«المجلة »ترصد ردود فعل الليبيين المقيمين في بريطانيا بشأن تفجيرات لندن ومانشستر مانشستر: سالم أبو ظهيرنحو7 آلاف ليبي يقيمون في المدينة الواقعة شمال غرب إنجلترا •القنصل الليبي: دولة ليبيا أدانت العمل الإرهابي الجبان الذي لا يعرف حدودا ولا يفرق بين جنسية وأخرى… وأرسلت وزارة الخارجية برقية تعزية للمملكة المتحدة •ضابط سابق بالاستخبارات الليبية: والد منفذ الهجوم كان على علاقة وثيقة مع «المقاتلة» الليبية أيام القذافي وقد منحته بريطانيا حق اللجوء فيها ومعه مجموعة كبيرة احتضنتهم مدينة مانشستر•استقبل الملك إدريس السنوسي عام 1949 ثلاثة من تنظيم الإخوان المسلمين فارين من الحكومة المصرية بسبب اتهامهم باغتيال النقراشي… والتحقت بهم مجموعة أخري عام 1954 بعد فشل محاولتها في اغتيال جمال عبد الناصر وأسس المجموعتان أول تنظيم ليبي للإخوان في طرابلس عام 1968•القذافي صنف الإخوان المسلمين جماعة محظورة معتبراً الانخراط في أي حزب أو جماعة جريمة يعاقب عليها بالإعدام ليلة الاثنين الثاني والعشرين من مايو (أيار) 2017، ونحو الساعة العاشرة وخمس وثلاثين دقيقة انتهت الفنانة الأميركية آريانا غراندي من أداء آخر أغنياتها في قاعة مارينا للحفلات بحضور أربعة عشر ألف شخص أغلبهم من الأطفال والمراهقين، لتبدأ مأساتهم بعدها بقليل، بكثير من الخوف والذعر والرعب، بسماعهم لانفجار مدوٍ ردوا عليه بالتدافع والصراخ، فيما كان آباؤهم وأمهاتهم في انتظارهم بالخارج يعيشون خوفاً وذعراً ورعباً من نوع آخر، تبين فيما بعد للقريبين من مارينا وللعالم كله أن الانفجار المرعب أودى بحياة 22 شخصا وإصابة 116 ممن حضروا الحفل.تعليق حملة ماى الانتخابية بشكل سريع جداً تبنى تنظيم داعش التفجير في بيان له على شبكة الإنترنت، ومن ضمن ما جاء فيه: «إن هذا التفجير تم بمعية الله وفضله وثأرا لدين الله. وإن أحد جنود الخلافة تمكن من وضع عبوات ناسفة وسط تجمع في مبنى أرينا للحفلات الماجنة وأسفر عن هلاك 30 صليبيا وإصابة 70 آخرين». أول تداعيات التفجير سياسيا كان تعليق حملة تيريزا ماى رئيسة وزراء بريطانيا الانتخابية التي كانت قد دعت إليها قبل أسبوعين من الحادث لتعزيز أغلبيتها من أجل إجراء المفاوضات حول البريكست، لتخرج بعد الحادت مؤكدة في تصريح سريع لها أن هذا العمل إرهابي ومروع. وبعد أسبوع واحد فقط من الحادث قال جيرمي كوربن زعيم المعارضة في أول مواجهة تلفزيونية مع تيريزا ماي: «يجب أن تتبع بريطانيا سياسة خارجية تشمل العالم بأسره، وأن لا تترك بعض المناطق من دون حكومة فاعلة مثل ليبيا». التركيبة الاجتماعية لمدينة مانشستر ربما متميزة عن بقية المدن الكبيرة البريطانية؛ ففيها إلى جانب السكان الأصليين من الإنجليز كثير من المهاجرين الآسيويين والأفارقة والعرب وكثير أيضاً من الليبيين إذا ما قورنوا بعددهم كمهاجرين ليبيين في مدن أخرى وحتى دول أخرى. ويقترب عددهم من سبعة آلاف شخص، وصل بعضهم وأقام فيها منذ السبعينات، وكان معظمهم من النشطاء الذين كانوا يعارضون نظام معمر القذافي في تنظيمات أو بشكل فردي مستقل. ويشكل تنظيم الإخوان المسلمين وتنظيم الجماعة المقاتلة أهم هذه التنظيمات التي وجدت في مانشستر ملاذاً آمناً لها.