استضاف مجلس صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بقصر البطين، مساء أمس، محاضرة بعنوان "عام على انطلاق مشروع سولار إمبلس"، ألقاها مؤسسا سولار إمبلس 2" الطيار أندريه بورشبيرغ والطيار بيرتراند بيكارد. شهد المحاضرة سمو الشيخ سعيد بن زايد آل نهيان ممثل حاكم أبوظبي، سمو الشيخ حامد بن زايد آل نهيان رئيس ديوان ولي عهد أبوظبي، وعدد من الوزراء وكبار المسؤولين والشخصيات العامة في الدولة. وتناول المحاضرين طريقة تفكيرهم ومشاركتهم معا، والتي مكنتهما من إنجاز مهمتهما في الطيران الدائم بإستخدام الطاقة الشمسية، رغم ضن جميع الخبراء بأنه مستحيل، وكذلك عرض تجربتهما في رحلة سولار إمبلس خلال الـ 15 سنة الماضية، ومشاركة الحضور بها، حيث قطعا 40 ألف كيلومترا دون وقود، وتجربتهما أيضا على ارض الواقع وما تخللها من نجاحات واخفاقات، وكيف أن العمل المشترك فيما بينهما قاد لهذا النجاح. وأكدا أنهما نجحا في حمل رسالة للعالم في إمكانية التخلص من الانبعاثات الكربونية بنسب تفوق عن 50 %، وهذا هو الهدف الذي كانا يعسيان له، وعليه بني مشروعهما في جولة حول العالم بطائرة تعمل على الطاقة الشمسية فقط، والتي انطلقت من أبوظبي وعادت إلى أبوظبي، متطرقين إلى كيف تم تأمين الشركاء للفكرة المستحيلة التي كانا يقومان بالعمل عليها، والحصول على الدعم المادي وتسخير تكنولوجيا جديدة لخدمة الهدف، وكيف تمكنا من تجاوز كافة التحديات التي واجهتهما، وكان برتراند بيكارد وأندريه بورشبيرغ، قد عادا قبل نحو عام، من رحلتهما غير العادية حول العالم على متن طائرة تعمل بالطاقة الشمسية، وقد جاء هذا الإنجاز بعد أكثر من 15 عاماً من العمل، حيث انبثقت فكرته من الرحلة التي قام بها برتراند لأول مرة حول العالم في سنة 1999 في منطاد مملوء بالهواء الساخن واضطر للهبوط في مصر بعد نفاد الوقود، حيث صمم أن يطير مجدداً حول العالم، ولكن هذه المرة دون أن يكون مقيداً بتوافر الوقود، ظهر حلم الطيران الدائم إلى حيز الوجود مع شريكه أندريه، وقد كان هذا الإنجاز بمثابة رحلة اكتشاف على الصعيدين التقني والشخصي، حيث جمع بين شخصين من عالمين مختلفين كل الاختلاف: برتراند بيكارد وهو طبيب نفسي ومستكشف، وأندريه وهو مهندس ورجل أعمال، وينتمي كلا الرجلين إلى خلفيات وتجارب مختلفة جداً لكنها تكمل بعضها بعضاً، وتوحدها رؤية مشتركة مكّنت كل منهما من إيجاد حلول لم يكن ليجدها بمفرده. وأفادا أن المشروع برهن للعالم أن بوسع التكنولوجيات النظيفة أن تغير طرق الإنتاج والاستهلاك لدينا وهو ما سيحد من تأثيرنا البيئي، وسيؤمن فرص العمل وسيدفع عجلة النمو الاقتصادي. ومنذ الأيام الأولى، لم يكن مشروع سولار إمبلس مصمماً لنقل البشر بل لإيصال رسالة مفادها أن التكنولوجيات النظيفة والفعالة يمكن أن تغير العالم. وأوضحوا أن خبراء الطيران سارعوا إلى استبعاد الفكرة باعتبارها أمراً مستحيلاً بالنظر إلى مقدار الطاقة الشمسية التي يمكن تخزينها وكمية الطاقة اللازمة لرفع أي طائرة عن الأرض، مشيرين إلى أن الخطط قلبت المفاهيم، فركزت على كفاءة الطاقة بدلاً من استهلاك الطاقة والإنتاج، واستغرق الأمر بعض الوقت، ولكن في نهاية المطاف وصلت كفاءة محركات سولار إمبلس إلى 97٪، أي أكفأ بثلاثة أضعاف من غالبية محركات الاحتراق، رغم أن جناحي الطائرة يمتدان بشكل أوسع من جناحي طائرة بوينغ 747، لكنها أخف وزناً من سيارة عائلية. وحول التحديات الشخصية التي واجهتهما خلال هذا المشروع، قالا إنه عندما كان برتراند يركز على تأمين شركاء يشاطرونه التفكير نفسه وعلى زيادة رأس المال للحفاظ على قوة المشروع، قام بتحويل رؤية المشروع إلى رسالة قوية تروّج لاستخدام التقنيات النظيفة، لكنه كان