كانت الكهوف الملاجئ والملاذات الأولى للإنسان، وفي عالمنا العربي عُثر على كثير من الأدلة الأثرية التي تدل على استيطان الإنسان للكهوف كالرسوم الصخرية والقبور وبقايا الأدوات الحجرية. في كتابها ما بين المسكن والمعبد في عصور ما قبل التاريخ، تشير الدكتورة زينب عبد التواب، أستاذة الأثار في جامعة أسوان في صعيد مصر، إلى أن الإنسان الذي عاش في الكهوف واستخدم الأدوات الحجرية لم يكن إنساناً بدائياً، كما هو شائع. لازلنا بحاجة إلى الكثير من الدراسات للتعمق في فهم ثقافة الإنسان الأول وحياته، ولا يزال هناك ما يثير الدهشة ولا يوجد له تفسير. فماذا تخبرنا أبرز الكهوف في العالم العربي عمّا تم اكتشافه حتى الآن؟ كهف الوحوش في مصر يقع الكهف جنوب غرب مصر بالقرب من الحدود المصرية الليبية على بعد عشرة كيلومترات من "كهف السباحين". أطلق عليه "كهف الوحوش" لما جاء به من رسوم تمثل حيوانات متوحشة مختلفة ومتعددة الأشكال. وهو كهف نائي حوى العديد من الرسوم لأشكال راقصة وحيوانات غريبة بلا رأس ترجع إلى عصر ما قبل التاريخ. اكتشف الكهف عام 2002 م بالصدفة، وبلغ عدد رسوماته نحو 5 آلاف صورة مرسومة بالألوان أو محفورة على الصخر. وكانت مطبوعات اليد أهم ما يميز الرسوم الصخرية البدائية في هذا الكهف، لربما كانت تعني اسم صاحبها أو مجرد إشارة إلى مرور الإنسان القديم في هذا المكان وترك علامة تدل على وجوده، وفق ما ذكرت عبد التواب في كتابها. إلا أن دراسة حديثة أجريت العام 2016، دفعت عالم البحوث الأثرية إيمانويل أونوريه للاعتقاد بأن البصمات ليست لأيادي الأطفال بل ترجع إلى السحالي الصحراوية أو التماسيح الصغيرة. وعلى عكس الاعتقاد الشائع، استبعد علماء الآثار أن تكون بصمات يد أو قدم نظراً لأن الأصابع صغيرة وطويلة جداً بشكل ملحوظ. كهف السباحين في مصر يقع جنوب غرب مصر بالقرب من الحدود المصرية الليبية في منطقة الجلف الكبير. وقد تم اكتشافه عام 1933 على يد لازلو الماسي. تقول عبد التواب إن الهيئة البشرية ظهرت في رسوم كهف السباحين بملامح لها دلالات متعددة، فالأشكال تبدو وكأنها ترفع يديها وقدميها بطريقة مقوسة للأمام والخلف ما دعى الباحثين إلى تمثيل ذلك بهيئة السباحين. واتخذت الرسوم البشرية النمط الخطي في تنفيذها فكانت أشبه بخيوط رفيعة غير واضحة الملامح، ولربما كانت البيئة في ذلك العهد البعيد تحوي مجرى مائياً استطاع الإنسان القديم أن يصوره ويتخيل عبوره له سابحاً فيه. أقوال جاهزة شاركغردمآسي الحروب في العالم العربي تهدد الكهوف التي تحمل في جدرانها قدرتنا على فكّ ألغاز الإنسان الأول. شاركغردعلى حكومات العالم العربي دعم الاهتمام برعاية الآثار وحمايتها، وتأهيل جيل من الباحثين وعلماء الآثار العرب. كهوف تاسيلي الجزائرية تقع في سلسلة جبال تاسيلي بين الحدود الليبية والجزائرية، في قلب منطقة "جبارين"، وتتكون كهوف تاسيلي من مجموعة تشكيلات من الصخور البركانية والرملية. تتنوع الصور الموجودة بين صور لرعي الأبقار وسط مروج ضخمة وصور لخيول، ونقوش لأنهار ومراسم دينية. ولكن لو اقتصر الأمر على ذلك لما كان هذا الكهف بالأهمية التي يحظى بها الآن وفق ما تقوله عبد التواب في دراستها ما بين