الليبيون بين تشتيت القذافي وحصار الجماعات الإرهابية وقد تميز معمر القذافي بقدرته ومهارته في التعامل مع معارضيه من «الإخوان» و«المقاتلة»، وتروي سجلات التاريخ الليبي المعاصر جوانب مختلفة، عن العلاقة بينه وبينهم، وبين كل من يطمع في الانقلاب عليه، وإزاحته عن الحكم، ليحكم هو الليبيين بدلاً منه. فبعد أن قسم البلاد الليبية الكبيرة جداً، إلى مربعات أمنية صغيرة جداً تحصي البشر وتعرف نشاطاتهم وتحسب وتحبس أنفاس كل من يحاول التخطيط لقلب نظام الحكم، نجح في استخدام السوط والمشنقة والاغتيال لينهي معارضيه ويزيحهم، بنفس المهارة التي استخدم بها الجزرة مقربا معارضيه منه، ليكونوا سفراء ووزراء وشخصيات مرموقة تسانده شكليا وظاهريا في الحكم، لكنه احتواهم بذكاء، مستعينا بنجله سيف الذي سار على نهج والده مستبدلاً تقاسيم وجه والده التي يخافها بعض معارضيه بنصف ابتسامة رضا كانت كفيلة بعودتهم بل وتعويضهم، فيما حرص جهاز الأمن الخارجي والداخلي على تصنيف المعارضين بحالتين لا ثالث لهما: «كلب ضال»، أو «رجع نادماً»!! وبذلك تمكن القذافي من كشف كل المحاولات الانقلابية، التي كانت تستهدف رأسه وخيمته ونظامه الجماهيري الذي استند عليه ليتربع ويستمر أطول مدة لحاكم يحكم ليبيا على مدى تاريخها الطويل، لكن المعارضين أصحاب التوجه الديني شكلوا خطرا حقيقياً عليه في كل محاولة، وعند تشكيل أي فصيل معارض جديد، وكان أخطر هذه الفصائل ما يعرف بتنظيم جماعة الإخوان المسلمين وتنظيم الجماعة الإسلامية المقاتلة. أما علاقة معمر القذافي بالغرب فكانت معقدة جداً، وتحتاج لمتخصصين على درجة عالية من الكفاءة والنزاهة والموضوعية ليدرسوا طبيعة هذه العلاقة وأساساتها، وتباينها على مدى أكثر من أربعة عقود، وأحسب أنه بكشف هذه العلاقة بين معمر عندما كان يحكم، ودول الغرب بما فيها بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية وروسيا ودول المعسكر الشرقي وأيضاً أفريقيا وآسيا وكل دول العالم تقريباً، يتم تفسير كثير جداً مما حدث في ليبيا بعد مقتله، وتداعيات مقتله، وما زال يحدث الآن في ليبيا من فوضى وعدم استقرار لدول الغرب التي وفرت لهم المسكن والملبس والتعليم ومنحتهم حتى الجنسية لتستخدمهم كورقة ضغط عليه، تماماً كما كان هو يستخدم رؤوس الأفارقة سلاحا مهدداً بأنه سيغزو أوروبا كلها برؤوسهم.تأسيس أول تنظيم ليبي للإخوان المسلمين بعد مقتل القذافي في 20 أكتوبر (تشرين الأول) 2011م مباشرة الذي كان للثوار ذوي التوجه الإسلامي دور أساسي فيه، طرحت بعض المجموعات توجها بشكل علني، وبدأت تقدم خطابها من خلال الربط والتلازم بين الدين الإسلامي بما أملاه من عقائد وعبادات، وقيم وجدانية وأخلاقية، ومشاريع الإسلام السياسي، المتمثل في قيام الدولة الدينية المبنية على أسس الشريعة الإسلامية، كمصدر وحيد للتشريع. وبشكل تدريجي بدأت كثير من التيارات الإسلامية (إن صحت التسمية) تسعى بشكل ظاهر أو مخفي إلى احتكار التراث الإسلامي، من خلال النظرة الأحادية في التعامل مع هذا التراث وتوظيفه بالقدر الذي يمكنها من إنجاح المشاريع السياسية لهذه التيارات الإسلامية، وذلك عن طريق العمل بشكل معلن أو مخفي على خلق هوية إسلامية انعزالية، لا تقبل الآخر، وتجعل من هذا الآخر عدواً دائماً لها ينافسها على تسلم السلطة. عام 1949م استقبل الملك إدريس السنوسي ثلاثة من جماعة الإخوان المسلمين فارين من الحكومة المصرية بسبب اتهامهم باغتيال محمود فهمي النقراشي رئيس وزراء مصر آنذاك، ثم التحقت بهم مجموعة أخري، عام 1954 بعد فشل محاولتها في اغتيال جمال