أحالت محكمة جنايات القاهرة أمس أوراق 30 متهما في قضية اغتيال النائب العام المصري هشام بركات إلى مفتي الجمهورية؛ تمهيداً للحكم بإعدامهم. وحددت المحكمة جلسة 22 يوليو (تموز) المقبل للنطق بالحكم.واغتيل بركات في تفجير قرب منزله شمال شرقي القاهرة في يونيو (حزيران) 2015، وحوكم في القضية 67 متهما، من عناصر جماعة الإخوان «المحظورة»، بينهم 51 حضوريا. وتشمل التهم الموجهة إليهم «التخابر مع حركة حماس الفلسطينية بهدف القيام بأعمال إرهابية».ولا يعد الحكم حال صدوره نهائيا، بل سيتم الطعن عليه في جميع الأحوال، حيث يتوجب على النيابة العامة الطعن على الحكم أمام محكمة النقض بشكل إلزامي حتى وإن لم يطعن المتهم.ويلزم القانون القاضي بعرض أحكام الإعدام على مفتي الجمهورية لاستطلاع الرأي الشرعي فيها، لكن رأيه يظل في النهاية «استشارياً»، حيث يمكن للمحكمة أن تقضي بالإعدام بحق المتهمين حتى لو رفض المفتي.وصدرت عشرات الأحكام بالإعدام ضد قيادات وعناصر جماعة الإخوان المسلمين، منذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي عام 2013، حيث تتهمهم السلطات بالمسؤولية عن الأعمال الإرهابية التي تشهدها البلاد.وفي قضية بركات، بلغ عدد المتهمين الذين أحيلت أوراقهم إلى المفتي غيابيا؛ نظرا لكونهم هاربين 15 متهما هاربا، إلى جانب 15 متهما محبوسا احتياطيا على ذمة القضية منذ بدء التحقيقات فيها بمعرفة نيابة أمن الدولة العليا.وقالت محكمة جنايات القاهرة في جلسة الإحالة أمس: إن «القضية عرضت على المحكمة اعتبارا من 17 مايو (أيار) من العام الماضي، وتداولت في 36 جلسة، قامت خلالها بتلبية جميع الطلبات المنتجة لهيئة الدفاع عن المتهمين، دون إخلال أو تقصير، واستمعت إلى جميع شهود الإثبات وعددهم 113 شاهدا، إلا ما استعصى على المحكمة إحضاره نظرا لوفاته».وأضافت أنها «استمعت إلى جميع شهود النفي الذين أحضرهم الدفاع عن المتهمين، وقاربوا 30 شاهدا... كما استجابت لطلبات الدفاع بإحضار جميع الأطباء الذين وقعوا الكشف الطبي على المجني عليه، وكذا الاستماع إلى اللجنة الثلاثية من أطباء مصلحة الطب الشرعي ومناقشتهم بمعرفة المحكمة والدفاع».وذكرت المحكمة أنها استجابت أيضا إلى طلب عرض 35 متهما على مصلحة الطب الشرعي، ممن تمسك الدفاع بعرضهم، وأحضرت المحكمة جميع تقارير الطب الشرعي للمتهمين، وكذا الذين عرضتهم النيابة، مشيرة إلى أن تلك التقارير كافة جاءت لتفيد بعدم وجود إصابات أو آثار لتعذيب، كما عرضت جميع المتهمين تقريبا على مستشفى السجن بناء على طلب الدفاع لتوقيع الكشف الطبي عليهم.وقالت المحكمة إن «المؤامرة الغاشمة والكيد من المأجورين على استهداف المستشار بركات واغتياله، تكاتفت فيها قوى الشر والطغيان من ضعاف النفوس والمفسدين في الأرض، ولا يقوم بها إلا فئة باغية استحلت دماء طاهرة سفكتها طائفة فاجرة استباحوا لأنفسهم دماء معصومة، وتجردوا من مشاعر الرحمة والإنسانية وقتلوا مسلما صائما في نهار شهر رمضان ممن تملكتهم غريزة الانتقام».