«دركسيونا»... هو تطبيق يساعد النساء في تعلم قيادة السيارات والتعامل مع طرقات القاهرة الخطرة غالبا. تتعرف تريسكا حميد على مدرسة تعليم القيادة وتضع تجربتها بين يديك...إن قيادة السيارة في مدينة القاهرة تكون فوضوية في أفضل الأحوال وخطرة في أسوئها. فالطرق مزدحمة عن آخرها وتأتيك السيارات من كل حدب وصوب ولا يعير السائقون في القاهرة أية أهمية لفكرة الحارات ووظائفها. ويمكن أن تكون تجربة القيادة مزعجة جداً حتى للسائقين المهرة، وفي مجتمع محافظ اجتماعياً كالمجتمع المصري غالباً ما تثني الأسر المصرية النساء عن قيادة السيارة.لكن إحدى رائدات الأعمال تحاول تغيير هذا الوضع، عن طريق توفير منصة لمساعدة النساء في قيادة السيارات وتعزيز ثقتهن على الطرقات.قررت نيروز طلعت، صحافية مقيمة بالقاهرة، التعامل مع المسألة بنفسها عندما اكتشفت أن قلة خبرتها في مجال السيارات تعيق مسار حياتها اليومية. لذلك قامت بتأسيس «دركسيونا»، وهو تطبيق يساعد النساء في حجز دروس تعلم القيادة مع مدربات في مناطقهن السكنية.كانت نيروز تواجه مشكلة في التجول بشوارع القاهرة في إطار بيئة آمنة ومريحة، وهي مسألة تشاركها فيها العديد من صديقاتها.وحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر (CAPMAS)، هناك مليونا سيارة خاصة مرخصة في القاهرة ومليون سيارة في الجيزة. وتعتبر السلامة على الطرقات قضية كبرى في جميع أنحاء البلد، حيث تحصد حوادث الطرق أرواح 12،000 شخص سنويا بحسب منظمة الصحة العالمية (WHO). وأكثر من 60% من الحوادث نتيجة لأخطاء بشرية، ويقدر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن التكلفة الاقتصادية لحوادث الطرق ستصل إلى 31 مليار جنيه مصري بحلول عام 2020.عقدت «دركسيونا» شراكة مع مؤسسة ندى لطرق مصرية آمنة، كما تتعاون مع خبراء الطرق لتجهيز المدربات وإعداد الدروس.وتقول نيروز: «إننا نركز على أمرين أساسيين: تعزيز ثقة السائقات في قيادتهن بداية من مسائل السلامة وحتى الأمور الميكانيكية، وتعليم النساء كيفية قيادة السيارات».بدأت فكرة دركسيونا (مؤنث كلمة «دركسيون» وهي عجلة القيادة في اللهجة المصرية) في مارس من عام 2016. فحينها قررت نيروز تحويل فكرتها إلى عمل تجاري وبدأت في التقدم إلى برامج إعداد رواد الأعمال الشباب، إلى أن قُبلت في برنامج Business Builder في يوليو عام 2016.بعد ذلك، استأجرت نيروز مكتبا في Greek Campus في القاهرة، والذي يعتبر مركزا لريادة الأعمال في المدينة ومأوى للعديد من الشركات الناشئة والشابة.بدأت نيروز في البحث عن شخص يمكنه العمل معها لمساعدتها في استقدام مدربات القيادة، وطورت الموقع الإلكتروني والمنصة خلال الأشهر القليلة اللاحقة. وبحلول نهاية العام الماضي، كانت شركتها جاهزة للانطلاق.واليوم، تضم منصة دركسيونا 300 طالبة و50 مدربة على قيادة السيارات في القاهرة.وحيث إن غالبية مدربي قيادة السيارات في مصر من الرجال، فقد يكون تعلم قيادة السيارة عائقا أمام الكثير من النساء في البلد.لكن منصة دركسيونا تعاملت مع هذه المشكلة مباشرة من خلال السماح للطالبات بحجز الحصص مع مدربة على القيادة عبر منصة إلكترونية، وهي السابقة الأولى من نوعها في مجال تعليم القيادة في مصر.يبدأ سعر الدروس من 500 جنيه مصري مقابل ست ساعات، وينصح بأن تخضع المبتدئات لـ12 ساعة من التدريب على الأقل. وتحصل المدربات على 75 في المئة من الرسوم، ويذهب الباقي لمنصة دركسيونا.ونظراً إلى ارتفاع معدلات التحرش الجنسي بالمرأة، توجد حاجة متنامية لقيادة النساء للسيارات. ووفقًا لتقرير صادر عن الأمم المتحدة، 99،3% من النساء المصريات وقعن ضحايا للتحرش الجنسي، وأكثر أنواع التحرش شيوعا هو التعرض للمس بشكل غير لائق، في حين اعترف 63% من الرجال بتحرشهم بالنساء جنسيا. وتقع أغلب حوادث التحرش الجنسي في وسائل المواصلات العامة والشوارع.علاوة على ذلك، شهدت السنوات الأخيرة زيادة مستمرة في أعداد النساء بالقوى العاملة من 22،4 في المئة إلى 23،1 في المئة، بحسب البنك الدولي، مما زاد أعداد النساء على الطرقات.من المتوقع بحلول نهاية هذا العام تسجيل 6 الاف طالبة في منصة «دركسيونا»، فهي تستقبل حاليا 50 تسجيلا شهرياً.وتقول نيروز: «نشعر بالثقة في خطواتنا، وهناك طلب متزايد على خدمتنا. فكثير من النساء تتطلعن إلى القيادة باستقلالية والاعتماد على أنفسهن».* متخصصة في قضايا وشؤون الشرق الأوسط
مشاركة :