصممين مع الزبائن هي أن كثيراً منهم يتغاضون عن إدراج معلومات هامة جداً يحتاجها المصمم ولا يقوم بذكرها إلا في النهاية، وبعد انتهاء التصميم، فيتفاجأ المصمم بكم من التفاصيل التي لم يتم الخوض بها مسبقاً قبل البدء بالتصميم؛ لأنه ببساطة لا يدرك الزبون أهميتها عند البدء في التنفيذ، فمثلاً إذا أراد شخص عمل تصميم لمحل يجب أن يخبر المصمم بطبيعة البضائع التي سوف تعرض بهذا المحل؛ لأن لكل نوع من البضائع حجماً وطريقة عرض تختلف عن بعضها البعض. حسناً.. المفاجأة أحياناً لا تكون فقط من طرف الزبون، فالزبون نفسه هو أيضاً يتفاجأ من المصمم الداخلي وتحديداً عند ذكر تكلفة التصميم. مشكلة تكلفة التصميم الداخلي وطرق تسعيره في سوق العمل تعتمد لعدة عوامل ومتغيرات، كالمساحة مثلاً، التي تتناسب طردياً مع تكلفة التصميم، كما أن التصميم نفسه له تكلفته الخاصة المنفصلة عن الإشراف على تنفيذه، والتي تعتمد أحياناً على عدد ساعات العمل، أو عدد الصور واللقطات التي ينتجها المصمم للزبون والتي قد تكون ببعدين أو ثلاثة أبعاد، ولكل منها تسعيرته الخاصة. كذلك فإن المواد الخام المستخدمة تحدد مدى تكلفة التنفيذ؛ حيث إن التصميم الذي يعتمد على الأخشاب يختلف تماماً إذا كان يعتمد على الجبص؛ لأن ببساطة تكاليف الجبص أقل من الخشب، ومن ناحية أخرى جودة الأخشاب نفسها تنعكس أيضاً على تكلفة تنفيذ التصميم. أعزائي القراء.. في المرة المقبلة، وقبل ذهابكم إلى مصمم داخلي -أرجوكم- اعرفوا تماماً ما تريدون، حددوا خياراتكم وأهدافكم منذ البداية، لمصلحتنا جميعاً بالوصول في النهاية للنتيجة الأفضل والأمثل، ونصيحة مني، تقبّلوا التغيير ولو كان بسيطاً؛ لأن في التغيير دائماً ما هو جميل وجذاب. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
مشاركة :