تقارب القوى السياسية الأزمات التي تطوّق لبنان في هذه المرحلة، والتي تبدو عصية على الحلّ ما لم تقترن بإجماع وطني داخلي، وتتطلع للحلول المرجوّة، كلّ من زاويتها، لكنها تجمع على أن إهدار الفرص لها تبعات خطيرة على الواقع اللبناني، وهذا ما أشار إليه عضو كتلة «التحرير والتنمية»، النائب ياسين جابر الذي دعا إلى «معالجات سريعة للأزمات القائمة، لكون المماطلة والاستمرار باللعب على حافة الهاوية، أمرا خطيرا، سيؤدي إلى السقوط في قعرها، مبدياً أسفه لأن المفاوضات على قانون الانتخاب استغرقت كل هذه السنوات، قبل أن يولد الحلّ ويتنفس اللبنانيون الصعداء».ورأى النائب جابر في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «البلاد تمرّ بمرحلة خطرة، وتجتاز أزمة صعبة للغاية نأمل في تخطيها بسلام بالنظر إلى الحرائق المشتعلة في المنطقة». وقال: «الجميع يعرف أن الأمور معقدة، والبلد يحتاج إلى تضحيات كل الفرقاء لأن الشعب اللبناني بات متعباً وعقله أصبح مشتتاً، ومصالح الناس أضحت مهددة»، داعياً إلى «الكفّ عن التلاعب بأعصاب اللبنانيين ومصالحهم، ومستقبل أولادهم»، معتبراً أن «مستقبل الوطن كلّه بات في خطر، ومع ذلك استمر البعض بممارسة هواية اللعب على حافة الهاوية». وأضاف جابر: «منذ خمس سنوات ونحن نواجه الإرهاب والنزوح والأزمات الاقتصادية، وكان تعاطينا مع المشكلات سيئاً للغاية، حيث عطلنا رئاسة الجمهورية ومجلس النواب، وأخذنا الحكومة إلى الشلل، ولم نتعظ من تجاربنا، واستمررنا في ممارسة الأخطاء نفسها، حتى وصل البلد إلى ما وصل إليه من تراجع في كلّ شيء».ويبدو أن خروج الدخان الأبيض حول قانون الانتخاب، بدد إلى حدّ ما القلق الذي كان سائداً من ذهاب الأمور إلى خيارات سيئة، ويرى النائب جابر أن الخيار الذي بات أمامنا الآن هو التصويت على قانون الانتخاب وإقراره في جلسة مجلس النواب الجمعة المقبلة، وأن نذهب بإجماع إلى الحلّ، «لأن التصويت على قانون مختلف عليه، سيبقي لبنان في المعمعة، لا سيما أن المخاطر التي تتهددنا، تحتاج إلى إجماع وطني». ولفت إلى أنه ليس بقانون الانتخاب وحده يحيا لبنان، فهناك مشكلات اقتصادية كبيرة وتدهور في القطاعات الإنتاجية «وعلينا أن نخاطب اللبنانيين والمؤسسات الدولية بصوت واحد»، مشيراً إلى أن «المجتمع الدولي ملّ خلافاتنا الداخلية، «وإذا أردنا أن يساعدنا العالم، فعلينا أن نساعد أنفسنا أولاً».وتحدث عضو كتلة «التحرير والتنمية»، عن المعضلة الطائفية التي حكمت خطاب البعض في الفترة الأخيرة، قائلا: «أضعنا أياماً طويلة في حوار عقيم، كان همّ البعض فيه تعديل الدستور لترسيخ الطائفية، وتجاهل أن المادة 24 من الدستور، تكرّس الطائفية والمناصفة، وحقّ كل طائفة ومذهب في التركيبة اللبنانية، ولا أحد يطالب اليوم بإلغاء هذه المادة أو تعديلها».وإن لم تكن نقاط الخلاف على قانون الانتخاب محدودة، بل كبيرة ومتشعبة، لكن النائب ياسين جابر، اعتبر أن «الأهم الاتفاق على القانون، وليس البحث عن نقاط الخلاف»، مشيراً إلى أنه «في الأيام الماضية كلّما تخطينا نقطة خلافية وقعنا في نقاط أخرى». وسأل: «كيف يجتمع رئيس الجمهورية (ميشال عون) ورئيس مجلس النواب (نبيه بري) ورئيس الحكومة (سعد الحريري) في قصر بعبدا، ويعلنون إثر الاجتماع أنهم اتفقوا على كلّ شيء في قانون الانتخاب، وجرى حلّ كل العقد، وفي اليوم التالي نتفاجأ أننا عدنا إلى المربّع الأول؟». وعبّر النائب جابر عن أسفه لأن «المفاوضات لم تكن في وقت من الأوقات وسيلة للحلّ، بقدر ما كانت ولّادة عقد، وهذا أمر غريب عن أدبيات الحوار».
مشاركة :