بغداد – نزار حاتم| أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي اقتراب موعد تحرير الموصل مع تواصل المشوار القليل لتطهير المدينة وبعض توابعها الإدارية والجغرافية من تنظيم داعش الإرهابي، وقال أن رايات النصر سترفع قريبا وان العراق يتجه نحو الإعمار والبناء والاستقرار بعد أن أصبح مقبرة للدواعش وانهى حلمهم بالتمدد. فيما أكد السفير البريطاني لدى بغداد فرانك بيكر أن ما تسمى بدولة الخلافة على وشك الانهيار مضيفاً أن بلاده تدعم العراقيين في محاربتهم الإرهاب الدولي. ومع توافر المعطيات الميدانية التي تعزز هذا الكلام يندفع السؤال لدى المتابعين للشأن العراقي عما ستؤول إليه الأوضاع عقب التحرير، حيث سيترك الإرهابيون الذين سيرحلون آثارهم المدمرة التي ستبقى زمناً طويلاً وتتطلب معالجات على أكثر من صعيد. ولمقاربة هذا السؤال يمكن التأكيد أن هناك أكثر من زاوية حادة سيواجهها العراق عقب طي صفحات الحرب تمثل امتحاناً حقيقيا للحكومة والقوى السياسية كافة. موضوع إعادة الإعمار وعودة النازحين تمثل أولوية قصوى في ظل وضع اقتصادي صعب، فيما يؤكد العبادي أن حكومته قادرة على معالجة هذه المشكلة. الزاوية الثانية تتمثل في إحداث المصالحة بين سكان المناطق بعد تخلصهم من «داعش»، حيث أحدث الأخير شرخا واسعا وانقسم سكانها بين ثلاث فرق، إحداها تعاونت مع المسلحين وأخرى وقفت ضدهم وضد كل من قدم لهم العون، فيما ظلت الفرقة الثالثة واقفة صامدة على الحياد بقدر ما تستطيع. هذه الفرق الثلاث أغلبها ذات طابع عشائري ثأري يحضّر لعمليات الانتقام ما لم تسارع الحكومة والقوى السياسية الى إحداث مصالحة تطوي صفحة الماضي الأليم، وهي مهمة ليست سهلة لكنها تمثل ضرورة ملحة لتعافي البلاد. وفي الوسط والجنوب لاذ عدد غير قليل من المسلحين المنفلتين وانشغال الحكومة بأهوالها فظلوا يعبثون بأمن المواطنين في الداخل فيما يستعين بعضهم بسطوة العشائر التي تريد تهميش دور السلطة وهيبتها. لذا يحسن القول إن هذه النقطة تمثل أيضا زاوية حادة وتحدياً للحكومة، التي ينبغي عقب فراغها من الحرب أن تتوجه بقوة وبسرعة الى نزع السلاح غير الشرعي وحصره بيد الدولة. وعلى الرغم من حرص المجتمع العراقي بكل أطيافه ( باستثناء الكرد) على وحدة بلاده رغم كل الصراعات التي نشبت بسبب المحاصصة الطائفية، يظل هذا الحرص عرضة للاهتزاز مالم تسارع الحكومة والقوى الفاعلة الى مصالحة سياسية شاملة. وفيما كانت القبس قد ألمحت عشية قرار الكرد بالاستفتاء على الانفصال إلا أن هذا القرار لايعدو كونه ورقة ضغط على حكومة المركز، أكدت التصريحات الصادرة من المسؤولين الكرد بعد التحفظات الدولية والإقليمية على هذه الخطوة، أن موضوع الاستفتاء لايعني الطريق الى الانفصال. فيما علمت القبس أن ألحزب الديموقراطي الكردستاني يروج في أوساط الإقليم أن عملية الاقتراع تهدف الى الانفصال، بغية استمالة الاكراد لصالحه،، بينما يطرح مسؤولو الحزب ذاته في خارج الدائرة الكردية مقولة أنه مجرد استفتاء من دون أن يفضي الى خطوات عملية. والحقيقة التي تكمن وراء هذا التناقض تشي بعزم الكرد على مواجهة حكومة المركز بسلسلة من المطالب تتعلق بثروات النفط وتفعيل المادة 140 الخاصة بالمناطق المتنازع عليها، وبالتالي فإن الضغط الكردي يمثل هو الآخر تحديا للحكومة المركزية يتعين عليها الاستجابة له بما يرضي الأطراف لكن ليس على حساب الدستور الذي لم يخل بدوره من قضايا مختلف عليها أو على تفسيرها، ما يدعو الى الحاجة لمراجعة وإجراء بعض التعديلات الكفيلة بدفع التسويات السياسية العميقة قدماً.
مشاركة :