الموصل (العراق) - ا ف ب، رويترز - توغلت القوات العراقية، أمس، في عمق المدينة القديمة في غرب الموصل، في إطار هجومها على آخر حصن لتنظيم «داعش» في المدينة، محذرة المدنيين من التواجد في أماكن مفتوحة وداعية المتطرفين إلى الاستسلام.وقال القائد في قوات مكافحة الإرهاب اللواء الركن معن السعدي «بدأنا عند الساعة السادسة صباحاً بالتقدم إلى عمق البلدة القديمة وسيطرنا على مناطق جديدة في حي الفاروق».وأشار إلى أن «داعش يبدي مقاومة شرسة»، مضيفاً «لقد أقفلوا كل المداخل، وزرعوا العبوات الناسفة وفخخوا منازل قد تكون قواتنا قريبة منها».وأكد أن «تحقيق الاختراق كان صعباً للغاية. المعركة حالياً (باتت) وجهاً لوجه».وفي محاولة لعرقلة تقدم القوات العراقية، استخدم عناصر التنظيم الانتحاريين والمفخخات، حيث فجر 12 انتحارياً بينهم ثلاث نساء أنفسهم فيما تم تفجير 10 سيارات مفخخة.ويؤكد قادة عسكريون أن عناصر التنظيم يظهرون مقاومة شرسة، فيما يتزايد القلق حيال مصير أكثر من مئة ألف مدني ما زالوا محاصرين داخل المدينة القديمة.وتمثل عملية اقتحام المدينة القديمة في غرب الموصل حيث الأزقة الضيقة والمباني المتلاصقة، تتويجا للحملة العسكرية التي بدأتها القوات العراقية قبل أشهر لاستعادة كامل مدينة الموصل، وهو ما سيشكل النهاية الفعلية للجزء العراقي من «الخلافة» المزعومة العابرة للحدود التي أعلنها «داعش» صيف العام 2014، بعد سيطرته على مناطق واسعة من العراق وسورية.وعلى الضفة المقابلة من نهر دجلة، تمركزت آليات هامفي قرب المسجد الكبير في شرق الموصل المواجه للمدينة القديمة، وبدأت تبث عبر مكبرات الصوت رسائل إلى المدنيين و«الدواعش».وأكدوا للمدنيين المحاصرين داخل المدينة «نحن قادمون إلى المدينة القديمة، القوات الأمنية على وشك إنهاء معاناتكم. شرق الموصل وغربها سيتحدان مجدداً قريباً».أما للمتطرفين، فخيرتهم القوات الأمنية بين قرارين: «الاستسلام أو الموت».وفي وقت متأخر من مساء أول من أمس، ألقت القوات العراقية ما يقارب 500 ألف منشور في سماء الموصل، لتعلم المواطنين بأنها «تحيط بالموصل القديمة من كل مكان، وقد شرعت بالهجوم من جميع الاتجاهات».ودعا المنشور المواطنين إلى «الابتعاد عن الظهور في الأماكن المفتوحة و... استغلال أي فرصة تسنح أثناء القتال ستوفرها القوات والتوجه إليها، تفاديا لاستغلالكم كدروع بشرية».ووسط توقعات بصعوبة القتال وترجيحات باستمرار المعارك لأسابيع، تتعاظم المخاوف على أكثر من 100 ألف مدني محتجز لدى مسلحي «داعش» كدروع بشرية، نصفهم تقريباً (50 ألفاً) من الأطفال، حسب منظمة «سيف ذا تشيلدرن».وقالت آنا لوكسين من المنظمة إن هؤلاء الأطفال «يعانون من نفاد الغذاء والماء، ويواجهون العنف أينما توجهوا»، مضيفة «من المرجح أن يكون تأثير المدفعية والأسلحة المتفجرة أكثر فتكا وعشوائية، ما يجعل الأطفال الضعفاء أكثر عرضة للخطر».وبعد ساعات من انطلاق الهجوم، أول من أمس، أجلت القوات العراقية أكثر من 500 مدني، غالبيتهم من النساء والأطفال.وعلى جبهة أخرى، شن عناصر «داعش» هجوماً على مواقع لميليشيات «الحشد الشعبي» قرب الحدود العراقية - السورية غرب مدينة الموصل، حيث استمر الهجوم نحو ساعتين واستخدمت فيه الأسلحة المتوسطة والصواريخ.في سياق متصل، أفاد ديبلوماسيون أن الاتحاد الأوروبي قد يرسل بعثة أمنية جديدة للمساعدة بتحقيق الاستقرار في العراق بعد تحرير الموصل، لكنهم قالوا إن الخطط لا تزال في مرحلة مبكرة.
مشاركة :