عبد الناصر، ونجحت المجموعتان في تأسيس أول تنظيم ليبي للإخوان المسلمين في طرابلس عام 1968م. القذافي اعتبرها جماعة محظورة من ممارسة نشاط سياسي، معتبراً الانخراط في أي حزب أو جماعة جريمة يعاقب عليها بالإعدام. محمد عبد الملك، المعروف في عدد من مساجد مدينة مانشستر بأبو سندس وهو المتحدث الرسمي السابق لجماعة الإخوان المسلمين الليبية قبل خروجه منها، وكان الممثل لجماعة الإخوان المسلمين في أوروبا وحاليا هو عضو هيئة أمناء مؤسسة الشباب المسلم بمدينة مانشستر. يعيش أبو سندس في بريطانيا منذ ما يقارب أربعة وثلاثين عاما، يتمتع بالجنسية البريطانية ويقيم الآن في ضاحية بجنوب مدينة مانشستر. عن الحادث قال أبو سندس: «إن ما حدث يعد صدمة لنا جميعا، ولم أتوقع إطلاقا أن مثل هذا التفجير يقع ويكون المنفذ من أصول ليبية، وخصوصا قتل الأبرياء والأطفال منهم، فأنا أب وجد وأعي جيدا ما عانته أسر الضحايا في التفجير الغادر». وأضاف: «من المؤسف أن تكافأ مانشستر بمثل هذا العمل المشين». من جانب آخر قال الشيخ ونيس المبروك الفسي، أحد أعضاء ومنظّري جماعة الإخوان المسلمين إنه لم يغادر بريطانيا نهائيا، وما زال أولاده يدرسون بها، لكنه يتردد حسب قوله بين تركيا وبريطانيا. وأضاف موضحا أن صلته بالإخوان أنتهت، وأن صفته الحالية التي يتعامل بها مع الإعلام هي رئيس المركز المغاربي للدراسات وعضو مجلس أمناء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين. كتب الفسي على صفحته الرئيسية في موقع «فيسبوك» مبينا أن الشاب الذي قام بعملية مانشستر، ارتكب عدة جرائم في آن واحد؛ فقد أجرم في حق الضحايا، وفي حق القيم الإسلامية، وفي حق والديه وأسرته، وفي حق نفسه، وفي حق أمته، وشجع على حملات التشويه لصورة الإسلام في عقول غير المسلمين، وأنه أجرم في حق الجالية المسلمة، وزاد من الضغوطات المعنوية والاجتماعية والقانونية عليهم. وأضاف: «ينبغي أن نبحث بكل شجاعة وموضوعية عن الأفكار المؤسسة للغلو والإرهاب، وتطويقها قبل استفحال آثارها». الشيخ المبروك الفسي ختم حديثه معي بقوله: «هذا هو تعليقي على الحدث، وهذا ما أدين لله به، وبالمناسبة أنا بطبيعتي لا أجامل لا الإنجليز ولا غيرهم، فليس عندي ما أخافه ولا ما أستحي منه، وأشعر أنني في بلد يهتم بقيمة العدل والحرية ولا يقيم أحكامه على الظلم والزور»حل تنظيم الجماعة الليبية المقاتلة تنظيم الجماعة الليبية المقاتلة الذي تم حله أخيرا، كان أحد التنظيمات الجهادية القوية التي أرقت نظام القذافي وأقلقته جداً، لكنه تمكن من احتوائها والتصالح معها، فأطلق سراح قادتها من السجن لينقلبوا عليه لاحقاً، ويتمكنوا من الوصول إلى السلطة والسيطرة على كثير من مقاليد الأمور في ليبيا بعد ثورة فبراير (شباط) 2011م. وبحسب شهادة أدلى بها مجدي المجذوب ضابط الاستخبارات الليبية السابق، فإن والد منفذ الهجوم كان على علاقة وثيقة مع «المقاتلة» الليبية أيام حكم القذافي وقد منحته بريطانيا حق اللجوء فيها ومعه مجموعة كبيرة احتضنتهم مانشستر بالذات، فيما عادت مجموعة منهم إلى ليبيا بعد 2011م وتولوا مناصب مهمة. من جانب آخر يؤكد عادل أريني رجل الأعمال الليبي أنه يعرف والد منفذ الاعتداء شخصيا وأنه شخصية راديكالية متطرفة. القنصل الليبي بالقنصلية العامة في مانشستر الدكتور نجيب مصطفى السراج فور سماعه لخبر الانفجار التحق بمكتبه في القنصلية