المسكن والمعبد في عصور ما قبل التاريخ، وذلك لأن هناك رسومات أخرى أهم، تُظهر مجموعة من البشر يرتدون ملابس غريبة تشبه ملابس رواد الفضاء، وملابس أخرى شفافة غير مألوفة. هناك أيضاً لوحات أشبه بسفن الفضاء وأخرى أشبه بطائرات غريبة الشكل، وأناس يسبحون وسط هذه الطائرات داخل فضاء ربما يمثل مدينة ضخمة متطورة. أذهلت هذه الرسومات العلماء، التي أجمعوا على أنّ عُمرها هو نحو 30 ألف عام، ولا تزال هناك ضرورة لأبحاث إضافية للتوصل لإجابات حولها. كهوف تادرارات الأكاكوس في ليبيا تقع في سلسلة من الجبال في الصحراء الكبرى في غرب ليبيا، رسومات جدرانها وسقوفها تتنوع بين تصوير أشكال آدمية وأخرى من الحيوانات. لطالما استقطبت جبال أكاكوس السياح الراغبين بالاطلاع على الرسوم في فترة ما قبل التاريخ، إلا أن الفوضى الأمنية في ليبيا الآن بسبب الأحداث الدائرة هناك إلى جاب غياب الرعاية وتنظيم السياحة فتحت الباب أمام تخريب بعضها. حيث تضررت النقوش الصخرية التي تعود إلى 21 ألف عام قبل الميلاد، بسبب إقدام البعض على تشويهها برسوم غرافيتي في السنوات الأخيرة، ورش السيّاح المياه عليها لتكون أكثر وضوحاً في الصور. يقول أستاذ التاريخ شوقي مومر، في تصريحات نقلتها عنه وكالة الأنباء الفرنسية: "هذه اللوحات تعتبر من أهم اللوحات في عصور ما قبل التاريخ". ويضيف: "في نهاية التسعينات وبداية الألفية، في العامين 2002 و2003 تعرضت هذه المناطق لأعمال تخريب من قبل المجموعات السياحية والأدلة السياحيين الذين كانوا يرشون المياه... على هذه الرسومات لتكون أكثر وضوحًا في الصور التذكارية". وقال أحمد سرحان المسؤول في وزارة السياحة في غات "التدمير لم يؤثر فقط على اللوحات لكن على المحمية الطبيعية أيضاً". كهف جبل قفزة في فلسطين في مغارة قفزة عُثر على العديد من القبور المهمة، والتي كان من بينها قبر لامرأة شابة وطفلها. وكان الطفل نائما برأسه على صدر أمّه وبين ذراعيه عُثر على هيكل عظمي لغزال صغير. ولعل في ذلك، حسبما تقول الدكتور زينب عبد التواب، إشارة إلى وجود رمزية روحية وأهمية لهذا الحيوان لدى سكان بلاد الشام في العصر الحجري القديم الأوسط. وربما يقترح العثور على مثل هذه الدفنة أيضاً وجود نوع من أنواع العبادة الحيوانية – لو صح التعبير – خلال هذا العصر. وكان لكهف قفزة ثقله وأهميته؛ إذ عثر على عظام حيوانية كثيرة في جميع مستويات الكهف، مختلطة في أكثرها ببقايا عظام آدمية. تقول أستاذة الآثار:" لا ندري أكان الخلط ناتجاً عن العبث أم تكرار السكن في الكهف، أم أنه كان مصادفة، أم هو دفنات مقصودة". كهف الديدرية في حلب يقع هذا الكهف في واد يحمل الاسم نفسه في منتصف الانحدار ما بين نهر عفرين وجبل ليلون، وهو يرتفع عن سطح البحر بنحو 450م. تمّ في الكهف اكتشافان على درجة عالية من الأهميّة: المفاجأة الأولى كانت في موسم تنقيب عام 1993، حينما عُثر على هيكل عظمي كامل لطفل يبلغ من العمر عامين وهو في وضعية توحي بعملية دفن بدائية. وكان هذا الهيكل هو الأكمل لإنسان نياندرتال (البدائي) في العالم. وقدَّر العلماء عمر العظام بحوالي 100 ألف سنة. الطفل الأول أما المفاجأة الثانية فكانت في مؤسم تنقيب عام 1999، حيث