كان رائد الفضاء أوين غاريوت محقا حين لم يجد وصفا لهذا المكان افضل من" أكبر متحف فضاء في الأرض"! "مرحبا بكم في مركز الفضاء والصواريخ الأمريكية في هانتسفيل" تشير اللافتة عند المدخل، بينما تسرق الانتباه مجسمات عملاقة لصواريخ استخدمت في السفر الى القمر، وأخرى أصغير حقيقية استخدمت في مهمات أخرى. تضيف مقولة غاريوت:" طريقة رائعة للتعرف على الفضاء في مدينة احتضنت برنامج الفضاء منذ البداية". "البيان" زارت هذا المركز، الذي يعتبر اهم مساهم في تشكيل ثقافة الفضاء عالميا خلال النصف قرن الماضي، وقضت فيه خمسة ايام بموازاة زيارة اربع مدرسين منها لبرنامج تدريبي عبر شركة "هانيويل" الاميركية العريقة، وعادت بهذه المعلومات، ليصبحوا جزء من حركة تضم نصف مليون زائر الى هذا المركز سنويا. في مواجهة كرة القدم افتتح المركز، الذي يعرض مئات الصواريخ والإنجازات والتحف من برنامج الفضاء الأمريكي في عام 1970، بعد البعثة المأهولة الثانية إلى سطح القمر. ويعرض ليس فقط أجهزة برنامج أبولو ولكن أيضا يضم معارض العلوم التفاعلية، مكوك الفضاء وصواريخ الجيش والطائرات. ويحوي أكثر من 1500 قطعة من قطع الصواريخ وتحف الفضاء التقنية . ويقدم المركز رحلات بالحافلات لمركز مارشال الفضائي القريب. تم إقتراح فكرة المتحف لأول مرة من الدكتور فون براون الذي قاد جهود الولايات المتحدة لإسقاط أول رجل على سطح القمر. فهم براون هيمنة كرة القدم في ثقافة ألاباما، وأظهر إعلان تلفزيوني على مستوى الولاية استفتاء على المشروع الذي يتطلب 1.9 مليون دولار لتمويل بناء المتحف. وفي نوفمبر 1965 تبرع الجيش الأميركي في الولاية بالأرض وبدأ تنفيذ المشروع. ولجذب السياح كان لا بد من "جوهرة للتاج"! صاروخ "زحل" واشياء اخرى وهكذا وقبل الإفتتاح تم العمل على إحضار صاروخ ساتورن 5 (زحل 5) الأصلي، المعروف شعبيا بصاروخ القمر، وهو صاروخ الوقود السائل متعدد المراحل الذي استخدم في "برنامج أبولو" التابع لناسا لهبوط أول إنسان على سطح القمر عام 1969. وكذلك برنامج سكايلاب من 1967 حتى 1973 لتوصيل وبناء محطة فضاء – الذي يقف اليوم نموذجا طبق الأصل منه منتصبا في المتحف بعد الانتهاء من بنائه في الذكرى السنوية الثلاثين لهبوط أبولو 11 على سطح القمر، في يوليو 1999. وأفتتح المركز عام 1970 وأصبح بمثابة "الراعي الرئيسي" لجناح الولايات المتحدة في المعرض العالمي عام 1982، وكل ما يختص معارض الفضاء والطاقة. ومنذ ذلك الحين، قام حوالي 17 مليون شخص بجولة في المركز. حيث يزور المركز 650 الف طالب سنويا من طلاب المدارس. كما يقدم عشرات المعارض التفاعلية التي تجذب الضيوف مما دفع أحد المسؤولين إلى القول : "هنا، يمكن للجميع أن يكون رائد فضاء في يوم واحد!". ويوفر المركز برنامجين على شكل مخيم فضائي وهما: "مخيم الفضاء الأمريكي" والذي يقدم معلومات عميقة عن برنامج الفضاء من خلال استخدام المشاركين للمحاكاة والمحاضرات والتدريبات، اضافة الى برنامج "تحدي الطيران" الذي يقدم محاكاة قيادة مقاتلة عسكرية والعديد من المحاضرات، وتمارين البقاء على قيد الحياة. ويوفر كلا المخيمين برامج تعليمية للزائرين بشكل يومي من الأطفال والكبار. أطفال من السعودية " صباح اليوم ودعنا وفدا مكونا من استاذا وأكثر من عشرين تلميذا من المملكة العربية السعودية"، تقول بشيء من الفخر بريندا كار، نائب الرئيس لتطوير الاعمال في المركز:" حين يأتي الاساتذة لأول مرة ضمن برنامج تدريبي، مثل برنامج هانيويل الذي يجري