حرية شخصية أم استفزاز للمحتاجين؟

  • 6/16/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

اعتاد مستخدمو تطبيق السناب شات تصوير يومياتهم بل كافة لحظاتهم بما في ذلك موائد الطعام والهدايا والتسوق وغير ذلك، ولا شك أن شهر رمضان المبارك سيكون الميدان الأرحب لنقل تلك اللحظات خصوصاً موائد الإفطار الرمضانية! حاولنا في هذا التحقيق معرفة اتجاهات المستخدمين حيال تصوير الموائد، مع استقراء الاتجاهات السائدة لدى بعض مشاهير مستخدمي سناب شات، ثم توجهنا إلى إحدى الراقيات لنعرف إن كانت عالجت بالفعل حالات مرضية سببها سناب شات؟! ونختم بمعرفة موقف الدين من تصوير المائدة ونشرها عبر شبكات التواصل الاجتماعي. كان سؤالنا لمستخدمي سناب شات: هل تؤيد تصوير السفرة الرمضانية على سنابك؟ ولماذا؟ وطبيعي أن تتباين الإجابات بين مؤيدين ومعارضين.. الفقير لا يملك جوالاً ذكياً قالت سحر من الخفجي: لماذا كل هذه الأقاويل لا يوجد أحد جائع لا يوجد أحد محروم نحن في نعمة ولله الحمد، الذين تقولون أنهم محرومون ليس لديهم جوالات حديثة وسنابات وانستغرام وغيرها.. اتركونا من هذه القصص التي ليس لها أساس من الصحة. أما بدور محمد من جدة فتخبرنا بصراحة: لا ننكر هوسنا بالتصوير الذي أصبح شغلنا الشاغل من الصباح تسجيل دخول إلى آخر اليوم تسجيل خروج وتفننا لسفرة الطعام من أجل التصوير لأن كل العالم أصبح هكذا وكل واحد يجتهد ليقدم أفضل ما عنده. وتؤيدها غادة من الخبر بقولها: في رمضان بالذات صرنا حتى المسلسلات نصورها ونحط إيش نتابع وصرنا نستعرض الجلابيات والفناجين والفوانيس وحتى عصير التوت والسنبوسة واللقيمات والأشياء التي تميز رمضان وبظني هذه بين أيدي الجميع. بينما تعترف سوسن الرياض بأنها من عشاق صواني الحلا ففي كل يوم في رمضان تقدم ثلاثة أو أربعة من أنواع الحلا على الطاولات وأمام التلفزيون من سيلفي إلى باب الحارة وهذه حلاوة أجواء رمضان الله يعيده علينا وعليكم أعواماً عديدة وأزمنة مديدة. ونجلاء فهد من خميس مشيط لا تختلف عن سابقاتها - على حد قولها - إيش فايدة السناب أحمله بجوالي ولا أصور يومياتي..وتضيف: لا ما عليَّ من أحد و ما في أحد جائع في هذا الزمان لو أنا فقيرة وما عندي ما أحد حس بشعوري ولا فكر بوضعي فلماذا أحمل هموم الآخرين؟ الذي ليس لديه لا يضع سناب ويعذب نفسه ويجعلنا نعذبه. أما سارا فشعارها: (اوت على أحلى سفرة تسلم يدينك يا ست الحبايب)، (واوووو ورمضان على أحلى سفرة يجمعنا) وتقول: هذه العبارات حصرية في تصويري خلال شهر رمضان لأن السناب أصلاً للتصوير وللناس الذين يحبون التصوير، وأنا من الناس اللي أوثق يومياتي حتى مواعين الفطور على المغسلة أصورها وأحب أشارك قروبي بيومياتي. معترضات بقوة أم سامي من الرياض تحمل لواء المعارضة للتصوير وتقول: لا لا أؤيد أبداً مراعاة لمن لا يجدون ما نجد ولا يحصلون على ما نحصل عليه ونحن لا نسميهم فقراء بل ضعفاء الحال وكونهم يقتنون جوالات حديثة لا يعني أنهم من المقتدرين. وأم مشعل من الرياض كذلك، فتقول: لا