عثرت البعثة على هيكل عظمي لطفل نياندرتالي آخر، لم تظهر المعلومات التفصيلية عن عمره وتاريخ وفاته. وبعد أن بانت هذه الأهمية للكهف، وضعت البعثة أبواباً حديدية على بابي الكهف، واعتبر "من المواقع الآثرية النادرة وبالغة الأهمية في العالم". الطفل الثاني وهناك تخوّف حيث تتحدث تقارير عن أن كهف الديدرية في حلب يتعرض للتخريب. مغارة السخول في فلسطين وهي كهف يقع جنوب الطابون، على بعد حوالي 20 كم، جنوب مدينة حيفا، وحوالي 3 كيلومتر من البحر المتوسط. تُعتبر مغارة السخول من أصغر مواقع ما قبل التاريخ في فلسطين، وهي تقع على السفح الغربي لجبل الكرمل.أكمل القراءة نقبت فيها في الثلاثينيات من القرن الماضي عالمة الآثار دوروثي جارود، ووجدت فيها طبقات تعود إلى العصر اللفلوازي – الموستيري، لكن الكشف الأهم هو المقبرة الأولى من نوعها من هذا العصر، التي ضمت 14 شخصاً، من يافعين وأطفال، دُفنوا بعناية في حفر منتظمة وبوضعية مثنية. ودلت الدراسات على انتماء هذه الهياكل إلى نوع الإنسان العاقل الأول، الذي يعرف أيضاً بـ"البكر"، ويعتبر هذا أقدم ظهور لهذا الإنسان خارج القارة الإفريقية. ولوحظ أنه لم توجد مرفقات جنائزية مع الموتى إلا مع أكبرهم سناً، حيث كان يقبض بيده على عظم فك علوي لخنزير بري. وربما يدل هذا على وجود أو تبلور بداية مفهوم للسلطة أو القيادة عند النياندرتالين. ولوحظ أن مدافن الرجال والأطفال عندهم تفوق مدافن النساء عدداً. كهف شانيدار في العراق هو كهف قديم من عصور ما قبل التاريخ يقع في شمال العراق في منطقة إقليم كردستان. في كهف زاوي شيمي شانيدار عُثر على دفنة مهمة وملفتة للنظر، اشتملت على عظام حيوانية وجماجم لحوالي 15 من الماعز، وعظام وريش نسور وصقور بلغت حوالي 17 طائراً. فُصلت العظام ورتبت بوضعية مقصودة، مما ولا شك يدعو للتساؤل عن سبب الاهتمام بدفن النسور والصقور مع جماجم الماعز. كيف استطاع سكان هذا الموقع أن يتمكنوا من الاحتفاظ بمثل هذا العدد من الطيور الضخمة الجارحة؟ ومثل هذا العدد من الحيوانات معاً في الوقت نفسه؟ وما الغرض من وراء تكلف مثل هذا العناء لإتمام تلك الدفنة؟ اقرأ أيضاًهل نستطيع اليوم رؤية الماضي السحيق؟ أجمل تقنيات المستقبل في دراسة التاريخ القديمليس من بينهم أي مصري... أشهر 10 علماء في دراسة علم المصريات6 قصص خلّدتها المعالم الأثرية لتذكرنا بجمال الحب كلمات مفتاحية الآثار بعثات تنقيب عصر ما قبل التاريخ التعليقات الأحدث مقالة الـ22 10 د. منها طائرات ودبابات... أبرز التجارب العربية في إنتاج الأسلحة مقالة مصر 5 د. التطبيقات المشفرة لطلب الحشيش من الديلر بعيداً عن عيون الأمن مقالة فلسطين 4 د. عطوة أبو حماد آخر صانعي الأعواد الموسيقية في غزة مقالة مصر 5 د. قوانين للتسلية والإثارة في مصر... عن رغبة الظهور لدى بعض النواب مقالة لبنان 4 د. القتل العشوائي في لبنان: فنجان نسكافيه أو إشكال مروري قد يودي بحياتك فيديو الـ22رخصة سواقة "ديليفري" ومن دون امتحان مقالة الـ22 7 د. الوصيات على العرش: عندما كانت السلطة الحقيقة في يد النساء مقالة قطر 5 د. من بي أن سبورت إلى كأس العالم... كيف ستتأثر كرة القدم بأزمة مقاطعة قطر؟
مشاركة :