وأضافت المحكمة، أن «الأفكار المتطرفة تنتشر وتتحرك بسرعة بسبب التقدم السريع في وسائل تداول المعلومات، ولا بد على الدولة المصرية أن تحكم سيطرتها على تلك المواقع والتي تدعو إلى الإرهاب وتحجبها عن التداول حفاظا على الأمن القومي المصري».وأشارت إلى أن «القضاء على الإرهاب يتم بالرقي والثقافة والتنوير ورفه الحالة الاجتماعية للمجتمع وتحسين الظروف المعيشية وتغيير الخطاب الديني المتطرف الذي يفرز إرهابا رغم أنف المجتمع، وتقديم إعلام واع يعالج الفكر والوعي وحل المشاكل الاجتماعي والاقتصادية التي تشكل البيئة الحاضنة للإرهاب».وكانت التحقيقات التي باشرتها نيابة أمن الدولة العليا، قد ذكرت أن المتهمين في تلك القضية منتمون إلى جماعة الإخوان المصنفة تنظيما إرهابيا، وأنهم اتفقوا وتخابروا مع عناصر من حركة حماس وكذا قيادات من تلك الجماعة من الهاربين بالخارج، وذلك للإعداد والتخطيط لاستهداف بعض رموز الدولة المصرية؛ سعيا منهم لإحداث حالة من الفوضى وعدم الاستقرار في البلاد، بغية إسقاط الدولة.وقالت التحقيقات: إن المتهمين أعدوا لتنفيذ مخططهم العدة، بأن شكلوا لهذا الغرض مجموعات نوعية اختص بعضها بالإعداد الفكري لهذه الأنشطة، والبعض الآخر تلقى تدريبات قتالية في معسكرات حركة حماس، تنوعت بين إعداد وتجهيز للمتفجرات ورصد للشخصيات المهمة وتأمين للاتصالات، وما أن تسللوا عائدين إلى مصر، حتى بدأوا في الإعداد لارتكاب جريمتهم.وأوضحت أن المتهمين نقلوا إلى عناصر المجموعات النوعية ما تلقوه من تدريبات في معسكرات حماس، وبعد توفير الدعم اللوجيستي وتصنيع العبوات الناسفة وتجهيزها بالدوائر الإلكترونية اللازمة للتفجير عن بعد، قاموا بزرعها بسيارة تركوها بمكان الحادث الذي سبق رصده وتيقنهم من مرور ركب المستشار بركات في ذلك الوقت منه، والذي ما أن مر به حتى باغتوه بتفجير العبوة الناسفة التي أودت بحياته وأصابت عددا من أفراد القوة المكلفة بحراسته وبعض المارة بالطريق، فضلا عن تخريب وإتلاف الكثير من الممتلكات العامة والخاصة، وذلك في نهار يوم 29 يونيو 2015.وأسندت النيابة إلى المتهمين ارتكابهم جرائم تولي القيادة والانضمام والاشتراك والإمداد لجماعة الإخوان، فضلا عن جرائم تصنيع وحيازة المفرقعات واستعمالها استعمالا من شأنه تعريض حياة الناس والأموال للخطر، وحيازة أسلحة نارية وذخائر بقصد استعمالها في نشاطهم الإجرامي، والاتفاق الجنائي على ارتكاب تلك الجرائم، والالتحاق بمنظمة إرهابية خارج البلاد، والتخابر مع حركة حماس، والقتل العمد والشروع فيه، والتسلل عبر الحدود.واستندت النيابة العامة في أمرها بإحالة المتهمين إلى محكمة الجنايات، إلى ما قالت: إنها اعترافات تفصيلية لـ45 متهما من بين جملة المتهمين المحالين للمحاكمة، مدعومة بمعاينات تصويرية لكيفية ارتكابهم الجريمة... كما كشفت تحقيقات النيابة أيضا من خلال اعترافات المتهمين، قيامهم برصد الكثير من الشخصيات المهمة في الدولة، وأحد أعضاء السلك الدبلوماسي الأجنبي بالقاهرة وأحد الإعلاميين، وبعض المنشآت المهمة تمهيدا لاستهدافها.
مشاركة :