مصمماً أيضاً على قيادة الطائرة ذات المقعد الواحد والتي من شأنها أن تحقق حلمه في نهاية المطاف، ووقتها لم يكن برتراند طياراً مدرباً وقد كان من الصعب جداً عليه السيطرة على سولر إمبلس لكونها خفيفة الوزن، وكان المهندسون متحفظين على أن يقوم شخص محدود الخبرة بقيادة طائرتهم المتطورة، لكن تصميم ومثابرة برتراند مكّنته من الحصول على شهادة الطيران ونيل ثقة فريق الهندسة. وفيما يتعلق بـ "أندريه" فقد واجه تحديات مختلفة، وليس أقلها صناعة طائرة من نقطة الصفر، طائرة قال عنها الخبراء إنها لن تكون قادرة على الطيران. ورغم أنه مهندس وطيار محترف، إلا أن هذه التجربة كانت جديدة بالنسبة له ولفريقه. فقد كان عليهم أن يعيدوا النظر في كل ما يعرفونه عن الطيران، وهذا يعني بناء فريق بمهارات وخلفيات مختلفة جداً، مع طرق غير نمطية في التفكير، لأن التقاء تلك الأفكار هو ما سيساعدهم في التقدم إلى الأمام. وكان على أندريه أيضاً أن يواجه تحدياً يتمثل في التركيز على الإعلام وهو ما لم يكن مرتاحاً إليه ولكنه كان أمراً في غاية الأهمية من أجل تسليط الضوء على سولار إمبلس باعتبارها أكثر من مجرد طائرة تعمل بالطاقة الشمسية، وكونها رمزاً للناس في جميع أنحاء العالم. وقال الطيار بيرتراند بيكارد، إن العزم موصول على إيصال الرسالة التي وضعها فريق العمل والتي تهتم بالبيئة إلى أبعد مدى، حيث يعمل حالياً على تأسيس التحالف العالمي للحلول الفعالة ضمن مؤسسة سولر إمبلس، ويتطلع هذا التحالف إلى إيجاد 1000 حل نظيف وفعال ومربح لمساعدة الحكومات على الوفاء بالتزاماتها حيال اتفاقية باريس للمناخ. وأكد الطيار أندريه بورشبيرغ، أن تصميمه ينصب على استخلاص العبر من مشروع سولر إمبلس، والارتقاء بتقنيات الطيران الإلكتروني، فمن خلال مغامرته الجديدة والتي يطلق عليها اسم H55، سيعمل على تطوير وتسخير إمكانات الدفع الكهربائي في عالم الطيران، مما سيجعل النقل الجوي أنظف، وأكثر هدوءً وأماناً، وأقل كلفة. قال الطيار بيرتراند بيكارد إن مستقبل الطاقة النظيفة يرسم هنا في أبوظبي وأن مستقبل هذا القطاع الذي يحمل بعداً إنسانياً للبشرية كلها مرتبط بعاصمة دولة الإمارات وجهودها الكبيرة ولعل تحليق سولار امبلس فوق أربع قارات وثلاثة بحار ومحيطين خلال رحلتها التي تضمنت 17 مرحلة كان كافياً لتأكيد حجم الإصرار الذي تمتلكه أبوظبي للنهوض بخيارات الطاقة البديلة والنظيفة. وأشار الى أن الإنجازات البشرية العظيمة لا يمكن أن تتحقق بدون استراتيجيات واضحة وبالكثير من الإصرار على الوصول إلى النتائج، مضيفاً بأن تجربة دولة الإمارات أثبتت للجميع بأن الهمم العليا والإصرار المتواصل يمكن أن يحقق ما يعتبره البعض مستحيلاً. وأكد الطيارين اندرية بورشبيرغ أن إصرارالمغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه واضحاً على البناء والتطوير رغم الرتابة التي تحتمها التحديات على عمليات البناء الطويلة الأمد، مؤكداين أن ما تشهده دولة الإمارات اليوم دليل واضح على ما يمكن أن يوفره التخطيط السليم والإصرار على مواصلة البناء والتطوير على مختلف مناحي الحياة وها هي جهود دولة الإمارات تتصدر الجهود العالمية في مجال إيجاد البدائل الحقيقية لموارد الطاقة والتي تتصدر تحديات البشرية بحكم التأثير الكبير لتغيرات المناخ الناجمة عن الإسراف في استخدام موارد الأرض بشكل خاطئ. وتوقعا أن يتم تسير اول رحلة لطائرة تجارية خلال العام 2027 (بعد 10 سنوات) تحمل نحو 50 مسافر، وعمودية بحلول العام 2022 (بعد 5 سنوات) تستطيع حمل 5 ركاب، مؤكدا في الوقت نفسه بان الطيران بالاعتماد على التقنيات النظيفة لم يعد مسألة قابلة للتساؤل بعد الآن، إنها فقط مسألة الإقدام على التنفيذ.
مشاركة :