أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ارتفاع مستوى الفقر في بلاده، وأعرب عن قلقه من تراجع دخل المواطنين، وقال إن الاقتصاد الروسي تجاوز الانكماش، لكنه ما زال يعاني من مشاكل «يجب حلها بهدوء».وأثنى بوتين على البنك المركزي، وشدد على أهمية التخفيض التدريجي لسعر الفائدة. وفي قضايا تفاعل الاقتصاد الروسي عالمياً، لم يكترث الرئيس الروسي للعقوبات الغربية التي أشار إلى أنها «كلفت الاقتصاد الروسي خسائر، هي نصف خسائر الغرب بسبب العقوبات ذاتها»، ووعد بأن يلغي العقوبات التي فرضتها روسيا على المنتجات الغربية بعد أن يلغي الغرب عقوباته.تصريحات بوتين حول هذه القضايا، وغيرها من مسائل حول وضع الاقتصاد الروسي، جاءت ضمن برنامج «حوار مباشر مع بوتين»، الذي بثته قنوات التلفزة الروسية على الهواء مباشرة يوم أمس. والبرنامج تقليد سنوي، يوجه المواطنون خلاله أسئلة للرئيس الروسي، عبر مختلف وسائل الاتصال. وغالباً يكون وضع الاقتصاد الروسي موضوعاً رئيسياً في أسئلة المواطنين للرئيس.وضمن إجاباته على تلك الأسئلة، عبر بوتين عن قناعته بأن الاقتصاد الروسي تجاوز مرحلة الانكماش، وانتقل إلى نمو «خجول» لكنه ثابت، وأشار في هذا السياق إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.7 في المائة، وأكد أن الاقتصاد الروسي حقق نمواً بنسبة 1.4 في المائة، منوها إلى أن نمو الاستثمارات المباشرة يتجاوز نمو الاقتصاد، الأمر الذي رأى فيه «مؤشراً جيداً».ولم ينف بوتين وجود مشاكل يعاني منها الاقتصادي الروسي، وأنها ما زالت عالقة دون حل، وقال إن هذه الظاهرة تنعكس بصورة خاصة على مستوى دخل المواطنين. ومن بين المشاكل أشار إلى بنية الاقتصاد، وقال إنها «لا تناسبنا»، كما لفت إلى «انخفاض الإنتاجية»، وقال: «إذا فشلنا في رفعها، عندها لن تكون هناك فرص عمل جديدة، ما يعني أنه لن يكون هناك ارتفاع للدخل»، وشدد على أن هذه مسألة رئيسية.واستطرد معبراً عن قلقه حيال تراجع دخل المواطنين الروس بصورة ملحوظة خلال السنوات الماضية، وأضاف: «ما يقلقنا بصورة خاصة ارتفاع عدد المواطنين الذين يعيشون تحت خط الفقر، ويحصلون على دخل أقل من مستوى حد الكفاف».وحسب قول الرئيس الروسي فقد ارتفعت نسبة الفقر في روسيا حتى 13.5 في المائة، وهي نسبة مؤثرة مقارنة بالسنوات السابقة. وعلى سبيل المثال لم يزد مستوى الفقر عام 2012 عن 11 في المائة. وتشير معطيات وزارة التنمية الاقتصادية إلى أن دخل المواطنين الروس تراجع عام 2016 نحو 5.9 في المائة، وتتوقع الوزارة أن يتراجع هذا المستوى حتى 1 في المائة خلال عام 2017.وفي السياق ذاته، أشار بوتين إلى اعتماد الاقتصاد الروسي على عائدات النفط والغاز بصورة خاصة، وقال إن «هذا أمر مؤسف»، موضحاً أن المركزي الروسي لهذا السبب يغير سعر الفائدة لكن بحذر، إذ يرتبط الأمر بتقلبات سعر النفط. وأعرب عن أمله بأن يكون المركزي «حذر جداً في عمله، لكن أن يعمل نحو تخفيض سعر الفائدة»، وحذر من تقلبات مفاجأة وشديدة على سعر الفائدة، مشدداً على أهمية ضمان شروط لاستقرار الروبل الروسي.وخفض المركزي الروسي سعر الفائدة مرتين خلال عام 2017. وعزا ذلك التخفيض إلى «مواصلة سوق العمل الأداء القوي؛ كما أن النشاط الاقتصادي ارتفع بشكل معتدل حتى هذا الوقت من العام».وكانت العقوبات الغربية ضد روسيا من جملة القضايا الاقتصادية التي أثارت اهتمام المواطنين، ووجهوا أسئلة لبوتين حولها. وفي رده على تلك الأسئلة اعتبر بوتين أن العقوبات كانت مفيدة لروسيا، ودفعتها عمليا للاعتماد على ذاتها للتعويض، وأكد أن الصناعات الروسية «تمكنت من تأهيل قدراتها في الصناعات الراديو - إلكترونية، وبناء الطائرات، وفي مجال تصنيع الصواريخ، والأدوية، وكذلك في مجال صناعة المعدات الثقيلة»، وكل هذا بفضل العقوبات.بالمقابل، لم ينف بوتين أن العقوبات الأميركية والأوروبية التي طالت قطاعات محددة من الاقتصاد الروسي تسببت بخسائر، لكنها –بحسب وجهة نظره - ألحقت بالمقابل خسائر أكبر باقتصاد الدول التي فرضت تلك العقوبات. وأشار بوتين إلى أن خسائر روسيا بلغت وفق تقديرات الأمم المتحدة نحو 50 إلى 52 مليار دولار، بينما زادت الخسائر التي منيت بها الدول الغربية نتيجة تلك العقوبات عن نحو 100 مليار دولار.وتجدر الإشارة إلى أن روسيا كانت قد ردت على عقوبات الغرب بالمثل، وحظرت دخول الكثير من المنتجات والمواد الغذائية الغربية إلى السوق الروسية، وتعهد بوتين أمس بأن يلغي تلك «العقوبات الجوابية»، لكن بعد أن يلغي الغرب عقوباته أولا ضد روسيا.وفي تعليقه على قرار الكونغرس الأميركي يوم أول من أمس بتشديد العقوبات على روسيا، رأى بوتين في الأمر «دليلا على الصراع السياسي الداخلي المستمر في الولايات المتحدة»، ولم يجد في قرار الكونغرس أمرا غير طبيعي، وقال إن روسيا اعتادت على العيش في ظل العقوبات.
مشاركة :