قبيل بدء وزير الخارجية الفرنسي جون إيف لودريان زيارة للجزائر، هي الأولى منذ تولي ماكرون السلطة.دعت "حركة المواطنين الجزائريين بفرنسا" (غير حكومية)، اليوم الإثنين، وزير الخارجية الفرنسي جون إيف لودريان، إلى إعادة "جماجم" المقاومين الجزائريين الـ37 المعروضة بمتحف "الإنسان" بباريس.جاء ذلك في رسالة وجهها عمر آيت مختار، المنسق العام للحركة، التي تدافع عن الجالية الجزائرية بفرنسا، إلى الوزير الفرنسي، الذي يبدأ مساء اليوم زيارة رسمية للجزائر تدوم يومين.وقال مختار في الرسالة، التي تلقت الأناضول نسخة منها، إنه "بمناسبة زيارتكم للجزائر(..) أعيدوا لنا جماجم مقاومينا الـ37، وافتحوا الأرشيف للمؤرخين".وأضاف أنه "منذ عام 1949، لا تزال جماجم 37 مقاومًا جزائريًا - على الأقل - معروضة في متحف الإنسان بباريس".ومضى مختار قائلاً: "تعلمون بأن لدينا علاقة مع الأموات بالنظر إلى تقاليدنا وتعاليمنا الدينية الإسلامية (..) نحن نقوم بدفنهم".وأعرب مختار عن أمل الحركة في قرار فرنسي لإعادة جماجم المقاومين الجزائريين الـ37، ودفنها بأرض الوطن، بحلول أكتوبر/تشرين الأول المقبل بمناسبة ملتقى حول مظاهرات الجزائريين المطالبينبالاستقلال بباريس في 17 أكتوبر/تشرين الأول 1961 (ما يعرف بمجزرة باريس).وفي 17 أكتوبر/ تشرين الأول 1961، هاجمت الشرطة الفرنسية، بأمر من قائد شرطة باريس، موريس بابون، مظاهرة سلمية للجزائريين، وقتلت العشرات منهم عمدًا في الشوارعومحطات مترو الأنفاق، وألقت بعدد من المصابين من الجسور في نهر السين، ما أدى إلى مقتلهم، وهو ما بات يعرف بمجزرة "باريس عام 1961".وارتأى مختار أن تلك الخطوة من شأنها تهدئة النفوس، وتخفيف التوتر والتمهيد لإقامة علاقة ثقة متبادلة ما بين البلدين؛ لا سيما بعد تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الجزائر(قبل انتخابه)،التي أقر فيها بأن ما قامت به فرنسا "جريمة ضد الإنسانية".وزيارة لو دريان، هي أول زيارة يقوم بها مسؤول بالحكومة الفرنسية منذ انتخاب الرئيس إيمانويل ماكرون، و"تندرج في إطار علاقات التشاور التقليدية المنتظمة القائمة بين البلدين الذين تربطهما علاقات قوية ومتنوعة"،حسب بيان لوزارة الخارجية الجزائرية.ومطلع أكتوبر/ تشرين الأول الماضي بثت قناة "فرانس 24" (حكومية)، تقريرًا كشفت فيه عن وجود 18 ألف جمجمة محفوظة بمتحف "الإنسان" في باريس، منها 500 فقط تم التعرف على هويات أصحابها،من ضمنهم 37 قائدًا من المقاومة الجزائرية قتلوا ثم قطعت رؤوسهم من قبل قوات الاستعمار الفرنسي منتصف القرن الـ19، بواحة "الزعاطشة" الجزائرية.ولم يكشف بداية سر هذه الجماجم سوى في مارس/ آذار 2011، على يد الباحث الجزائري المقيم بفرنسا علي فريد بلقاضي، وفي العام نفسه صدرت عريضة تطالب باسترجاعها، غير أنها لم تلق رواجًا كبيرًا.لكن في مايو/أيار الماضي، تمكن إبراهيم سنوسي الأكاديمي الجزائري بجامعة "سيرجي بونتواز" الفرنسية من جمع قرابة 30 ألف توقيع لاسترجاع هذه الجماجم إلى بلاده.وعرف الملف جدلًا بين الأوساط الرسمية الجزائرية الفرنسية، فبعد تصريح لوزير المجاهدين (قدماء المحاربين) الجزائري الطيب زيتوني، بأن بلاده قدمت طلبًا رسميًا لاستعادة هذه الجماجم، نفى الناطقباسم الخارجية الفرنسية رمان نادال، في تصريح لوكالة الأناضول، تلقى سلطات بلاده أي طلب من الجزائر.وتعد مجزرة واحة "الزعاطشة" (بلدة ليشانة حاليا في ولاية بسكرة، جنوب الجزائر) أبرز الجرائم، التي ارتكبت إبان الاستعمار الفرنسي وتعود وقائعها إلى 26 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1849،عندما هاجم الجنرال "هيربيون" الواحة، التي كانت معقل الشيخ "بوزيان" قائد ثورة الزعاطشة، بقوات بلغ إجمالها 8 آلاف عسكري.وبعد يومين من الحصار والقصف المدفعي، تمكنت القوات الفرنسية من تدمير الواحة بالكامل، وقطع 10 آلاف نخلة، وإحصاء 800 جثة لشهداء جزائريين وعدد آخر غير معروف تحت الأنقاض،ومن بين الشهداء كان الشيخ "بوزيان"، أما الجيش الفرنسي فخسر حسب بعض المصادر 165 جنديًا، فيما أصيب 790 آخرين.
مشاركة :