شنت القوات العراقية أمس هجوماً من ثلاثة محاور للسيطرة على آخر معقل لـ «داعش» في الشطر الغربي للموصل، ورد التنظيم بهجمات انتحارية، وسط أنباء عن استسلام أعداد من عناصره شمال المدينة القديمة. وبدأت قوات جهاز مكافحة الإرهاب الاقتحام من شمال وشمال غربي المدينة، في موازاة تقدم الشرطة الاتحادية من جنوبها. ويواجه الجيش صعوبة في إكمال السيطرة على حي الشفاء في المحور الشمال الشرقي المحاذي لضفة نهر دجلة. وأعلنت قيادة حملة استعادة الموصل أن «قوات الجيش ومكافحة الإرهاب والشرطة باشرت اقتحام المدينة القديمة لتحرير ما تبقى من أيمن المدينة»، في آخر مواجهة يتوقع أن تكون أشد ضراوة، نظراً إلى وجود نحو 700 مسلح محاصرين داخل أحياء متشعبة ذات أبنية متداخلة وأزقة ضيقة. وقال قائد الشرطة الاتحادية الفريق رائد جودت إن قواته «فتحت كل السواتر وشرعت بالتقدم من كراج بغداد للوصول إلى الكورنيش وضفة النهر واستكمال السيطرة على مناطق باب البيض وباب جديد وباب الطوب»، مشيراً إلى «تحرير مبنى الدفاع المدني وقتل الإرهابي كنعان جياد عبدالله الملقب أبو آمنة، مسؤول البوابات والسيطرات العام لولاية نينوى في باب البيض وفي المحور الشمالي». وأفاد مصدر عسكري بأن «التنظيم شن هجمات في محاور حول المدينة القديمة، من جهة باب سنجار، وباب البيض»، إلا أن قائد جهاز مكافحة الإرهاب الفريق عبد الغني الأسدي أكد أن «فرص داعش في شن هجمات بسيارات مفخخة ضئيلة، وهو يستخدم سكان الموصل القديمة دروعاً بشرية ويسخر قدراته الدفاعية لعرقلة تقدم القوات». وتمكن التنظيم طوال الأشهر القليلة الماضية من منع القوات من التقدم للسيطرة على جامع النوري الكبير (جامع الخلافة) الذي شهد أول خطبة لزعيم التنظيم أبو بكر البغدادي معلناً في حزيران (يونيو) عام 2014 «دولة الخلافة في العراق والشام». وذكرت «خلية الإعلام الحربي» في بيان، أن «مفارز العمليات النفسية الميدانية تطلق نداءات عبر مكبرات الصوت على مسامع عناصر داعش الإرهابي لحضهم على تسليم أنفسهم، حرصاً على سلامة المدنيين»، وأضافت أن «مجموعة سلمت نفسها»، من دون أن توضح العدد أو محور القتال الذي تمت فيه عملية الاستسلام. ويأتي ذلك، بعد ساعات من إعلان قيادة الشرطة الاتحادية سيطرتها على «مبنى المجمع الطبي ومصرف الدم في حي الشفاء في عملية ليلية خاطفة، وقتل 19 إرهابياً وتدمير 6 عجلات مفخخة و4 درجات نارية، والاقتراب من ضفة النهر إلى نحو مئة متر»، وأشارت إلى «تقدم وحدات أخرى لتحرير مستشفى الشفاء ومستشفى الجمهوري ومستشفى الطفل وكلية الطب». من جهتها، أكدت «مديرية الاستخبارات العسكرية أمس، «شن الطائرات العراقية ضربات ناجحة أسفرت عن تدمير مقرين ومخزن للأسلحة والأعتدة في قضاء تلعفر، وكذلك تدمير مركز للعمليات ومقر لمبيت العناصر الإرهابية بالإضافة إلى معالجة مقر رئيسي لقادة عرب وأجانب في ناحية المحلبية». وأضافت أن «شعبة استخبارات الفرقة الخامسة عشرة ألقت القبض على 16 إرهابياً من المندسين بين النازحين في قريتي زنانزل والبيوير المحاذية لقضاء تلعفر، وهؤلاء سبق أن شاركوا في معارك الساحل الأيمن للموصل». إلى ذلك، أعلنت «لجنة الإنقاذ الدولية» أن المعركة «مروعة بالنسبة لنحو مئة ألف شخص ما زالوا عالقين في الموصل القديمة، وهم يواجهون الآن خطر أن يحاصرهم القتال الضاري المتوقع أن يجري في الشوارع». وقال الفريق عبد الغني الأسدي: «هذا آخر مسلسل» في الحملة لاستعادة المدينة. ويقدم التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة دعماً جوياً وبرياً للحملة. وكانت الحكومة العراقية تأمل في البداية أن تستعيد الموصل نهاية 2016 لكن الحملة استغرقت وقتاً أطول مع اختفاء الإرهابيين وسط المدنيين. وأوضحت اللجنة أن «مباني المدينة القديمة معرضة للانهيار حتى لو لم يتم استهدافها مباشرة، ما قد يؤدي إلى سقوط قتلى من المدنيين أكثر من المئات الذين قتلوا حتى الآن في الغارات الجوية التي وقعت في بقية أنحاء المدينة». وقتل مئات المدنيين قرب خطوط القتال الأمامية في الأسابيع الثلاثة الماضية بينما كانوا يفرون، إذ لم تتمكن القوات العراقية تأمين ممرات لهم. وقال العقيد سلام فرج: «نتوقع أن تفر آلاف العائلات وقد اتخذنا كل الترتيبات لإجلائهم من خطوط القتال الأمامية». وأعلنت الأمم المتحدة الجمعة أن قناصة «داعش» يطلقون النار على عائلات تحاول الفرار سيراً على الأقدام أو بالقوارب عبر نهر دجلة في تكتيك للإبقاء على المدنيين دروعاً بشرية.
مشاركة :