طقطقة أم أسلوب تنفيس

  • 6/16/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

أشجع هذا النوع من الأساليب كثيرا، أرى أنه يوصل المطلوب بطريقة أفضل من الأسلوب الجدي المباشر، إذا بقي في قالب المعقول بدون إساءة أو تجاوز حدود ثقافة «الطقطقة» ليست وليدة في المجتمعات الإنسانية، والحديث عنها ليس بأمر حصري. فقد استشرت هذه الثقافة بين شرائح عريضة لمستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي في السعودية وغيرها منذ زمن، ومؤخرا أخذت دائرتها تتسع بشكل مهول مع توالي الأحداث وتزاحم الساحة الإعلامية بأخبار وقرارات وتصريحات، جعلت من تلك الثقافة أسلوبا يستخدمه العامة للتنفيس في ما لم يعجبهم منها، فيحولونها لقضايا ساخرة لا يتجاوز التعليق عليها سوى التندر والهزل. ويعبر عنها بشكل ساخر عبر جمل مكتوبة أو عبارات صوتية أو صور ثابتة أو متحركة. فتلقى صدى واسعا بين أفراد المجتمع. صناعة النكتة من الموضوع الجدي أصبح الأسلوب الأكثر رواجا خلال السنتين الأخيرتين، حيث تخضع الأزمات المتمادية الحالية إلى نقد ساخر يمكن أن نسميه (النكتة الواعية) التي تستخدم كوسيلة للخروج عن الشعور السلبي الناتج عن تلك الأزمات. فـ«الطقطقة» التي يمارسها الناس ما هي إلا أسلوب تنفيس مصنوع من نكتة. وثقافة حديثة تعكس شيئا مؤلما من حياة الواقع. تقدم بشكل لاذع في معظم الأحيان تبعا لقسوة الظرف أو حدة الموقف، وهي سلاح اجتماعي يستخدمه الغالبية للتعبير عن القضايا التي تشغل الساحة عموما. هناك جانب من هذه الثقافة أعتبره أسلوبا فنيا من الطراز الأول. فالنكتة التي تحمل قدرا كافيا من النقد الذي يحفز على صنع تحول ملحوظ في المجتمع، وتقدم دورا جيدا في البناء وتصحيح الأخطاء التي نتأثر من سلبياتها، هي أسلوب مجد يمكن التعامل به في بعض الأحيان. لا سيما أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت أرضا خصبة لنمو هذه الطريقة الفكرية. ترى الباحثة والناقدة في الشؤون الاجتماعية «مها الشهري» أن هذه الطريقة تحفز على صناعة شيء أفضل في المستقبل، كما يمكننا أن ندرك كيف أن النكتة يمكن أن تؤخذ كمعيار تقييمي لدراسة فكر الشباب وما يتطلعون إليه، أي أنها شأن لا يمكن الاستهانة به، مع الملاحظ أن الفرد يسخر من مخاوفه ومشكلاته، لكن رغبة في تحقيق التغيير. وهذا يعني أنه تغلب على الشعور بالمشكلة، وأنه أنتج ثقافة جديدة للتعامل مع الواقع. إلى جانب كونها مسوغا تعبيريا يمكنه من خلالها أن يتنفس الاحتقان ويعبر عن الامتعاض من قضايا وأزمات في قالب مقبول، يساعد ولو لفترة زمنية في تقبل الواقع. وكما هو معروف أن النقد الساخر هو أسلوب يتبعه كبار النقاد في العالم بعدة أشكال مختلفة، الهدف منه إصلاح المجتمع أو إيصال فكر معين، بعيدا عن التشكيك أو التجريح أو الشخصنة. وعلى السبيل الشخصي أشجع هذا النوع من الأساليب كثيرا، أرى أنه يوصل المطلوب بطريقة أفضل من الأسلوب الجدي المباشر، فقط إذا بقي في قالب المعقول بدون إساءة أو تجاوز حدود.

مشاركة :