حتى وقت متأخر من مساء أمس، كان اجتماع وزراء منطقة اليورو والدائنين الأوروبيين ملتئما لإيجاد مخرج يرضي جميع أطراف الأزمة اليونانية، وبينما كان جانب من المجتمعين يبشر بأن المشكلة في طريقها للحل، في آخر فرصة من نوعها لإيجاد ذلك الحل، كان اليونانيون يأملون في أن تنتهي الليلة الطويلة، وينتهي معها الكابوس الذي عاشوه على مدار سنوات.واليونان التي اشتهرت قديما بأعظم الفلاسفة وعلماء الحساب تواجه اليوم أزمة تمثل وتبعاتها إحدى أعقد المشكلات الاقتصادية الحديثة، إذ إن أغلب أطرافها على حق فيما يطرحونه. فاليونان ترى أنها نفذت ما عليها من واجبات إصلاحية موجعة، وأن على الجهات الدولية أن تدعمها بقوة حتى تكمل الطريق، لا أن تتخلى عنها بمنطقة تخسر فيها كل شيء. أما ألمانيا، أبرز الدائنين، فتريد إجراءات متشددة ضامنة للسداد قبل إقراض أثينا مزيدا من الديون، بينما صندوق النقد الدولي يريد أن تكون الشروط أكثر ليونة حتى يتمكن الاقتصاد اليوناني من الوقوف مجددا على قدميه، ما يمكنه من رد الديون.وعصر أمس، صرح رئيس مجموعة اليورو، يورين ديسلبلويم، بأنه يأمل في أن يتخذ وزراء مالية منطقة اليورو «خطوة إيجابية» أثناء اجتماع الخميس (أمس)، في ظل تزايد الضغوط عليهم من أجل التوصل إلى اتفاق يتيح لليونان الحصول على شريحة جديدة تحتاجها بشدة من قروض الإنقاذ المرصودة لها لتفادي إشهار إفلاسها. وشارك في الاجتماع الذي امتد إلى الليل، كريستين لاغارد، رئيسة صندوق النقد الدولي، وقد تكون الفرصة الأخيرة من أجل التوصل إلى اتفاق بشأن شروط صرف الدفعة الجديدة من القروض بقيمة 7 مليارات يورو (نحو 7.86 مليار دولار) تحتاجها اليونان بشدة من أجل سداد أقساط ديون تستحق في يوليو (تموز) المقبل.وقال ديسلبلويم: «آمل أن نتخذ اليوم (أمس) خطوة إيجابية جدا، وأن نبني على المجهود الضخم الذي بذلته اليونان». وأضاف أن وزراء المالية الـ19 في منطقة اليورو سيبحثون «الخطوات المقبلة» لبرنامج الإنقاذ الحالي، والتي تتضمن كيف سيقيّم الدائنون الأوروبيون أي تخفيف محتمل لعبء الديون مع انتهاء البرنامج في العام المقبل. كما أوضح: «علينا أن نوافق على العملية، كيف سنقيّم، ومن سيقوم بتقييمها، ومن سيقوم فيما بعد بإعداد الحزمة بأكملها - فهذا هو نوع المناقشات التي سنجريها».كما أكد رئيس مجموعة اليورو أن المناقشات الحالية لن تسفر عن أي أرقام محددة حول حجم أي تخفيف محتمل لعبء للديون. ويحرص صندوق النقد الدولي واليونان على الحصول على توضيح بهذا الشأن.يأتي ذلك فيما ينقسم الدائنون الدوليون لليونان حول استمرار صرف حزمة قروض الإنقاذ الثالثة لأثينا، حيث تطالب ألمانيا باشتراك صندوق النقد في تمويل الحزمة التي تصل قيمتها إلى 86 مليار يورو وتنتهي العام المقبل، فيما يشترط الصندوق ضرورة تخفيف أعباء الديون على اليونان لتصل إلى المستويات التي تتيح لأثينا سدادها بإمكانياتها الذاتية. وتعني شروط الصندوق ضرورة تمديد فترة سداد الديون وتقليل سعر الفائدة.من ناحيته، يصر وزير المالية الألماني، فولفغانغ شويبله، على ضرورة استمرار شروط القروض حتى نهاية برنامج الإنقاذ المالي الحالي، مع إمكانية إعادة التفاوض على هذه الشروط لتخفيفها في العام المقبل، بعد انتهاء الانتخابات العامة الألمانية المقررة في سبتمبر (أيلول) المقبل.بينما حث الرئيس اليوناني، بروكوبيس بافلوبولوس، الوزير الألماني على السماح بتخفيف عبء الديون وفتح صندوق الإنقاذ المالي. وقال بروكوبيس لصحيفة «هاندلسبلات» الألمانية الاقتصادية: «سيكون من المؤسف أن يكون فولفغانغ شويبله هو الوحيد الذي لا يتمسك بالاتفاق»، مضيفا: «لن يكون ذلك جديرا بشخصية أوروبية قيادية»، موضحا أن «اليونان أوفت بالتزاماتها ونفذت الإصلاحات المطلوبة».ويقول مسؤولون في الاتحاد الأوروبي إنهم يتوقعون التوصل إلى اتفاق خلال اجتماع وزراء المنطقة التي تضم 19 دولة من دول الاتحاد الأوروبي. وكان حل وسط قد ظهر أثناء زيارة وزير المالية الفرنسي برونو لو ماري لليونان يوم الاثنين الماضي، حيث اقترحت فرنسا ربط إيقاع سداد ديون اليونان بمعدل نموها الاقتصادي، بحيث تسدد اليونان قدرا أكبر من الديون في حالة نمو الاقتصاد بوتيرة مرتفعة، وتقل أقساط الديون المسددة في حالة تباطؤ وتيرة النمو.وقد أعلن رئيس وزراء اليونان ألكسيس تسيبراس دعمه للاقتراح الفرنسي بعد اجتماع لحكومته يوم الثلاثاء الماضي.
مشاركة :