طبعاً لا أحب تصوير السفرة والطعام لاحتمال أن هناك من لا يستطيعون الحصول على ما حصلنا عليه، هذه أعتبرها كسراً للنفوس دون علم ولا قصد من أحد، وقد نتسبب لأنفسنا بمرض من خلال عين حاسد أو نفس محتاج. وتلتقي معهما صالحة من جدة قائلة: قبل أن نتباهى ونقوم بتصوير موائدنا لا بد أن نتذكر أننا في نعمة والحمد لله وغيرنا غير قادر على الحصول عليها فرفقاً بهذه الأنفس. وغلا من بارق تصف نفسها بأنها من عشاق الطبخ والمطبخ إلا أنها لا تحب التصوير وتضيف: فقد يكون من المضافين لدي أشخاص ويكون في نفوسهم شيء ويشعرون أنهم أقل مني. أما مريم من الطائف فتؤمن بأنها لن تستفيد من التصوير إلا المرضى لأنها بالتصوير تستعرض نعم الله التي خصها بها والتي من المفترض أن تكون له من الشاكرين لا أن تكون من المتفاخرين. للمشاهير خصوصية!! سألنا الشهيرات في عالم السناب: هل لاحظتن تباين ردة الفعل بين الأسر الغنية والأسر الفقيرة على سنابات الموائد الفاخرة في رمضان؟ تقول صاحبة حساب: عالم حواء سناب تعليمي وداعم للأسر المنتجة: الله يبارك فيها من نعمة ويحفظها من الزوال يا رب العالمين، الحمد لله صحيح أنني مهتمة بالسناب ولدي يوميات ولكن بكل ما يخص حواء ولم أستخدم سنابي في عرض السفرة والأكل ولكن تصلني صور على الخاص من سفرة رمضان وفيها تفاوت واضح بين البسطاء والمتوسطين والمترفين.. ومنال إحدى مشاهير السناب والتي عرفت بفن الطهي تقول: نعم يوجد اختلاف واضح لكل طبقة ولكل مجتمع سمات وطقوس خاصة به ولكل فئة عرض وتقديم خاص بهم. بينما سهام الحواز (سيمو) إحدى شهيرات السناب شات وهي مهتمة بقضايا المرأة لم تلاحظ فروقاً كبيرة في السنابات بين موائد الطعام في رمضان بين العائلات من مختلف المستويات.. لكنها مع ذلك تقول: أنا ضد وضع مائدة طعام على السناب شات مراعاة لمشاعر الآخرين. ومثلها تقريباً نهال أم عزام: وهي من مشاهير السناب ويتميز حسابها بترويج منتج خاص بها فهي تقول: أنا بعيدة كل البعد عن تصوير موائد الطعام ولي عالمي الخاص بالسناب وأشغل نفسي بتصوير مشروعي المميز، أما بالنسبة للأشخاص الذين أتابعهم ففيهم خير وبركة وما رأيت فيهم مبذرين. وبدرية جعفر - من مشاهير سناب شات خبيرة تجميل - ترفض التباهي بالموائد الرمضانية مع أنها لاحظت عائلات فقيرة الحال تحرص على التبذير والتفاخر بموائدها.. وتضيف: بالنسبة لي في السناب شات لا أرى أسر فقيرة لأن لدي قاعدة لا يوجد مع أحد جوال وسناب ويُفعّل الخدمة كل شهر ويعتبر من الأسر الفقيرة، فالفقير الذي لا يحصل على ريال الخبز. والجانب الصحي؟؟ هل جاءتك حالات تعاني من العين أو الحسد بسبب التصوير عبر سناب شات؟ كان هذا سؤالنا للراقية المعروفة أم عبدالعزيز فأجابت بقولها: أنا أشهد هذا السناب خطير وما أتى لنا ولعيالنا وبناتنا إلا بالمرض.. فوق 20 حالة من سنة إلى الآن جاءتني تشتكي من العين في الأكل والحسد في أغراض البيت على أثاث أو مواعين أو ترتيب حتى في الملابس والمشاوير.. جاءتني فتاة بعد عقد قرانها تقول أنا لا أرغب هذا الرجل ولا أريد أن أراه ولا أريد منه هدايا بينما تقول والدتها إنها كانت موافقة عليه ومستلطفاه ومنسجمة معه وفجأة أصبحت تبكي ولا تريد أن تسمع له سيرة.. وكذلك جاءت حالات تعاني من العين منهن من تشتكي من القولون العصبي ومنهن من تشتكي من المعدة. موقف الدين هل هناك تأثيرات نفسية بسبب مشاهدة الفقراء لترف الأغنياء على سناب شات في رمضان؟ عن هذا السؤال يجيب فضيلة الشيخ د.نهار العتيبي عضو هيئة التدريس بجامعة شقراء فيقول: إن ما يعرضه الناس من أطعمة عبر شاشات القنوات الفضائية أو وسائل التواصل الاجتماعي ويتباهون بها ويعرضون أمام أنظار الناس ما لذ وطاب من أنواع الأطعمة هو مخالف لهدي النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه الكرام فلم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعرض الأطعمة أمام الناس إلا إذا أراد أن يشركهم معه في تناولها وهكذا السلف الصالح من بعده رضي الله عنهم وأرضاهم فبعضهم كان يخرج الطعام ويدعو إليه الناس ولا يريهم إياه ثم يمنعهم منه. فإن ما يفعله بعض الناس من إظهار هذه الأطعمة فيه كسر لقلوب الفقراء والمساكين الذين ربما لا يجدون لقمة واحدة يسدون بها جوعتهم أو جوعة ابن من أبنائهم وهذا مخالف لأمر الله تعالى في كتابه الكريم فقد أمر بإعطاء الفقراء والأيتام والمساكين عند حضورهم قسمة الميراث جبراً لقلوبهم مع أنه ليس لهم حق في الميراث فقال سبحانه وتعالى: «وإذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى، وَالْيَتَامَى، وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً» (النساء؛8) قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: المراد: وإذا حضر قسمة الميراث ذوو القربى ممن ليس بوارث واليتامى والمساكين فلهم من التركة نصيب، وإن ذلك كان واجباً في ابتداء الإسلام. وقيل: يستحب. وهنا نرى كيف أن الإسلام يراعي نفوس الفقراء والمحتاجين ويجبر خواطرهم ولا يرضى أن يفعل المسلمون بهم ما يكدر خواطرهم ويجرح شعورهم ويؤلم نفوسهم لا سيما إذا كان ذلك طعاما في وقت يكون الفقير أحوج ما يكون إليه. عقدة نقص!! يقول المستشار والباحث النفسي والتربوي د. سعود المصيبيح: أمرنا الله سبحانه وتعالى بعدم الإسراف ونهانا عز وجل عن المباهاة والتعالي والكبر وحث على التواضع وعدم التبذير، وما يفعله بعض السفهاء من تصوير موائدهم في السناب شات ناتج عن عقدة نقص وقصور في التفكير ومحاولة لفت الانتباه إلى الثراء والامكانيات المادية التي عندهم، ولا شك أن هذا جارح لمشاعر الفقراء والمساكين والمحتاجين ويشعرهم بالضيم وهم لا يجدون أساسيات الأكل أحياناً. فليتق الله مثل هؤلاء وليرتدعوا عن هذا السلوك المشين وكان عليهم التقيد بتعليمات رب العالمين التي تحث على الصدقة وإطعام المسكين ومساعدة الفقراء والأيتام والمحتاجين وذلك بأن تكون المائدة معقولة ودون إسراف وأن يتصدقوا من أموالهم مما أعطاهم الله لإسعاد الأسر المحتاجة ليشتروا احتياجاتهم من ملابس وغذاء أو تسديد بعض القروض وتكاليف الخدمات المختلفة.

مشاركة :