بحسب شركة “اكسفورد إيكونومكس”، ستتمتع دول مجلس التعاون الخليجي مرة أخرى بفوائض كبيرة في الحساب الجاري في عام 2014، وستسجل المنطقة كاملة فائض يعادل 16.7 من ناتجها المحلي الإجمالي. وتتصدر الكويت الترتيب بفائض يعادل 32.7 وهو ضعف متوسط فوائض المنطقة، ثم تليها قطر بفائض يعادل 26، ثم السعودية بفائض يعادل 14.8. كما ستملك الإمارات وضعاً مريحاً بفائض يصل إلى 10.8 من ناتجها لمحلي الإجمالي. ويستند هذا التوقع على افتراض أن أسعار النفط ستستمر أعلى من 100 دولار، وأصدرت الوكالة الدولية للطاقة مؤخراً تقريراً توقعت فيه حدوث نقص شديد في النفط في النصف الثاني من العام بسبب الاضطرابات السياسية في عدد من الدول الأساسية المنتجة للنفط، حيث تكافح كل من ليبيا والعراق الأعضاء في منظمة أوبك من أجل الحفاظ على مستويات الإنتاج السابقة، في حين تعاني الدول من خارج أوبك مثل كولومبيا وجنوب السودان وكازاخستان أيضا للوصول إلى أهداف الإنتاج الخاصة بهم، وطلبت الوكالة الدولية للطاقة من أعضاء منظمة أوبك أن تزيد إنتاجها إلى ما يقارب مليون برميل يومياً في النصف الثاني من العام للحفاظ على الاستقرار في أسعار النفط، فإن الصادرات الإضافية من النفط والغاز ستتيح للحكومات الخليجية الاستمرار في زيادة الإنفاق، كما حدث خلال السنوات الخمس الماضية، وخصوصاً منذ أن بدأ الربيع العربي بالتأثير على الدول العربية. وضع دول مجلس التعاون الخليجي فريد من نوعه على المستوى العالمي، حيث لا تتمتع بوضع مماثل إلا مجموعة قليلة من الدول الآسيوية، سيبلغ فائض سنغافورة نحو 18 من ناتجها المحلي الإجمالي، بينما يقترب فائض تايوان إلى 13، وعلى الجانب الآخر، من المتوقع أن بعض الاقتصادات الأخرى الناشئة صعوبات بسبب العجز الخارجي الكبير، حيث تسجل تركيا وجنوب أفريقيا عجزاً يعادل أكثر من 5 من حجم اقتصاداتها، بينما يبلغ العجز في البرازيل 3.8. والآثار المترتبة على عجز هذه الدول تنطبق على دول مجلس التعاون كذلك، ويقيس الحساب الجاري الوضع الخارجي للبلد، حيث يسجل صافي الإيرادات القادمة من الصادرات (أو الإنفاق على الواردات)، والدخل الذي يتم نقله من الشركات المحلية العاملة في الخارج إلى داخل البلاد (أو الدخل الذي يرسل للخارج من الشركات الأجنبية العاملة داخل البلاد) والتحويلات النقدية المرسلة إلى البلاد أو خارجها، العجز يعني أن البلاد بحاجة إلى اقتراض المال من الخارج لتكون قادرة على دفع ثمن احتياجاتها. وفي فترات الاستقرار لا يشكل الحصول على التمويل مشكلة. ومع ذلك، عندما يعاني الاقتصاد العالمي من أزمة مفاجئة، تميل التدفقات الدولية إلى ترك الأسواق الناشئة إلى البلدان الأخرى التي تعتبر أكثر أمناً. ويكلف هذا التدفق المالي للخارج ضعف العملات المحلية للدول الناشئة، وبالتالي جعل وارداتها أكثر كلفة، كما يؤدي عادة للتضخم. ومن أجل السيطرة على التضخم، تلجأ البنوك المركزية غالباً إلى رفع أسعار الفائدة، مما يقلل في النمو الاقتصادي ويخلق مجموعة جديدة المشاكل، تمتد من البطالة إلى الاضطرابات الاجتماعية. ويشير العجز الكبير في الحساب الجاري إلى أن البلاد أكثر عرضة لهذه الدورة السلبية. ولهذا السبب يحذر المستثمرون من دول مثل البرازيل وتركيا وجنوب أفريقيا. وفي حين أن إمكانية الانهيار العالمي في الأسواق المالية الآن أصبحت أقل منها قبل عامين، إلا أنه لا يزال من الممكن أن تعاني أسواق الأسهم من عملية تصحيح في عام 2014، وإذا تحقق ذلك، ستكون الاستثمارات في هذه البلدان عرضة لخسارة جزء كبير من عوائدها.
مشاركة :