غباء العبقري!

  • 6/16/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

عدم الالتزام بسلاسل أفكار المجتمع هو العبقرية، ألم يشتهر العباقرة بهواياتهم المتناقضة واهتماماتهم المتمازجة وأخلاقهم المفاجئة؟ فآينشتاين في آخر عمره هوى ركوب دراجة السيرك عند البحيرة، وهو أستاذ جامعي في الولايات المتحدة لتخصص الفيزياء الكونية، فإذا كان العباقرة سباقين بالمعرفة ومرحين بالفطرة، فكيف تنشأ مشاكلهم؟ ومتى يقعون في الغباء؟ شرح معلمٌ كيفية الوصول إلى العدد خمسة حسابيا، ملتزماً بطريقة المنهج التعليمي المحصور بهذه الصيغة (١+ ١+ ١+ ١+ ١= ٥) واضطر إلى تأجيل تمرين (٣+ ٢= ٥) للأسبوع التالي، لئلا يربك استيعاب الطلبة، أحدهم أدرك مغزى أداة (+) قبل الكل، فاغتنى عن جميع تمارين الكتاب المخصصة لإشارة الجمع، وحالته هذه إذا تحققت لطالب طب، اكتشف أدوية، وإذا طبقها طالب أدب صار متنبي العصر. ولكن ذاك الطالب العبقري ستحدد وزارة التربية والتعليم درجة ذكائه بمدى تطابق إجابته مع نموذج التصحيح؛ فمازال العالم ضحية أسطورة متخلفة، وهي أن الذكاء يقاس عموديا «بدرجات»، ولا يوجد تعدد لأنواع الذكاء، وبما أن العبقرية هي أبداً ما يفوق إدراك الغير، فستبقى حقيقة عبقرية الطالب مجهولة، وسيتأثر ذهنه بظروف الحياة. ففي نظرته الشرعية يجب ألا يتحمس ويقتدي بامرئ القيس منشداً «ألا لا ألا إلا لآلئ لابثٍ»، فليلى زمانه تكفيها تغريدة! عليه في حياته ألا يكون كمن يستعد للقتال فيتدرب الكونغ فو لتهزمه رصاصة بدولار! ألم يعلم أن أصل كلمة «الغباء» هي الغطاء الحاجب لرؤية «الغباوة»؟ فكم من التعقيدات الفكرية كانت لأصحابها مجرد «غباوة»؟ وستهون حياته إذا وعى أن قيمة العقل بجدوى فكرته لا بمدى تعقيد حبال أفكاره. ذات يوم، سار ذاك الطالب إلى البيت وهو يحمل شهادته المحرجة، ليسمع صوت حادث مروري، فلقد حُشرت حافلة مدرسته في نفق، فاحتقن الازدحام، ثم استدعت الشرطة مركبة متخصصة لتقتلع هذه الكتلة العملاقة، فمرت الساعات، واشتعل غضب الجميع، أحس شرطي ببنطاله يسحب إلى الخلف، ليجد الطالب الواقف وراءه يقول له: «أفرغوا العجلات»، وحلت المشكلة، أليست البساطة ذروة الذكاء؟!

مشاركة :