ما هو سر"شجرة مريم" التي يقصدها المسلمون والأقباط رغبةً بالمعجزات؟

  • 6/18/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

أساطير كثيرة تحيط بشجرة جميز قديمة في حي المطرية القديم بشرق القاهرة. فهي لسكان الحي معلم أثري مرتبط بالقصص الأسطورية، وللأقباط والمسيحيين بمختلف مذاهبهم في مصر رمز ديني مهم. اسمها شجرة مريم. وتدور حولها كثير من الأسئلة. فما هي قصة الشجرة التي تبدو وكأنها نمت عرضياً، والتي يحيك وجودها أساطير ومعجزات باتت كاليقين لسكان الحي والكثير من أهل مصر؟ يحيط الشجرة منطقة آثار كاملة، قلما يوجد فيها مرشداً سياحياً يشرح أصلها وتاريخها. في نهاية المزار غرفة يُصعد لها بدرجات، داخلها "مزود" أو سرير حجري يعتقد أن السيد المسيح نام فيه وهو طفل أسفل الشجرة. وقد خضع المزود لترميمات بعد أن ساءت حالته بسبب كثرة لمس النساء له عند التبرك به. الأصل في شكلها الغريب يقول القمص  عبد المسيح بسيط، الكاهن بكنيسة مسطرد الأثرية لرصيف22 إن الشجرة سقطت عام 1656 وتم زراعتها مرة أخرى من فروعها في منطقة مجاورة للموقع الأصلي لها. فنمت ثم سقطت مرة أخرى ليزرع إلى جوارها الجيل الثالث منها مع الاحتفاظ بالجذع الضخم للجيل الثاني من الشجرة والمدون عليها نقوش تحمل أسماء بعض جنود الحملة الفرنسية على مصر 1798-1801. الأصل في الأساطير منطقة المطرية جزء قديم من مدينة هليوبوليس، أو عين شمس المصرية القديمة، التي مرت بها العائلة المقدسة خلال رحلتها من فلسطين إلى مصر هرباً من بطش الملك الروماني هيرودس، وهو المسار المدون من قبل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والمعترف به كأحد مقاصد السياحة الدينية من قبل الحكومة المصرية. وقد ذكرت مخطوطات المؤرخ القبطي أبو المكارم سعد الله جرجس عن كنائس مصر وأديرتها أن مريم العذراء استظلت بالشجرة وأكلت من ثمارها وأقامت تحتها فترة قبل الانتقال إلى عدة مناطق، وصولاً إلى صعيد مصر حيث جبل الطير ودير "درنكة" الشهير. كما نقل القس يوسف تادرس في كتابه عن الرحالة "جون ثينو" الذي زار مصر في القرن الـ16 خلال سفره إلى السلطان الغوري عام 1512، أن منطقة المطرية نزلت فيها العذراء مريم هرباً من اضطهاد هيرودس وتوجد بالمنطقة شجرة كبيرة يقال إنها انحنت لتعطي ثمارها للعذراء.أقوال جاهزة شاركغردذكرت مخطوطات أن العذراء استظلت بشجرة في مصر وأكلت من ثمارها... فكيف أحاطتها الأساطير لاحقاً؟ شاركغردما هي قصة الشجرة "المقدسة" التي يحيك وجودها أساطير ومعجزات باتت كاليقين لسكان منطقة المطرية في مصر؟ رجلان على أحصنة، 1897حينما "بكت الشجرة دماً" يؤمن الكثير من سكان منطقة المطرية، على اختلاف مذاهبهم ودياناتهم، بمعجزات الشجرة. يأتون إليها ويتبركون للاستشفاء بها. يتركون أمام الشجرة قنديلاً مضاءً طوال الوقت، وبالقرب منها بئر عميقة يروي المنطقة في يوم محدد في السنة يجتمع فيه أكثر من ألفي شخص من المسيحيين والمسلمين للتبرك منها. يقول محمود حجازي، الذي يسكن في المنطقة المحيطة بالشجرة، أنه يسمع منذ نعومة أظافره الأساطير حول الشجرة وقدرتها على فك نحس النساء غير القادرات على الإنجاب. وحتى وقت قريب قبل تشييد سور حول حرم الشجرة كان من الممكن مشاهدة نساء يأتين من كافة أنحاء مصر للتبرك بلمس الشجرة أو قطف ورقة خضراء منها للاحتفاظ بها كأحد أسباب البركة. ويتذكر حجازي ومعه القمص عبد المسيح بسيط الكاهن بكنيسة مسطرد الأثرية فترة الستينيات ومحاولة متشددين إسلاميين قطع الشجرة بسبب شدة تعلق الناس بها وتبركهم بها وهو ما اعتبروه