هذا الاسبوع، لا يلبثوا أن يعودوا الينا مصطحبين تلامذتهم من بلادهم البعيدة. الاطفال يأتون بفضول عظيم فهم متعلقون بالفضاء اكثر مما نتخيل". ويعتبر هذا المركز مقصدا للأطفال من الولايات المتحدة ودول كثيرة في العالم، وفيه منطقتان جاذبتان لهم بشكل خاص تحاكي السير في الفضاء و تعزز اللعب الخيالي عن طريق لعبة رحلة متخيلة إلى المريخ داخل سفينة الفضاء مع بعض الرسوم المتحركة. ويحظى مدفن "الآنسة بيكيري القرد" باهتمام خاص لدى الاطفال. وبيكيري هي اول قرد فضاء أميركي صعد إلى الفضاء عام 1979 وظل حيا بعد عودته حتى مات عام 1984، وهو من الفصيلة السنجابية. أهم المعروضات ليس الاطفال فقط هم من يهتم. فالكبار ينجذبون ايضا الى هذا المكان الذي يضم معروضات تتعلق بقنابل ومهمات حربية وسلمية لا يقوى عليها الصغار، يصل عددها الى اكثر من ماذا نجد هنا؟ معلومات عن الجهود الصاروخية البدائية المستلهمة من القنبلة الألمانية الطائرة ، والصواريخ التي حملت المكوك الفضائي إلى زحل والمشتري، ومكوك الفضاء باث فاندر الذي شيد من قبل وكالة ناسا سنة 1977، وبلغ وزنه 75 طن، وتم تصنيعه في مركز مارشال لبعثات الفضاء لغرض استخدامه في تجارب حول الأرض. أيضا تنتشر في المكان صواريخ عسكرية كبيرة باليستية، صاروخ أرض-جو من طراز هوك، صاروخ سطح - أرض من طراز هيرميس ، وصواريخ ذات رؤوس نووية من طراز باتريوت استخدمت لأول مرة في حرب الخليج عام 1991. أما المفتونون بمعرفة اسرار عمل المحركات العملاقة فسيجدون ضالتهم في هذا المكان الذي يشمل المحركات الصاروخية التي أنتجت الوقود لدفع المركبات نحو القمر في رحلة برنامج أبولو إضافة إلى نموذج غرفة التحكم التي أدارت منها ناسا الإطلاق. عينة من صخور القمر موجودة في علب شفافة تحميها، اذ هي "من أكثر الأشياء التي يبحث الزوار عنها لرؤيتها". وأيضا هناك سكاي لاب أو معمل السماء)وهي أول محطة فضاء أطلقتها الولايات المتحدة في مايو 1973 دون مساهمة دول أخرى. ولا يجب ان ننسى جهاز الطرد المركزي الذي يتيح للزائر محاكاة تجربة إنعدام الوزن لمدة 2-3 ثواني. " لدينا ايضا البرامج التثقيفية لمحاكاة التدريب العملي لرواد الفضاء، والتي تدربهم على الإقامة في المركبات الفضائية والانتقال خارجها. وتنشر علوم السفر( الجاذبية – التوازن – توجيه القوة – الاحتراق الوقودي..) عبر الفضاء والمخاطر الجسدية والعقلية المتوقعة"، تقول كار. شكل الفضاء المستقبلي وتغطي المعروضات أيضا مستقبل رحلة الفضاء. بحيث يقدم معرض Orion CEV شكل المركبة الفضائية المستقبلية لناسا ، ونموذج "بيلغلو" التجاري للسياحة الفضائية. ومنذ صيف عام 2010، بدأ مركز الفضاء والصواريخ استضافة المعارض السياحية. مثل: معرض "حرب النجوم"، حيث يلتقي العلم بالخيال السينمائي، ومعسكر جيدي للتجارب، وهو مسمى على اسم شخصيات خيالية من إنتاج والت ديزني تظهر في أفلام ومسلسلات "حرب النجوم" تتألف من مجموعة أشخاص منهم موسوعيون و معلمين وفلاسفة و علماء وأطباء ودبلوماسيين ومحاربين ، تتركز مهماتهم على مساعدة الفقراء والتطوع لمحاربة الأعداء وحماية المدنيين وأعمال خيرة أخرى، وبالامكان التعرف عليهم بسهولة من خلال سلاحهم التقليدي وهو السيف المضيء. كما يستضيف المركز سنويا منذ عام 1994 "سباق عربات القمر" Moon buggy Race، الذي يتبارى فيه طلاب المدارس الثانوية والكليات لتصميم وبناء عربات قمريّة صغيرة يمكنهم تجميعها في الموقع وركوبها عبر تضاريس القمر التي يتم محاكاتها.
مشاركة :