التاريخ من زاوية جمالية في «روائع المخطوطات المغربية»

  • 6/17/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

الشارقة: عثمان حسن ما يميز معرض (روائع المخطوطات المغربية) الذي افتتح مؤخراً في مكتبة الشارقة العامة، ويستمر حتى 24 يونيو/ حزيران الحالي، والذي جاء بالتعاون ما بين وزارة الثقافة والاتصال في المملكة المغربية وهيئة الشارقة للكتاب، واشتمل على نحو 30 مخطوطة نادرة، أنه يسلط الضوء على جمال المخطوطات المغربية بما تتمتع به من زخارف وخطوط ومنمنمات تضيف إلى المخطوطات المشرقية إبداعات جمالية مستلهمة من الحضارتين الأندلسية والمغربية، وهو يمكن الباحثين من الاطلاع على الخصوصيات المعرفية والجمالية لتراث هذه المخطوطات التي تعتبر الوعاء الأمثل لنقل العلوم والمعارف بين الأجيال، وقد زخرت بها خزائن الملوك والجوامع والزوايا القديمة وكذلك المكتبات المغربية.تكتسب هذه المخطوطات أهمية مضاعفة لكونها تضيء على نصوص في الفكر والأدب والفنون وعلوم الدين واللغة والتصوف والطب والفلك والحساب والملاحة وغيرها، وهي ذخيرة تشكل مصدرا أساسيا من مصادر الهوية العربية والإسلامية ومرجعا حضاريا ساهم في تلاقح الثقافات والحضارات وتمازجها.جاءت مخطوطات المعرض في 8 أبواب رئيسية هي: المصاحف الشريفة، الحديث النبوي، الفقه، السيرة النبوية، المديح النبوي والأذكار، التاريخ، الأدب، ورتب معظمها باسم المخطوط وناسخه وفاتحته وخاتمته ونوع الخط ومقاسه ومصدره.كشف المعرض عن خصوصية لافتة للخط القيرواني الذي كتبت به المصاحف، هذا الخط شاع في القرن السادس الهجري متمازجا مع المدرسة الأندلسية التي أنتجت خطا مغربيا مبسوط الحروف، كما هو في الحقب الموحدية والمرينية والسعدية، مع إضافة لونين جديدين هما: الأزرق والأخضر لرسم التشديد والسكون، بعض المصاحف كتبت بأشكال مختلفة من الكوفي سواء القديم أو الكوفي الذي يعود إلى القرن الخامس الهجري، مع ما رافق هذا الخط من اعتناء بالزخرفة والتذهيب بأشكال مختلفة وتلوينات متنوعة منقطة بالأحمر والأزرق وغيرهما، ثمة نسخة مميزة من القرآن الكريم تعود للقرن التاسع الهجري، كتبت على ورق أخضر ممزوج بالحرير، وقد كتبت الآيات بماء الذهب، وثبتت أسماء السور داخل إطار مزخرف وكتبت بالكوفي المذهب.اعتنت المخطوطات المغربية، في الجانب الفقهي بالبحث عن المصادر المختلفة لكتب الفقه، وما تبعها من حواشٍ وتعليقات وشروح وإيضاحات مع اعتناء خاص بكل ما تعلق بالمذهب المالكي، وهو الذي تطور مع القرن الثامن الهجري وما كتب فيه من فقه يعالج موضوعات الواقع وتطور المجتمع الإسلامي في المغرب، وهنا، صار اهتمام كبير بالفتاوى وأحوال القضاء في المذهب المالكي كما هو في المختصر المسمى «مختصر خليل» نسبة إلى خليل ابن إسحق الجندي في «776هجرية».وما يميز مخطوطات الفقه، كما هو حال مختلف المخطوطات المغربية، هو تنوعها بين الخط الأندلسي والقيرواني الذي يمتاز بحروفه القصيرة والقريبة من بعضها، ناهيك عن عدم وجود قواعد ومعايير محددة للخطوط، مع تمييز خاص للألف المتصلة التي تنحدر قليلا عن مستوى السطر، وغالباً ما تكون حروف اللام والطاء والظاء منحنية الشكل في أعلاها ما يشبه النقطة الغليظة.كشف المعرض كذلك عن خصوصية مغربية في جانب المديح النبوي والأذكار والتصوف، الذي بدأ في القرن السابع الهجري على يدي عبد السلام بن مشيش، وأبو الحسن الشاذلي وصولاً لمحمد الجزولي.وما يميز مخطوطات هؤلاء تلك النتاجات ذات الطابع الروحي التي تلتزم بالشرع والفضائل الوحدانية، وقد اعتنت من حيث الصنعة بنسخها الخطية رائعة التزويق والإخراج ومن ذلك «دلائل الخيرات وشوارق الأنوار في الصلاة على النبي المختار» لمحمد الجزولي، كتب هذا المخطوط بالخط المغربي المحلى بالذهب والألوان، ويتميز بفخامته من حيث التزويق والتذهيب والتلوين، وهي من مقتنيات المكتبة الوطنية في الرباط.الأدب المغربي، لم يكن بعيدا عن التطور، فاستنسخ مصادر الأدب العربي من نوادر ونفائس حيث أسهم علماء المغرب في حركة التصنيف العلمية وانفتحوا كذلك على الشعر الأندلسي والقصائد والموشحات والشعر الملحون والزجل والبديع، واستمر هذا التطور مع انفتاحه على الآداب الأندلسية حتى ما بعد القرنين السابع والثامن الهجريين، وليس أدل على ذلك مخطوطة «ديوان أبي الطيب المتنبي» لأبي جعفر سعيد بن مسعود وهي نسخة بها زيادات في شعر المتنبي لا توجد في سائر نسخ الديوان المعروفة، بما فيها من شروحات للألفاظ اللغوية وذكر لمناسبات القصائد، واشتمل على مقدمة في بيان أهمية شعر المتنبي، كتبت المخطوطة بالخط المغربي المجوهر، وهو أكثر الخطوط المغربية استعمالاً، وبه تحرر الرسائل الخصوصية والعمومية والمراسيم السلطانية كما يكثر استعماله فطبعت به الكتب العلمية وسمي بالمجوهر نسبة لجماله وتناسب حروفه وتناسق سطوره.

مشاركة :