بدعة، فانتشرت حينها رواية أن الشجرة نزفت دماً، فازداد إيمان الناس ببركتها وعلت مكانتها لدى الأقباط. ويعتبر البسيط قصة النزف حكاية شعبية يروجها الناس عن بركة الشجرة، وليست بالضرورة حقيقة. Charles Bierstadt مصور أميركي، ولد في ألمانيا (1819 - 1903)الخبز الذي لا يختمر يذكر بسيط لرصيف22 أساطير كثيرة تقال حول الشجرة، لا يوجد حولها تأكيد أو سند تاريخي أو علمي يؤكد صحتها. يقول الناس إن العجين لا يختمر في منطقة شارع الليموني الواقعة جوار الشجرة، والسبب بحسب الأسطورة أن العذراء مريم طلبت من أهالي الشارع بعضاً من خبزهم ولكنهم رفضوا فلعنتهم، ولم يختمر لهم خبزٌ من يومها.أكمل القراءة رائحة البلسان أولى الظواهر التي يقول البعض إنها سبب بركة شجرة مريم هو نمو نبات "البلسان" ذو الرائحة الذكية، والذي ينبت في الأصل بفلسطين، جوار الشجرة قديماً. وفى كتاب "الخطط المقريزية" قال المؤرخ الإسلامي تقي الدين المقريزي إن البلسان نبت أمام الشجرة كأحد معجزات المسيح بعد أن ألقت الأم مريم العذراء الماء الذي غسلت فيه ثياب طفلها على الأرض. فنبت البلسان وظل مشهوراً لفترة في تلك المنطقة بحسب المؤرخين، وأصبحت معروفة بزراعته، بل وأصبح يستخرج منه مادة البلسم الدهنية والمستخدمة في العطور وبعض الطقوس الدينية المسيحية القديمة. نمو البلسان في تلك المنطقة ليس في ذاكرة المؤرخين فقط بل هي قصة شعبية يرويها أهالي المطرية ويتفاخرون بها تدليلاً على البركة التي تكتنف حيهم. ويؤكد مجموعة من الأهالي بجوار مزار شجرة مريم لرصيف22 أن بستان "البلسان" اندثر في تلك المنطقة التي يوجد فيها إلى الآن شارع يسمى "البلسم" نسبة للمادة المستخرجة من تلك النبتة. وقد ذكر القس يوسف تادرس الحومي في كتابه " تاريخ شجرة مريم وكنيستها" أن الشجرة كانت أحد المعالم التي مر عليها عدد من المؤرخين والرحالة العرب والأجانب وزارتها الملكة أوجيني ملكة فرنسا خلال رحلتها إلى مصر، ضمن جولة في أنحاء البلاد، على هامش افتتاح قناة السويس سنة 1869. وكتب أغلبهم عن معجزة نبات البلسان الذي نبت في محيط الشجرة مكونا بستاناً كبيراً. وقد كان النبات ذو قيمة عالية ويباع بأسعار غالية، وهو ما يؤكده المؤرخ الإسلامي الشهير المقريزي الذي وضع كتابه "الخطط المقريزية"، ذاكراً قيمته لدى الحكام إذ كان يُحفظ في خزانات الحكم والقلاع والمستشفيات للعلاج، وكان يستخدم في ماء التعميد، ويتطلب إخراجه من خزانة السلطان مرسوماً رسمياً.تأمين الشجرة يطالب بسيط الحكومة المصرية بتشديد الحراسة على منطقة الشجرة لتأمينها ولجذب السياحة الدينية إليها. ويقول محمد حسين أحد شباب منطقة المطرية ومالك كشك بجوار شجرة مريم إن الحركة السياحية حول الشجرة انخفضت بطبيعة الحال بسبب الاضطرابات السياسية التي مرت بها البلاد خلال السنوات الستة الماضية وقبلها كان يزور الشجرة مئات السائحين يومياً. وحول تطوير منطقة شجرة مريم قال خالد أبو العلا مدير منطقة آثار عين شمس والمطرية بوزارة الآثار المصرية لرصيف 22 إن هناك مشروعاً برعاية ألمانية يتم دراسته في الوقت الحالي لتطوير منطقة الشجرة ويولي المشروع اهتماماً بخفض نسبة المياه الجوفية أسفل الشجرة والمنطقة المحيطة بها في إطار حملة لتطوير العشوائيات تتبناها الحكومة المصرية.اقرأ أيضاًيوسف زوج مريم: كيف تحوّل إلى رمز بعد أن كان مهملاً لقرون طويلة؟من هم الموريسكيون؟ وما هي قصة المخطوطة التي كتبتها العذراء باللغة العربية؟مديح العذراء والمسيح: تراث شعبي مصري     كلمات مفتاحية المسيحية مصر التعليقات

مشاركة :