العامة، وأصدرت القنصلية العامة في مانشستر في نفس الليلة بيانا موجهاً لليبيين المقيمين بالمدينة طمأنتهم فيه بأنه «واستناداً إلى تقارير الجهات الأمنية الأولية فإنه لم ترد أخبار للقنصلية بوقوع إصابات بين الليبيين من الجالية الكريمة وأن القنصلية على تواصل مع الجهات الأمنية في الموقع وستوافي مواطنيها بأي جديد». ووضعت في البيان أرقام الطوارئ لتسهيل الاتصال العاجل في حال حدوث أي مكروه. بعدها تبين أن الضحية الوحيدة كان بريطانياً من أصول ليبية وهو منفذ الهجوم. سألت القنصل عن ردة فعله بعد سماعه بما حصل من ضلوع العبيدي في هجوم آرينا فقال: «الجهات الليبية الرسمية أصدرت بيانا من وزارة الخارجية وأرسلت برقية تعزية للمملكة المتحدة ولا أجد ما أضيفه على البيانات الرسمية إلا أن دولة ليبيا أدانت هذا العمل الإرهابي الجبان الذي لا يعرف حدودا ولا يفرق بين جنسية وأخرى»..مسجد «السنة » القريب من قاعة مارينا مركز تجمع مهم للمسلمين وفي حي شيتمهل القريب من قاعة مارينا، الذي يقطنه عدد لا بأس به من أبناء الجالية الليبية والمسلمة بشكل عام، يوجد مسجد السنة وهو مسجد صغير من طابقين أنشىئ عام 2000م، ولكنه مركز تجمع مهم للمسلمين، ويدار ويصرف عليه بجهود التبرعات والمصلين، إدارة المسجد أصدرت بيانا استنكرت فيه الحادث وأكدت أنه لا يمت للإسلام بصلة، ولا علاقة لتعاليم الدين الإسلامي الحنيف بقتل الأبرياء، زارت الشرطة البريطانية مسجد السنة صباح اليوم التالي لوقوع التفجير، وطلبت من إدارة المسجد إبلاغ المصلين بضرورة توخي والتزام الحذر وأن الشرطة في خدمة المسجد وفي حال حدوث أي ردة فعل من المراهقين أو أي ممن يسكنون قريبا من المسجد، عليهم الاتصال فوراً بأرقام الطوارئ، المسجد يرتاده كثير من المسلمين وإن كانت الأغلبية من الليبيين، وعلى بعد أمتار قليلة يقع البيت الذي قامت الشرطة بمداهمته وإخراج العائلة الليبية التي تقطنه للاشتباه في تورط أحد المقيمين بالبيت بما حدث. الليبي عبد الحكيم برم قال: «إن الحادث الذي وقع ضحيته مدنيون، هو بلا شك عمل إجرامي لا نرضاه في أنفسنا أو على غيرنا، وانزعجنا أكثر بعد الكشف عن هوية المتهم الذي أعتقد أنه حتى الآن مجهول المصير، فلا معلومات دقيقة عنه، ولا وجود لجثة أو حتى أشلاء منها للتحقق من هويتها، تابعنا كلنا ردود الأفعال من شديدة وقاسية إلى معتدلة وعقلانية». وأضاف: «أود التذكير بأن الليبيين في المملكة المتحدة ليسوا فقط ممن يحملون أفكارا متطرفة، ولكن فيهم أيضا من يحمل العلم والتدين والاعتدال، فيهم المتعلم والبسيط الذي يحظى باحترام الجميع ومنهم من أبدع وفرض وجوده في مجاله وتفوق على منافسية، ومنهم أيضاً من مُنح الأوسمة التكريمية من المملكة نفسها، وفيهم التاجر. لذلك لنبتعد عن التعميم والقلق، ولا نربط هذه الأفعال بديننا فهو بريء منها، هذه الجرائم قد تصدر من أي شخص يحمل جنسية أخرى فالإرهاب لا دين له، إلا أنهم يُوصفون بالمضطربين النفسيين إن كانوا غير مسلمين ولدينا من الأمثلة ما يكفي».صدمة الجالية الليبية في مانشستر ناصر الشكري كاتب ومتابع للشأن الليبي وكان مستشاراً سياسياً لبعثة الأمم المتحدة في ليبيا يقيم في مانشستر، قال: «إن تهاون البعض وغض الطرف عن انتشار الفكر المتطرف والمستعد لاستعمال العنف واستهداف الأبرياء أدى إلى نتيجة حتمية أن يخرج من أبناء الجالية الليبية في مانشستر من ارتكب هذا الفعل الإجرامي» ويتساءل الشكري: «متى يا تُرى نستشعر خطر هذا الفكر على أولادنا؟ ومتى نتوقف عن ممارسة سياسة التجاهل ودفن الرأس في الرمل وكأن شيئاً لم يكن». ويضيف: «ها هي الجالية الليبية اليوم تعيش في صدمة وحيرة وذهول مما حدث وخصوصا الجيل الجديد الذي أثرت هذه الحادثة فيه وفِي آماله وتطلعاته ومستقبله». واختتم حديثه بالقول: «لقد تحدثت مع طائفة منهم فوجدتهم مصدومين وقلقين من تداعيات هذا الفعل عليهم وعلى فرص اندماجهم وانخراطهم في المجتمع الذي ولدوا وترعرعوا فيه ودرسوا في جامعاته وينتظرون أن يحظوا بوظيفة توفر لهم فرصة للعيش الكريم والمستقر فإذا بهذه الجريمة الشنعاء تضع مزيداً من العراقيل والمثبطات أمام أمنياتهم وأحلامهم».مستشار الأمم المتحدة في مكافحة الإرهاب لـ «المجلة»: مواجهة الإرهاب صعبة و«مانشستر» سيؤثر على مسلمي أوروبا جميعاً يرى البعض أن وقف موجات الإرهاب التي تضرب في القارة العجوز وفي كل الدول صعبة دون إجراءات تتجاوز أحيانا المواثيق الدولية لحقوق الإنسان عند محاربة الجماعات الإرهابية، فهل يمكن حماية المجتمعات دون انتهاكات لقوانين حقوق الإنسان؟ وفي حال بريطانيا كيف يمكن حماية المواطنين إذن إذا كان منفذو العمليات الإرهابية مسجلين تحت المراقبة ومع ذلك استطاعوا تنفيذ عملياتهم؟ حول هذه الأفكار وغيرها التقت «المجلة» بالبروفسور حامد السيد مستشار الأمم المتحدة في مكافحة الإرهاب (CTITF)، وكان اللقاء على خلفية تفجير مارينا بمدينة مانشستر. وأشار السيد في البداية إلى أن بريطانيا لديها ثلاثة آلاف شخص تحت مراقبة أجهزتها الأمنية، وهم ضمن قائمة طويلة تشمل 23 ألف شخص تحت مراقبة الحكومة البريطانية وأجهزتها الأمنية بشكل أو بآخر. وهنا يمكن توقع أن العبيدي وضع في التصنيف الخطأ من قبل الأجهزة الأمنية فحدث ما حدث.حامد السيد مستشار الأمم المتحدة في مكافحة الإرهاب تجفيف منابعه، عن طريق حل الصراعات العالقة، بما فيها الصراع العربي الإسرائيلي، وكذلك الصراعات في ليبيا والعراق وسوريا واليمن. وأضاف أن «الحديث عن القضاء على الإرهاب بشكل تام، حديث غير عقلاني، لأن هذا يتطلب موارد وإمكانيات لا تملكها أي دولة في العالم… من جانب آخر استراتيجية الأمم المتحدة تقوم على الربط الوثيق جدا بين مواجهة الإرهاب وقضية حقوق الانسان، فعلى الرغم من أنهما متشابكتان لكن لا يوجد تعارض بينهما. أما بخصوص مشروعية استخدام إجراءات رادعة ضد المتطرفين تحديداً خارج إطار حقوق الانسان، فالقانون واضح في هذا المجال: من يقوم بعمل إرهابي مجرم دون النظر إن كان متطرفاً أم لا». وأشار المستشار الأممي إلى أنه لا يعتقد أن وراء حادث مانشستر تنظيم، «ولكن أعتقد أن وراءه شبكة، وهذه الشبكة صغيرة الحجم مكونة من أصدقاء، أو رفاق شارع، ولها بعد دولي أو إقليمي يصل لليبيا حيث تدرب الشاب على صنع قنبلة في أربعة أيام» ويرى البروفسور السيد أن الحادث أثر بالفعل على الانتخابات البريطانية «فالفجوة بين المحافظين والعمال تقلصت الآن بشكل كبير جدا، على الأقل لن يحصل المحافظون على الأغلبية العظمى التي كانوا يأملون في الحصول عليها، هذا إن لم يخسروا الانتخابات بشكل كامل». أما عن تأثير هذا الحادث على مسلمي بريطانيا، فيقول: «للأسف الشديد أنا أعتقد جازماً، أن ما حدث ستكون له تداعيات وعواقب سلبية على المسلمين في أوروبا كلها وليس في بريطانيا وحدها».
مشاركة :